شدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على أهمية العلاقات الاقتصادية لبلاده مع الولايات المتحدة الأميركية، معربًا عن أمله في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين لمستويات تلبي تطلعات الشعبين.
جاء ذلك في كلمة ألقاها أردوغان، مساء الأربعاء، في حفل عشاء مؤتمر الاستثمار التركي العاشر الذي نظمه مجلس الأعمال التركي الأميركي بمدينة نيويورك، حيث يشارك الرئيس التركي بأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ74.
ولفت أردوغان إلى أن المستثمرين الأتراك والأميركيين بذلوا خلال الاجتماع جهودًا كبيرة من أجل تعزيز الأواصر الموجودة بين البلدين، مشيرا إلى استفادة واشنطن وأنقرة من هذه الجهود.
وأشار الرئيس التركي إلى أن العالم يمر بمرحلة حرجة تشهد في وقت واحد عدة تطورات من شأنها التأثير على تركيا بشكل مباشر، موضحًا أن "سلسلة الأحداث التي تحطم معالم النظام العالمي، لتهم بشكل وثيق دنيا الأعمال، بنفس قدر الأجواء المسيطرة على العلاقات الدولية".
وأوضح أن "الحروب التجارية، وازدياد الغموض، تتسبب بأضرار جسيمة بالنسبة للاقتصاديات الناشئة"، مضيفا: "ولعل تفاقم الديون العالمية لتصل إلى 250 تريليون دولار يوضح بشكل جلي مدى خطورة الأمر".
وتابع قائلا: "ومن ثم فإن تركيا، تثق في أن أكبر اقتصادين بالعالم (الولايات المتحدة والصين) سيتصرفان بمسؤولية ووعي خلال هذه المرحلة، ونأمل أن يتم حل النزاعات في أسرع وقت ممكن ضمن التقاليد المعمول بها في منظمة التجارة العالمية".
وشدد على ثقته في أن انعقاد هذا الاجتماع في مثل هذه المرحلة، سيكون سببًا في فهم الأطراف لبعضها البعض جيدًا، ورسم صورة أكثر صحة عن الاقتصاد التركي.
الرئيس التركي في كلمته ذكر أن هناك علاقات شراكة استراتيجية شاملة قوية قائمة على المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة وتركيا، مضيفًا: "وحتى لو حدثت خلافات في علاقاتنا من وقت لآخر، فإن شراكتنا تمكنت من التغلب على الكثير من الصعوبات حتى يومنا هذا".
وأضاف أردوغان قائلا: "ولقد عشنا معًا في الآونة الأخيرة مرحلة تعرضت فيها العلاقات التركية الأميركية لاختبار شديد، لكن بفضل الحوار الوثيق والتواصل الذي أنشأناه مع صديقي العزيز، الرئيس (دونالد) ترامب، نحن حاليًا بصدد تجاوز هذه المرحلة المتأزمة".
واستطرد قائلا: "كلانا يريد التركيز على جدول الأعمال الإيجابي بين بلدينا، وأحد العناصر الأكثر أهمية في هذا البرنامج الإيجابي هو زيادة علاقاتنا الاقتصادية والتجارية لتعكس الإمكانات الحقيقية، وخلال لقائي بالرئيس ترامب اتفقنا على إيصال حجم التبادل التجاري بين بلدينا إلى 100 مليار دولار".
أردوغان تابع قائلا: "لذلك قررنا تنويع تعاوننا في المجالات التي يكون فيها للبلاد تفوق نسبي، بداية من الطاقة إلى خدمات المقاولات، ومن السياحة إلى المنسوجات. وتماشيا مع هذا الهدف، يقوم مسؤولو البلدين وممثلو القطاع الخاص بأعمال هامة. وأعتقد أن التقرير الذي أعده مجلس الأعمال التركي الأميركي سوف يلقي الضوء على الجهود المبذولة لتحقيق هذا الهدف".
ولفت أردوغان إلى أن هناك حاليًا أكثر من 1800 شركة أميركية تعمل في مختلف القطاعات بتركيا، بحجم استثمارات يتجاوز حاجز الخمسين مليار دولار.
وقال إنه على مدار السنوات الـ17 الماضية بلغ حجم الاستثمارات المباشرة من الولايات المتحدة لتركيا ما يقرب من 12 مليار دولار، فيما اقترب حجم استثمارات الشركات التركية في الولايات المتحدة من 5 مليارات دولار.
