من المقرر أن تبدأ اليوم الخميس اجتماعات لجنة مشتركة من تحالفي "سائرون"، بزعامة مقتدى الصدر، و"الفتح"، بزعامة هادي العامري، الذي يمثل "الحشد الشعبي" وباقي القوى التي تدين بالولاء لإيران، للتوافق على أسماء المرشحين لرئاسة الحكومة، قبل رفعها إلى النجف لعرضها على المرجع الديني، علي السيستاني، الذي بدا أن نجله محمد رضا السيستاني يلعب دوراً في تقريب وجهات النظر بين القوى الشيعية المختلفة.
وقال قيادي بارز في تحالف "الفتح"، بزعامة العامري، لـ"العربي الجديد"، إنه "بات هناك أربعة فلاتر يجب على أي مرشح أن يجتازها للوصول إلى رئاسة الحكومة"، مبيناً أن "اللجنة المشكلة من سائرون والفتح أولها، وهي تنظر في ملفات المرشح وتاريخه السياسي، ثم يأتي بعد ذلك فلتران أميركي وإيراني، ووجود اعتراض من أي من الجانبين، خصوصاً الإيراني، يعني أن هناك مشكلة"، لكنه استدرك "بالنسبة للأميركيين، فإنهم قادرين على التعامل مع أي شخصية تصل، لكن الإيرانيين متطرفين في مسألة من سيكون رئيس وزراء العراق". واعتبر أن "السيستاني سيكون الفلتر الرابع، إذ يجب أن يتطابق المرشح مع مواصفات المرجع، وكونه غير مجرب سابقاً وليس عليه أي تهم فساد، فضلاً عن تعهده بمحاربة الفساد وتوفير الخدمات". واعتبر أن "التوافقات الداخلية والخارجية، ورأي المرجعية الدينية سيحسم الفائز بهذا المنصب". وقال "الحكومة ستُشكل بالتوافق بين قطبي المعسكرين، سائرون والفتح، وجناحا حزب الدعوة (نوري المالكي وحيدر العبادي) لن يكونا في أي منصب سيادي بهذه الحكومة".
وقال سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، وهو أحد قيادات تحالف "سائرون"، رائد فهمي، لـ"العربي الجديد"، إن "خيار المعارضة ما يزال الأقرب لسائرون في حال عدم التوصل إلى تشكيل حكومة إصلاحية". وأضاف فهمي "ذهابنا للمعارضة السياسية مرهون بعدم تحقق الحد المعقول من متطلبات الحكومة الإصلاحية، ولكن حتى الآن الحوارات السياسية قائمة، وإذا لم نوفق بتشكيل الحكومة الجديدة على أنها عراقية خالصة، فخيار المعارضة هو الحل". وأشار إلى أن "البعض يريدنا أن نتجه صوب المعارضة من البداية، أي من بعد إجراء الانتخابات، لكي يعمل ومن معه على تسيير الأمور وفق التوافق السياسي والمصالح الحزبية الضيقة، والعودة إلى المحاصصة. وهناك أحزاب تريد من سائرون الاستعجال بالذهاب نحو المعارضة، كي يعملوا على تشكيل الحكومة وتوزيع المناصب بالطرق القديمة نفسها، لكننا نحاول دفع الأمور لتكون على عكس منهاج المحاصصة، وإذا فشلت جهودنا فإن المعارضة هي وجهتنا".
