31 أكتوبر 2024
أراضي الباقورة والغمر الأردنية في ذمة الغموض
"الحكومة ستتخذ القرار المناسب بخصوص أراضي الباقورة والغمر، عبر القنوات الدستورية وفي الوقت المناسب". كان هذا هو رد وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية، بشأن الإجراء الذي ستتخذه بشأن الأراضي الأردنية، "المؤجرة" للكيان الصهيوني، وفق اتفاقية وادي عربة، عبر تطبيق "بخدمتكم" على الهواتف الذكية، الذي يتيح توجيه الأسئلة إلى الحكومة الأردنية من قبل المواطنين، والوقت "المناسب" هنا مذكور في بند تحت عنوان "متوقع حلها" في التطبيق، وهو 7 /10 /2018، والحقيقة أن شيئا لم يتم ذلك اليوم.
وقد أرسل كاتب هذه السطور سؤالا في هذا الخصوص إلى وزارة الخارجية، ولم يصل الجواب بعد، وكان يفترض أن يصل يوم 10 من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، والوقت يمضي سريعا. وثمّة توتر ملحوظ لدى الناشطين الأردنيين والقوى الحزبية، والجمهور الأردني عموما، فهم لا يكفون عن الضغط على الحكومة للمسارعة باتخاذ القرار المنتظر، في "الوقت المناسب"، فما الوقت المناسب هذا؟
المهلة القانونية، بحسب اتفاقية وادي عربة، لإشعار الطرف (الإسرائيلي) بعدم رغبة الحكومة الأردنية بتجديد الملحقين (ب) و (ج) من الاتفاقية تنتهي بتاريخ 25/ 10/ 2018، أي أن الوقت المناسب الواقع قبل عام من تاريخ التجديد التلقائي لتلك الملاحق، وهو 26/ 10/ 2019. ولم يعد يفصل عن هذا التاريخ غير أيام معدودة، فما قصة هذه الأراضي؟ وما موقف الحكومة المعلن سابقا بشأنها؟
وفق عدة مصادر، وتصريحات، ومذكرات لنشطاء وسياسيين، وخصوصا آخر عريضة رفعت لرئيس الوزراء الحالي، الدكتور عمر الرزاز، تبدو الصورة على النحو التالي:
- أراضي الباقورة والغمر وأم الرشراش جزء لا يتجزأ من أراضي إمارة شرق الأردن منذ نشوئها سياسيا، ولكن تم احتلالها من المستوطنين الصهاينة، فبيعت ملكية بعض الأراضي في الباقورة لليهود منذ عام 1926، بحسب تصريحات رئيس الوزراء الأسبق عبد السلام المجالي، على الرغم من عدم وجود أي سندات ملكية (قواشين) تؤكد ذلك في دائرة الأراضي والمساحة الأردنية.
أما الغمر، فقد تمدّد إليها المستوطنون وسطوا على الأرض الزراعية والمياه الجوفية، بعد
خرقهم حدود هدنة عام 1967، وذلك على امتداد 128 كيلومترا من "الحدود" طولا، وبمساحة كلية تصل إلى 387.4 كلم2، وتم إعطاؤهم تصاريح استثنائية تسمح لهم بزراعة الأرض داخل الحدود الأردنية، بل وحفر آبار فيها لري مزارع على جانبَي ما كان يمثل حدود هدنة عام 1967.
- بحسب الرواية التاريخية، بدأ الاستيطان في الباقورة ببيع الحكومة الأردنية عام 1926 ستة آلاف دونم من أراضي إمارة شرق الأردن، تقع عند التقاء نهري اليرموك والأردن، للصهيوني بنحاس روتنبرغ الذي كانت سلطة الانتداب البريطانية قد "منحته" امتياز شركة توليد كهرباء في تلك المنطقة.
