بدأت تتجلى عملياً ملامح أزمة جديدة في العلاقات المصرية- السودانية، بعد عدة أشهر من التوافُق في الرؤى والدعم المصري للنظام السوداني الحالي بقيادة الرئيس عمر البشير، في ظل الاحتجاجات المطالبة برحيله، والسبب مزايدة للتنقيب عن البترول طرحتها القاهرة في منطقة حلايب وشلاتين المتنازع عليها، وسط اعتراض الخرطوم.
واندلعت الأزمة بعدما طرحت شركة جنوب الوادي المصرية القابضة للبترول مزايدة بعشرة قطاعات في البحر الأحمر للتنقيب عن النفط والغاز، في مزايدة عالمية، في العاشر من شهر مارس/ آذار الجاري، محددةً الأول من آب/ أغسطس لغلق باب التقدم للمزايدة.
وكشفت مصادر دبلوماسية سودانية مشرفة على ملف العلاقات بين البلدين، "للعربي الجديد"، أن الجانب المصري خالف كافة الاتفاقات المتعلقة بملف بمنطقة حلايب وشلاتين.
وحسب المصادر فإنه "تم التوافق خلال اللقاء الذي جمع الرئيسين عمر البشير وعبد الفتاح السيسي في الخرطوم في وقت سابق، على تسكين هذا الملف ووقْف أي أنشطة من شأنها المساس بسيادة أيٍّ من الدولتين عليها، على أن يتم اعتبارها منطقة تكامل بين البلدين، لحين تهيئة الظروف السياسية في البلدين واستقرارها لبدء حوار حولها، مع الاتفاق على تسيير قوات عسكرية مشتركة بطول الشريط الحدودي لتأمين تلك المنطقة، وتنسيق عسكري رفيع المستوى بين المسؤولين من الجانبين بشأنها".
وقال وزير الدولة بوزارة النفط بالخرطوم، سعد الدين حسين البشري، في تصريحات رسمية أمس الأربعاء إن ما قامت به مصر يعتبر عملا غير قانوني، وتترتب عليه آثار قانونية سوف تتحملها الجهة التي تقوم بهذا العمل.
وبحسب مصادر حكومية مصرية "فإنه سيتم الرد على الجانب السوداني بشأن الملاحظات التي تقدم بها، بشكل واضح، لأن المزايدة مطروحة على أراضٍ مصرية 100%"، مضيفة "للأسف الموقف السوداني يعطل المصالح المصرية، لأن ذلك الرفض سيجعل الشركات العالمية تمتنع عن التقدم لأن الاستثمار الأجنبي يخشى الدخول لمناطق عليها نزاعات".
تجدر الإشارة إلى أن هناك نزاعا بين كل من السودان ومصر حول مثلث حلايب، وشلاتين، وأبو رماد، حيث تطالب الخرطوم بتبعية المنطقة لها منذ عام 1958، فيما تؤكد القاهرة أنها أراضٍ مصرية، ورفضت مصر في عام 2016 طلبا من الخرطوم لبدء مفاوضات لتحديد الأحقية في السيادة على المثلث أو السعي إلى التحكيم الدولي.
يأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه مصادر دبلوماسية مصرية، عن إلغاء الاجتماع الخاص بسد النهضة، والذي كان مقررا عقده في القاهرة في مارس/ آذار الجاري، على مستوى وزراء خارجية ومياه مصر والسودان وإثيوبيا، بعد اعتراض الجانب الإثيوبي على عقده في هذا التوقيت.