حب الذات، أو ما يحب الناس عادة، أن يطلقوا عليه وصف "الأنانية"، أزمة بشرية قائمة ومتفاقمة، ربما تتزايد في مجتمعات عن غيرها، لكنها موجودة دائماً، وإن بأشكال وأنماط مختلفة، والحقيقة أن بعض البشر يظهرون للآخرين أحياناً انطباعاً عن أنفسهم يخالف الواقع، ويبدو الشخص متعالياً أو أنانياً، أو حتى نرجسياً في أعين الآخرين، بينما هو في الحقيقة غير ذلك تماماً.
الطبيبة النفسية الأميركية، ديان بارث، وضعت في مقال مطول لها في العدد الأخير من مجلة "سيكولوجي توداي" الأميركية المتخصصة، ما يمكن وصفه بتعريف لمصطلح "الأنانية" قائلة" إن الاناني يتميز بخاصيتين أولها: أنه يهتم بنفسه وراحته وتحقيق رغباته بشكل مفرط، وثانيها، أنه لا يضع اعتبارات على الاطلاق لرغبات واحتياجات الآخرين.
وترصد الكاتبة الأميركية في المقال أربع نصائح أساسية في التعامل مع الأشخاص، الذين يعانون من الأنانية أو النرجسية المفرطة، بهدف تجاوز العقبات التي يمكن أن يتسببوا فيها للآخرين أو ربما لتتواصل الحياة مع الشريك أو الزميل أو الأقارب النرجسيين.
النصيحة الأولى:
افهم دوافعهم الى النرجسية، ولا يعني هذا أن توافق على تصرفاتهم أو ترفضها، ولكن عليك أن تعرف الخلفيات والأسباب، وراء سلوكهم لتفهم الأوضاع أو تستطيع تفسير السلوك، بما يجعل فرصتك في التعاطي معه أفضل، وربما استجابتك الى التصرفات أكثر عقلانية وانسجاماً.
وروت الكاتبة مثالاً عن جارتها العجوز، التي كانت متهمة بالأنانية والانغلاق والعدوانية أحياناً تجاه أطفال الحي، حتى سعى الأطفال أنفسهم الى التواصل معها، وإقناعها رويداً رويداً بأنهم ليسوا مزعجين، ويمكن أن يوفروا لها التسلية، ويقضون لها حاجياتها، فتغيرت طريقة تعاملها معهم تماماً.
وترى، ديان بارث، أن الأطفال الصغار بطبيعة الحال، من المفترض أن تكون لديهم مشاعر الأنانية، وأن جزءاً أساسياً من النجاح في تربيتهم تربية صحيحة، يكمن في تنشئتهم مجتمعياً حيث يصبحون قادرين على التفاعل والتواصل مع الآخرين بتفهم كامل لما يحتاجونه وما يحتاجه الآخرون، وما ينبغي عليهم فعله، وما ينبغي على الآخرين في المقابل فعله.
لكن الأمر المتعلق بتنشئة الأطفال، وتقليل درجات الأنانية في داخلهم، ربما يكون أصعب كثيراً مع كبار السن، الذين يحبون أن يعاملهم الآخرون كالأطفال، بينما الصعوبة تكمن في عدم استجابتهم الى النصائح والإرشادات كما يفعل الأطفال الصغار.
النصيحة الثانية:
لا تتعامل مع الأمر باعتباره نقيصة شخصية، ربما لا يتمكن أغلبنا من فعل هذا، وينظرون إلى من يصفهم بالأنانية أو النرجسية باعتبار أنه يهينهم، على الرغم من أن مواجهة الأشخاص بأخطائهم في الأغلب عادة محمودة، والمفترض أن يتقبل الشخص من الناس النصائح والانتقادات ليغير نفسه.
وكتبت الطبيبة النفسية: لا يعني أن ينتقد بعض أيّاً من تصرفاتك، أنها خاطئة دائماً، ربما يعني ذلك أنهم يريدون منك فعل شيء آخر أو القيام بدور مختلف أو التعاطي مع الأمور بطريقة مختلفة، وربما يكونون محقين في آرائهم، لكنهم ليسوا بالضرورة على حق وأنت على خطأ.
النصيحة الثالثة:
لا تعتمد في رأيك أو قراراتك على الافتراضات، يبني بعض غالباً مواقفه على الافتراضات، من دون الانتباه إلى أن الافتراضات، ربما تكون خاطئة أو مضللة، فإذا ما اتهمك أحد بالأنانية، فعليك فوراً، وبوضوح وهدوء أن تطالبه بتفسير رأيه أو وجهة نظره تجاهك، وتسأله عن المفترض فعله من وجهة نظره حتى لا يشعر أنك أناني.
بعض، بالتأكيد، لا يمكنه أن يفعل ذلك، أو لا يستطيع أن يفعله مع كل الناس، والحل هنا، أن توجه تلك الأسئلة ذاتها إلى نفسك، شرط أن تجيب عن الأسئلة بصدق من دون أن تعمد الى خداع نفسك أو أن تصور لنفسك وضعاً مخالفاً للحقيقة لمجرد إرضاء ذاتك.
النصيحة الرابعة:
عليك أن تتذكر دائماً أن قدراً من الأنانية أمر ضروري وصحيٌ جداً في الحياة، ليس فقط للاهتمام بالنفس، وإنما للاهتمام بالآخرين، وعادة ما يظن بعض أن التضحيات التي يقدمونها لصالح أسرهم أو أصدقائهم فيها نوع من نكران الذات، بينما في الحقيقة، هي نوع من الأنانية أيضا، وفق طبيبة الأمراض النفسية، التي ترى أن "الشخص الذي يقرر تقديم التضحيات، وفق رأيه، هو أيضا أناني، لأنه يرغب في الانفراد بالتضحية، أو يرغب في أن يشعر أنه يضحِي لمصلحة الآخرين بما يجعله راضياً عن نفسه".
عن (Psychology Today)