- وعلى الرغم من أن منشآت شركة توليد الكهرباء، بما فيها سكن العمال، لا يلزمها سوى القليل من الدونمات، فقد بيعت لهم آلاف الدونمات، وهو السبب الذي حدا بأبرز الرموز الوطنية آنذاك، النائب شمس الدين سامي، إلى توجيه اتهامات بالفساد المالي والإداري للعمليات التي رافقت هذا البيع، ووصفه بالمشروع الصهيوني، وأكد أن الحكومة لم تكن مضطرّة لتنفيذه.
- قاطع الشعبُ الأردني آنذاك المشروع، حتى اشترى مولدات خاصة. ثم وبحسب مؤرّخين، تحول المشروع إلى قلعة حربية لجيش الاحتلال في حرب 1948، لم يوقفها عن العمل إلّا قصف الجيش العراقي لها.
- في 1950، احتل جيش الاحتلال الصهيوني منطقة الباقورة التي كان روتنبرغ قد باع بعض أراضيها ليهود آخرين. وحينها جرى احتلال 1390 دونماً من أرض المملكة الأردنية الهاشمية، وأعلنت "إسرائيل" أن 830 دونما منها هي أملاك خاصة لإسرائيليين.
- زعمت الحكومة الأردنية، عند توقيع اتفاقية السلام عام 1994، أن الأمر "تأجير" لهذه الأراضي، على الرغم من عدم ذكر التأجير في نص الاتفاقية أو ملاحقها، وعدم وجود أجرة تتقاضاها الحكومة، بل إن نص الاتفاقية يشير إلى حقوق انتفاع من دون تحديد ماهيتها أو طبيعتها. وعلى الرغم من انتهاك السيادة عبر نصوص تلك الاتفاقية، وحرمان الأردنيين من بسط سلطة القانون الأردني والقضاء الأردني وأجهزة الأمن الأردنية عليها، بما في ذلك فرض رسوم جمركية وضرائب وتأشيرات مرور، فضلا عن الالتزام بتأمين مرور مفتوح من دون عوائق لأولئك الصهاينة وضيوفهم وعمالهم، بحماية السلطات الأردنية، إلا أن الحكومة آنذاك أعلنت وأكدت أنها حرّرت كامل الأراضي الأردنية.
- الملحقان 1/ ب و 1/ ج من اتفاقية وادي عربة متطابقان تقريبا، من حيث أحكامهما، باستثناء أنه في حالة الباقورة يشار إلى المستوطنين فيها بأنهم "المتصرّفون في الأرض"، لهم "فيها حقوق ملكية أراضٍ خاصة ومصالح مملوكة إسرائيلية"، وفي حالة الغمر يشار إليهم بـ "مستعملي الأرض".
- حرم الأردن، بموجب أحكام المواد 4/ ب و 4/ ج و 2/ هـ في الملحقين 1/ ب و1/ج من تطبيق قوانينه الجنائية على الأنشطة المحصورة بأشخاصٍ من التابعية الإسرائيلية في كل
من الباقورة والغمر، في حين أن القوانين الإسرائيلية التي تنطبق على إسرائيليين خارج الحدود الإسرائيلية يمكن أن تطبق على الإسرائيليين وأنشطتهم داخل المنطقتين، ولإسرائيل حق اتخاذ إجراءاتٍ في المنطقتين لتنفيذ تلك القوانين، وحق الولوج بشرطتها بلباسهم الرسمي ضمن الحد الأدنى من الشكليات، للتحقيق في أي انتهاكات أو مخالفات أو جرائم أو حوادث تقع هناك.
- كما حرم الأردن من فرض أي رسوم جمركية أو ضرائب على الأنشطة والشخوص الطبيعيين والمعنويين في تلك الأراضي، ناهيك بأي رسوم وضرائب "تمييزية"، في وقت تفرض حكومة الاحتلال على البضائع الأردنية رسوما جمركية مرتفعة تحرم السوق الفلسطيني من إمكانية استيراد تلك البضائع، وتدفعه باتجاه السوق الإسرائيلي والبضائع الإسرائيلية دونما أي اعتبار لأي اتفاقية.