لفت الرئيس التركي إلى أن إجمالي صادرات بلاده زاد خلال الـ12 شهرًا الماضية بمقدار 5.2%، ليسجل 170 مليار دولار، مضيفًا: "صادرات تركيا في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، حققت رقمًا قياسيًا بلغ 117 مليار دولار، وبلغت نسبة تغطية الصادرات للواردات 86%".
كما بيّن أردوغان أن الولايات المتحدة خامس أكبر دولة تصدر لها تركيا، ورابع أكبر دولة تستورد منها أنقرة، مضيفاً: "غير أننا لا نكتفي بأن يظل حجم التبادل التجاري بيننا وبين الولايات المتحدة عند 21 مليار دولار، لا سيما أن أميركا أكبر دولة تقوم بالتجارة حول العالم".
وتابع قائلا: "وهدفنا أن نصل في أسرع وقت إلى رفع هذا الحجم إلى 100 مليار دولار، في ظل جهودكم، وفي ظل الرغبة القوية لرئيسي البلدين في هذا الصدد، وأثق في أننا سننجح في تحقيق هذا في أسرع وقت ممكن".
ولفت إلى "ضرورة إزالة الشوائب والعقبات في العلاقات بين الدولتين، لأن الدول التي ترغب في تعزيز تجارتها لا يجب أن تضع عقبات في ما بينها. وفي هذا الصدد، نطالب بإعادة النظر في بعض التدابير التي وضعتها الولايات المتحدة قيد التطبيق ضد تركيا، ومن ثم رفعها، لا سيما الرسوم الإضافية التي طرأت على صادراتنا من الحديد الصلب والألمونيوم".
واستطرد قائلا: "كما يتعين العدول عن قرارات مثل إخراجنا من نظام التفضيلات المعمم، فتركيا يمكنها الاستفادة من الاستثناءات التي حظيت بها بعض الدول في هذا الشأن. لذلك ننتظر من الولايات المتحدة إعفاء تركيا من التدابير التي تخطط لاتخاذها خلال الفترة المقبلة، حيث إننا شركاء استراتيجيون قبل أي شيء".
الرئيس أردوغان تابع قائلا: "وأنا أثق في أن الشروع في محادثات اتفاقية التجارة الحرة، سيعود بالفائدة الكبيرة على الجهود المبذولة لتحقيق هدف الحجم التجاري بين البلدين، فاتفاقية كهذه من شأنها المساهمة بشكل كبير في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين".
في السياق ذاته، أشار الرئيس التركي إلى استمرار الحملة المتعمدة التي تستهدف الاقتصاد التركي منذ المحاولة الانقلابية عام 2016 على وجه الخصوص، في محاولة لتشويه الأوضاع بالبلاد، مضيفًا: "لكن رغم كل هذا، ورغم كل ما يحيط بها من توترات وأزمات إنسانية، وأمنية، فإن تركيا مستمرة في كونها جزيرة للاستقرار بمنطقتها".
وتابع قائلا: "والمؤشرات الكلية وأساسيات الاقتصاد التركي قوية وصحية للغاية. ولعل خير مؤشر على ذلك هو تفضيل تركيا من قبل استثمارات مباشرة بلغت قيمتها 215 مليار دولار منذ العام 2002 وحتى الآن".
كما بيّن أن "الاقتصاد التركي لا يزال يحافظ على حيويته رغم الركود الاقتصادي العالمي الذي بدأ يكشف عن نفسه بمرور الوقت، ولا تزال تركيا تعتبر أحد أهم مراكز الجذب بالنسبة للمستثمرين الأجانب".
وتابع قائلا: "في الوقت الذي انخفض الاستثمار المباشر العالمي بنسبة 13 في المائة عام 2018، زادت الاستثمارات المباشرة القادمة لتركيا بنسبة 13 في المائة، لتحقق 13 مليار دولار. أيكفي؟ بالطبع لا، وسنعمل على زيادتها".
وأضاف أردوغان قائلا: "وفي العام 2018 ارتقينا 4 مراكز مقارنة بالعام 2017 في ترتيب الدول الأكثر استقبالا للاستثمارات، وأصبحت الولايات المتحدة الأميركية سادس أكبر دولة تستثمر بشكل مباشر عندنا".
وأفاد بأن "تركيا اليوم تحتل الترتيب الـ13 على العالم من حيث تعادل القوة الشرائية، وخامس أكبر اقتصاد على مستوى القارة الأوروبية".
(الأناضول)