أزمة بغداد وأربيل تعيد الصراع بين حزبي البارزاني والطالباني

أزمة بغداد وأربيل تعيد الصراع بين حزبي البارزاني والطالباني

15 اغسطس 2020
أهالي السليمانية يطالبون بصرف الرواتب وتحسين المستوى المعيشي (فرانس برس)
+ الخط -

أشعلت الخلافات التي تصاعدت أخيراً بين حكومتي بغداد وأربيل حدّة الانقسام بين الحزبين الكرديين الرئيسين؛ الاتحاد الوطني الكردستاني "حزب الطالباني" والحزب الديمقراطي الكردستاني "حزب البارزاني"، اللذين وصلت الأمور بينهما إلى طريق مسدود، وسط اتهامات وُجهت إلى بغداد بتأليب الشارع الكردي وتأجيج الخلاف.

وعقب بيانات متبادلة بين الحكومتين، والتي نتج عنها تعليق التفاهمات وعدم صرف الرواتب من قبل بغداد للإقليم، خرج المئات من أهالي مدن عدّة في محافظة السليمانية، "معقل حزب الطالباني"، مطالبين بصرف الرواتب وتحسين المستوى المعيشي، واستقالة حكومة الإقليم "التي يقودها حزب البارزاني" وبرلمان كردستان، وقد تطورت التظاهرات إلى صدام بين المتظاهرين وعناصر الأمن، الذين استخدموا الهراوات لتفريقهم.

وعلى أثر ذلك، صوّت مجلس محافظة السليمانية على مشروع اللامركزية الإدارية والمالية في الإقليم، والذي يخرج المحافظة عن دائرة الارتباط بحكومة الإقليم، "أي أن السليمانية ستسلّم وارداتها من المنافذ والنفط وغيرها إلى بغداد بشكل مباشر، مقابل أن تتسلم رواتب موظفيها بشكل مباشرة من بغداد"، وهي خطوة لا يتوقع منها أن تُنفذ فعلاً بقدر ما تعتبر محاولة من حكومة السليمانية والاتحاد الوطني الكردستاني لإخراج نفسيهما من دائرة الغضب الشعبية بالمحافظة.

لكن النائبة عن الاتحاد الوطني الكردستاني آلا الطالباني، والتي حمّلت، خلال حديثها مع "العربي الجديد"، حكومة أربيل "مسؤولية فشل الحوارات مع بغداد، وغبن حكومة السليمانية، أكدت أن المواطنين في الإقليم يدفعون ثمناً باهظاً.

وأضافت: "طيلة الفترة الماضية كنا نعول على حصول تقدم في الحوار بين الحكومتين الاتحادية وحكومة كردستان بشأن الملفات العامة، وكانت هناك نتائج إيجابية واتفاقات أولية بين الطرفين، لكن المفاجئ أن حكومة كردستان رفضت تلك التفاهمات، ما أعادنا إلى المربع الأول ونقطة الصفر بتلك الحوارات".

وشددت على  أن "الشعب لا يقبل بذلك، الإقليم شهد تظاهرات ومطالبات بصرف الرواتب المتأخرة، وهذا من حق المواطن"، داعية حكومة الإقليم إلى "التوصل إلى حل مع بغداد، بشأن الرواتب والملفات الأخرى".

وهددت، بـ"خيارات أخرى" قد يلجأ إليها حزبها (الاتحاد الوطني)، مؤكدة أنه "سيتم العمل باتجاه ربط موظفي الإقليم بحكومة بغداد بشكل مباشر، ليستلموا رواتبهم من الحكومة الاتحادية من دون تدخل حكومة الإقليم".

 وأضافت "نحن كاتحاد وطني كردستاني، لن نبقى متفرجين على معاناة الموظفين وهم لا يتسلمون رواتبهم، في ظل هذه الظروف، لذا سنطلب من بغداد أن ترسل الرواتب بشكل مباشر إلى كل محافظات الإقليم ليس إلى السليمانية فحسب، لا سيما أن الاتحاد الوطني موجود في كل تلك المحافظات".

وتابعت أن "القضية لا يمكن أن تكون سياسية، بل هي قضية قوت الشعب، ونتمنى أن تكون هناك حلول قانونية دستورية".

من جهته، تجنّب حزب البارزاني التعليق على هذا التصعيد والانقسام، إلا أن مسؤولين كرد، أكدوا أن هناك محاولات للتهدئة بين الحزبين، محذرين من خطورة ما قد يقدم عليه حزب الطالباني من إبرام تفاهمات أحادية مع بغداد.

وقال مسؤول في حكومة الإقليم لـ"العربي الجديد" إن "الوضع متوتر بين الحزبين، وإن الخلاف يتصاعد مجدداً بينهما، وإن أي اتفاق أحادي بين حزب الطالباني مع بغداد يمثل خروجاً وتمرداً على إرادة حكومة الإقليم، وستكون له تداعيات خطيرة"، مؤكداً أن "هناك محاولات واتصالات تجريها بعض الأطراف الكردية، لتهدئة الوضع قبل أن يخرج عن إمكانية السيطرة عليه".

وألقى حزب البارزاني باللوم على بغداد، متهماً حكومتها بـ"السعي لاستفزاز وتحريض مواطني الإقليم ضد حكومتهم"، وقال القيادي في الحزب، النائب السابق عرفات كرم، في تغريدة له، إن "بيان وزير المالية الاتحادي حول حكومة كردستان مستفزٌ ومجحفٌ، وتحريضٌ لمواطني كردستان ضد حكومتهم"، داعياً النواب الكرد إلى "استجواب الوزير فوراً لسحب الثقة منه، لأن تجويع شعب كردستان جريمة نكراء وخرق للدستور العراقي، وعلى الكاظمي رفض أي سياسة تفسد العلاقة بين أبناءً الشعب الواحد".

نواب في بغداد ربطوا بين موعد إجراء الانتخابات المبكرة والخلاف الكردي الكردي، مؤكدين أن ما يحدث بين الحزبين هو "صراع على زعامة الإقليم".  

وقال النائب عن تحالف القوى أحمد مظهر الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "الخلاف الكردي الكردي هو قديم، واليوم مع تحديد موعد الانتخابات البرلمانية، فإن كل حزب سيأخذ موقفاً معيناً، ما سيزيد حدة الخلاف بينهما، وإن كلا منهما يحاول أن يفرض سيطرته ويلقي بالتهم على الآخر بالفشل".

وأكد أن "هناك تعنتاً من قبل الكرد في الملفات العالقة مع بغداد، وأنهم لم يكونوا صادقين بالتفاهمات معها بشأن واردات النفط والمنافذ، وعلى ما يبدو فإنهم يحققون استفادة من تلك الواردات"، معتبراً أن "اتهام بغداد بمحاولة استفزاز وتحريك الشارع الكردي ليست بمحلها، بل إن ما يحدث هي مشاكل حزبية داخلية في الإقليم".

وأشار إلى أن "الوضع يتجه نحو التعقيد في حال استمر التزمت الكردي تجاه الملفات، لكن لا بد من حل هذه المشاكل وإلا فإن الخلاف سيتصاعد بين الأحزاب الكردية".