- حرم الأردن أيضا بموجب أحكام المادة 2/ أ من الملحق 1/ ب والمادة 2/ أ من الملحق 1/ ج من استيفاء أي رسوم مرور، وتعهد بمنح حرية غير مقيدة للمتصرفين بالأرض وضيوفهم ومستخدميهم، ومستعملي الأرض وضيوفهم ومستخدميهم بالدخول إليها والخروج منها واستعمالها والحركة ضمن حدودها، وأن يسمح للمتصرفين بالأرض بالتخلي بحريةٍ عن حقوقهم بالتصرف بالأرض.
- حُرم الأردن بموجب أحكام المادة 2/ ب في الملحق 1/ ب والملحق 1/ ج من تطبيق تشريعاته الجمركية، وتلك المتعلقة بالهجرة على المتصرفين بالأرض وضيوفهم ومستخدميهم ومستعملي الأرض وضيوفهم ومستخدميهم.
- حُرم الأردن من حقه في الاعتراض على من تنتقل إليه ملكية الأراضي في الباقورة وحق الانتفاع بالأراضي في الغمر من الإسرائيليين، وسُمح له بالاعتراض فقط في حال انتقلت الملكية أو حق الانتفاع لغير الإسرائيليين.
- وفي الملحق رقم 2 المتعلق بالمياه، وكما ورد في المادة 4 من الباب المعنون: "المياه الواقعة في وادي عربة"، فإن الآبار التي حفرتها إسرائيل واستعملتها في الجانب الأردني ستستمر في استعمالها مع الأنظمة المرافقة لها بالكميات والنوعية الموضحة في الذيل، وأي بئر قد تفشل، سيتم اعتبارها قد رخصت بموجب القانون الأردني، وسيتم استبدالها بغيرها، وسيتم ربط البئر الجديدة بأنظمة المياه والكهرباء الإسرائيلية. كما يحق لإسرائيل زيادة طاقة الضخ من الآبار الأردنية وأنظمتها بما سقفه عشرة ملايين متر مكعب سنويا، زيادة على الإنتاج المشار إليه في الفقرة الأولى غير الواردة في الاتفاقية، لأن الذيل لم يرفق ولم ينشر. كما وأن تشغيل وصيانة هذه الآبار وأنظمتها سيكونان من مسؤولية الأردن، وسيتم التعاقد بشأنهما على نفقة إسرائيل، ومع سلطات أو شركات تختارها إسرائيل.
- علاوة على ذلك كله، يتعهد الأردن بحماية أولئك المتصرّفين بالأراضي والمنتفعين بها وضيوفهم ومستخدميهم، ومنع إيذائهم أو حتى مضايقتهم، وفق أحكام المادة 2/ د في كل من الملحقين 1/ب و 1/ ج.
هذه هي الصورة الكلية لوضعية أراضي الباقورة والغمر، أما الأراضي الأردنية في أم الرشراش، المسماة "إيلات"، فإن بعض مُلّاكها من الأردنيين في مدينة العقبة من عائلات معروفة، كعائلة البسيوني وعائلة أبو العز وعائلات أخرى كثيرة، لم يكفوا عن المطالبة بها والقيام بوقفات شعبية في العقبة ونشرها في الصحف، ومخاطبة الديوان الملكي، ورئاسة الوزراء، ووزير المالية، ودائرة الأراضي، وهم يملكون الوثائق ودلائل عديدة على ملكيتها، ولديهم مخاطبات مصورة، ومنها طلب مدير ناحية العقبة من مخفر شرطة أم الرشراش، أو المرشرش، جلب مطلوبين له والمؤرخة بـ 19/ 10/ 1944.
