أزمة قانونية بين الحكومة المصرية والقضاء

11 اغسطس 2015
محلب والزند يحاولان ضمان ولاء القضاة للنظام (فرانس برس)
+ الخط -

شهدت كواليس نظام عبدالفتاح السيسي في مصر، خلال الأيام الماضية، خلافات بين حكومة إبراهيم محلب ومجلس القضاء الأعلى حول رغبة وزير العدل، أحمد الزند، الذي يقود الجناح المتشدد داخل الحكومة، في تمرير قانون يلغي إلزام المحاكم بسماع الشهود في القضايا الجنائية المعروضة عليها.

وسبق لمجلس الدولة، ثاني أكبر جهة قضائية، أن رفض هذا المشروع عند طرحه أول مرة في عهد وزير العدل السابق، محفوظ صابر، إلا أن الزند أعاد طرحه مرفقاً مع تعديلات أخرى على قانون الإجراءات الجنائية، مدعوماً من السيسي نفسه، الذي وجّه أكثر من مرة لتعديل القوانين بما يسمح بإصدار أحكام سريعة في قضايا ما بعد 30 يونيو المعروفة إعلامياً في مصر بقضايا الإرهاب.

ووفقاً لمصادر حكومية مطلعة، فإن مجلس القضاء الأعلى الذي ليست له مواقف سياسية معارضة للنظام، حذر من أزمة قانونية تعجّل بصدور حكم بعدم دستورية هذا القانون في حال تمريره، وحذر، أيضاً، من تجاهل الحكومة للملاحظات الأخرى التي سجلها على مشروعات الزند.

واقترح الزند، أيضاً، إلغاء الطعن الوجوبي للنيابة العامة على أحكام الإعدام الصادرة من محاكم أول درجة، ورفض مجلس القضاء ذلك باعتباره إجراء يضمن حق المتهم في الحياة والدفاع عن نفسه.

كما اقترح تغيير نظام إصدار الأحكام الغيابية ضد المتهمين الهاربين أو الذين لم يُقبض عليهم ولم يقدموا للمحاكمة، بحيث ﻻ تعاد إجراءات محاكمتهم من البداية، بل يثبّت الحكم ضدهم بالإدانة بمجرد القبض عليهم. واعترض مجلس القضاء، أيضاً، على هذا المقترح، باعتباره خروجاً عن المبادئ القضائية في جميع دول العالم، وانتقاصاً من ضمانات الدفاع المقررة في الدستور.

وأوضحت المصادر الحكومية، أن زيارة محلب والزند مجلسَ القضاء أول من أمس، كانت محاولة لرأب الصدع بين الطرفين، وطمأنة القضاة وضمان ولائهم للنظام، وعدم إغضابهم، وخصوصاً أن الدستور يجعل رأيهم في هذه المقترحات استشارياً وغير ملزم، وبالتالي يمكن تجاهله.

اقرأ أيضاً: مصر: "إنجازات السيسي الديمقراطية" تدحضها قراراته

وأكدت المصادر أن السيسي نفسه يميل إلى تبني مقترحات الزند، لأنها متماشية مع التوجّه العام للدولة، والذي يتسم بالانتقامية تجاه "الإخوان المسلمين" والتيارات السياسية الأخرى، خصوصاً بعد تبنّي جهاز الشرطة سياسة التصفية المباشرة و"الضرب في سويداء القلب" مع قيادات "الإخوان" الذين يتم القبض عليهم، بدلاً من إحالتهم للنيابة وتوجيه الاتهامات إليهم، كما كان يحدث في العامين الماضيين. لكن ما تخشاه الحكومة هو أن تتحوّل الأزمة القانونية حول تعديلات قوانين المحاكمات مع مجلس القضاء الأعلى إلى أزمة سياسية تشقّ صف النظام بإثارة غضب القضاة، ﻻ سيما أن الدولة تستعد لإجراء الانتخابات البرلمانية التي سيشرف عليها القضاة.

وذكرت المصادر، أن السيسي بلغته تقارير أن القضاة غضبوا بسبب الطريقة التي تحدث بها عن "محاكمات الإرهابيين" خلال مشاركته في تشييع جنازة النائب العام الراحل، هشام بركات، والتي اتسمت بالعصبية.

وامتازت العلاقة بين السلطة التنفيذية والجيش من جهة، والسلطة القضائية من جهة أخرى، بالتآلف وغياب المشاكل منذ عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي، خصوصاً بعد اختيار رئيس المحكمة الدستورية لتولي منصب الرئيس المؤقت للبلاد.

غير أن الحساسيات بدأت تظهر بين الطرفين بعد صدور فتوى مجلس الدولة بعدم تطبيق قانون السيسي بوضع حد أقصى للأجور على جميع أعضاء السلطة القضائية، وهو ما أثار غضب السيسي، وأظهر له أن القضاة يمكن أن يسببوا له مشاكل حفاظاً على مصالحهم الخاصة.

اقرأ أيضاً: مصر: احتدام سباق رجال الأعمال لشراء الفلول لضمان البرلمان

المساهمون