لم يفق المصريون من ويلات أزمة النقص الشديد في السكر، والتي تواجهها البلاد منذ قرابة الشهرين، حتى أعقبتها أزمة جديدة تلوح في الأفق بملف السلع الأساسية، ممثلة في نقص الأرز، بحسب ما كشف عنه نواب لجنة الزراعة بمجلس النواب، في طلبات الإحاطة التي قدموها بحق وزير التموين، لواء الجيش السابق، محمد علي الشيخ.
ويرفض مزارعو الأرز بيعه بالسعر الذي حددته الحكومة، بعد أن خفضت سعر الطن بواقع 100 جنيه، ليتراوح من بين 2600 إلى 2700 جنيه، في الوقت الذي تخطى فيه سعر الدولار مقابل الجنيه حاجز الـ 18 جنيهاً، ما يحقق مكاسب أكبر للمزارعين حال تصديره.
وتساءل النواب في بيانات عاجلة عن سبل مواجهة إحجام المزارعين عن توريد محصولهم إلى الجهات التابعة لوزارة التموين، بسبب تدني الأسعار المحددة لتوريده، وخطة الحكومة لاستيراد الأرز من الخارج بمبالغ كبيرة من العملة الصعبة.
وقال الوزير، أمام اجتماع اللجنة البرلمانية، الإثنين، إن وزارته استقرت على استيراد الأرز بعد امتناع كبار التجار عن البيع بالسعر الحكومي، مشيرا إلى تأكيدهم عدم التوريد إلى الحكومة، لوجود رواسب سابقة بين الطرفين، وغلاء السلعة بعد توريدها إلى الحكومة.
وأضاف الوزير: "لا يوجد أمامنا سوى الاستيراد، واتفقنا على كميات من الأرز (البسمتي) قادمة من الهند"، لمواجهة ما سماه "التآمر الداخلي على مصر"، والذي يعد أكثر خطورة من التآمر الخارجي، وفق قوله.
وأشار الوزير إلى وجود أزمة أيضاً في ملف استيراد القمح، بعد أن فوجئ في 7 سبتمبر/أيلول الماضي بوجود أزمة استلام، واتهامات من المصدرين إلى مصر بإخلالها بالتعاقد بعد الشحن، وقالت شركات النقل البحري إنها ستحمل الجانب المصري مصاريف الشحن والتفريغ، بعد اللجوء إلى التحكيم الدولي.
ولفت إلى استيراد مصر لنحو 800 ألف طن من القمح شهرياً، وفي حال الإخلال بهذه الحصة "لن يكون هناك عيش للمواطنين في الأسواق!"، مشيرا إلى أن الوزارة وضعت شروطا لموسم استلام القمح هذا العام، وبسعر أفضل من الموسم الماضي، من دون أن يكشف عنه.
وأفاد الشيخ بزيادة 25 صومعة مقدمة كمنحة من دولة الإمارات، تضاف إلى الصوامع الحالية التي تستوعب 750 ألف طن قمحاً، و105 "هنجر" مسؤولة عنها شركة "بلومبرغ" الأميركية، وفق اتفاقها مع الحكومة المصرية، ما يرفع الطاقة الاستيعابية للصوامع لمليون ونصف الطن من القمح.
من جهته، دعا رئيس لجنة الزراعة بالبرلمان، هشام الشعيني، وزير التموين إلى سرعة تجهيز شون القمح من الآن حتى لا تحدث أزمة متعلق بتخزين القمح وفساد أجزاء منه كما حدث العام الفائت، ولتجنب حدوث عمليات توريد وهمي تتسبب في إهدار مليارات الدعم المقدمة للمنظومة.
وقال الشعيني إن الأرز محصول أمن قومي، ويعتبره المواطن المصري مصدراً رئيسياً للغذاء، مطالباً الحكومة بتحديد سعر مناسب لاستلامه، وإعطاء هامش ربح معقول للفلاح، لأنه من غير المعقول أن تستورد الحكومة في وقت تحتاج فيه تقليل حجم الاستيراد، نظراً لنقص احتياطي الدولار.
بدوره، قال رئيس اللجنة الاقتصادية، علي المصلحي، إن الحكومة اعترفت بتهريب مليون طن من الأرز العام الماضي، مطالبا بوجود آليات لضبط الأسواق وزارة التموين، من خلال توحيد سعر السلع الاستراتيجية.
وخاطب المصلحي، وزير التموين، قائلا "الرجوع للحق فضيلة، الأرز ما زال موجودا على الأرض، ويجب أن يتم النظر في إعادة التسعير، وهذا ليس عيباً، حتى يتم تحديد هامش ربح مناسب للفلاح".