وعن حقيقة وضع "سائرون" مهمة اختيار رئيس الحكومة الجديد على عاتق المرجعية في مدينة النجف، قال فهمي "في سائرون لدينا تحفظات على طريقة اختيار رئيس الجمهورية وآلية اختيار رئيس الوزراء الجديد، لأن التوافقات السياسية للأحزاب ما تزال تعمل بنفس منهجها القديم، وهي آلية ليست شفافة أو مدنية حديثة". وأوضح أن "مرجعية النجف طرحت مواصفات، وهي بالأصل مواصفات متداولة، وبالحقيقة هي ضيّقة نسيباً، ولا بد أن تأخذ مدى أوسع وتكون المشاركة فيها أوسع أيضاً. المواصفات التي طُرحت لا تنطبق على أحد من المرشحين حالياً، ولكن هناك أسماء مطروحة ويتم دراستها حالياً. نحن نبحث عن شخصية مقبولة، سياسياً وشعبياً ودولياً، وتكون جريئة في فتح ملفات الفساد والبدء بالعملية الإصلاحية". وتابع "هناك أكثر من 10 أسماء لمرشحين لمنصب رئيس الوزراء الجديد، ولا يوجد مرشح له حظوظ أوفر من مرشح آخر. ونحن في سائرون ليس لدينا عداوة مع أحد، ولكن من يقع عليه الاختيار، لا بد أن يؤمن بالإصلاح"، موضحاً أن "الأحزاب حتى الآن لم تختر أي من المرشحين، والبحث جارٍ، ولا أعتقد أن الأحزاب ستتجاوز على الدستور، بل ستحترم التوقيت الدستوري المعمول به في اختيار الرئيس".
ولفت إلى أن "رؤية مقتدى الصدر في اختيار الرئيس تتمحور حول أهمية اختيار شخصية ذات قاعدة جماهيرية، تكون عوناً له في الأزمات وخلال فتح ملفات الفساد. ولا نزال في عملية المحاولة والبحث عنه، بالإضافة إلى ضرورة كونه مقبولاً من الأطراف السياسية العراقية". وعن العلاقة مع طهران والتأثيرات الإيرانية على الحكومة الجديدة، بيَّن فهمي أن "العراق لا يريد رفع الراية ضد إيران ولا غيرها، فهي بلد مجاور ونأخذ بنظر الاعتبار آراءها وتطلعاتها ووجهة نظرها، وهذا الأمر ينطبق على العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية أيضاً"، مستدركاً "بهذه الطريقة لن نعادي إيران ولا الأميركيين ولا أي طرف آخر". واعتبر أن "الحكومة العراقية الجديدة ستكون أكثر استقلالية من الحكومات السابقة، وسنعمل على صناعة توازن بالعلاقات الخارجية، وهو هدف مركزي للحكومة الجديدة".
وفي السياق ذاته، تسربت معلومات من داخل المنطقة الخضراء عن وجود توافق واضح على حسم مرشح رئاسة الجمهورية وانتخابه خلال جلسة ستعقد في 25 سبتمبر/أيلول الحالي. ووفقاً لمصادر سياسية عراقية فإن رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، قد يلجأ إلى جلسة مفتوحة أخرى في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق بين القوى الشيعية حيال مرشح رئيس الوزراء الجديد. وقال مسؤول حكومي عراقي، لـ"العربي الجديد"، إن "عدم اتفاق الصدريين والفتح على اسم معين لشغل المنصب خلال أسبوع يعني عودة التصريحات النارية حول من هي الكتلة الأكبر، وبالتالي سيذهب رئيس البرلمان إلى الاكتفاء بجلسة انتخاب رئيس الجمهورية ثم اعتبار الجلسة مفتوحة ريثما يخاطب المحكمة الاتحادية للبت بمن هي الكتلة الأكثر عدداً داخل البرلمان، وهذا سيحتاج إلى بعض الوقت". ووصف الأمور بالمتقلبة فيما يتعلق بالمشاورات، وهناك مزاجية وشخصنة لكثير من الأمور، وتدخُّل السفير الإيراني إيرج مسجدي أقصى اسم علي عبد الأمير علاوي من لائحة مرشحي رئاسة الوزراء، رغم ترحيب عدة قوى سياسية به على اعتبار أنه شخصية اقتصادية وذات خبرة ولا مشاكل لديه مع أي طرف سياسي في العراق.