ومن المعروف أن رئيس الحكومة الأردنية السابق هاني الملقي، ووزير الخارجية أيمن
الصفدي، واصلا سياسة حجب المعلومات في هذه القضية الخطيرة، وعدم اطلاع مجلس الأمة وعموم الشعب عليها. كما وعد الملقي قبل إقالته من رئاسة الحكومة الشعب الأردني باستعادة أراضي الباقورة والغمر، ومخاطبة حكومة الاحتلال بعدم رغبة الحكومة الأردنية بالتجديد، أما الصفدي فقد وعد البرلمان هو الآخر بـ "دراسة الأمر"، واتخاذ القرار الذي يعبر عن المصلحة الوطنية، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، مع أن الوقت يمر بسرعة والمهلة أوشكت على النفاد.
أما رئيس الوزراء الأردني الحالي عمر الرزاز، فقال بعيد تكليفه برئاسة الحكومة، إن قرار تجديد مدة استعمال أراضي الباقورة والغمر من عدمه من دولة الاحتلال قرار أردني. وأضاف في رده على كلمات مجلس النواب تحت القبة إبّان جلسة التصويت على الثقة بالحكومة: "أؤكد أن قرار تجديد مدة استعمال أراضي الباقورة والغمر، من عدمه هو قرار أردني خالص، وسنتخذ القرار عبر قنوات اتخاذ القرار الأردنية الدستورية، وبحسب المصلحة الأردنية". ولا أحد في الأردن يمكنه اليوم أن يجزم أين تتجه "المصلحة الأردنية" في هذا الشأن. وثمة اعتقاد راسخ بأن أي قرار بشأن معاهدة وادي عربة وملاحقها منوط بصاحب القرار الأعلى في الدولة، وهو مصنفٌ تحت بند سياسات الدولة العليا. ومن المشكوك فيه حتى الآن أن يُستجاب للمطالبات الشعبية بعدم تجديد "تأجير" تلك الأراضي للعدو الصهيوني، لاعتباراتٍ كثيرة، أهمها الضغوط السياسية والاقتصادية الهائلة على الأردن، لدفعه إلى التساوق مع ما تخطط له الإدارة الأميركية، لمستقبل المنطقة العربية، عبر ما اصطلح على تسميتها "صفقة القرن".
وقد أرسل كاتب هذه السطور سؤالا في هذا الخصوص إلى وزارة الخارجية، ولم يصل الجواب بعد، وكان يفترض أن يصل يوم 10 من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، والوقت يمضي سريعا. وثمّة توتر ملحوظ لدى الناشطين الأردنيين والقوى الحزبية، والجمهور الأردني عموما، فهم لا يكفون عن الضغط على الحكومة للمسارعة باتخاذ القرار المنتظر، في "الوقت المناسب"، فما الوقت المناسب هذا؟
المهلة القانونية، بحسب اتفاقية وادي عربة، لإشعار الطرف (الإسرائيلي) بعدم رغبة الحكومة الأردنية بتجديد الملحقين (ب) و (ج) من الاتفاقية تنتهي بتاريخ 25/ 10/ 2018، أي أن الوقت المناسب الواقع قبل عام من تاريخ التجديد التلقائي لتلك الملاحق، وهو 26/ 10/ 2019. ولم يعد يفصل عن هذا التاريخ غير أيام معدودة، فما قصة هذه الأراضي؟ وما موقف الحكومة المعلن سابقا بشأنها؟
وفق عدة مصادر، وتصريحات، ومذكرات لنشطاء وسياسيين، وخصوصا آخر عريضة رفعت لرئيس الوزراء الحالي، الدكتور عمر الرزاز، تبدو الصورة على النحو التالي:
- أراضي الباقورة والغمر وأم الرشراش جزء لا يتجزأ من أراضي إمارة شرق الأردن منذ نشوئها سياسيا، ولكن تم احتلالها من المستوطنين الصهاينة، فبيعت ملكية بعض الأراضي في الباقورة لليهود منذ عام 1926، بحسب تصريحات رئيس الوزراء الأسبق عبد السلام المجالي، على الرغم من عدم وجود أي سندات ملكية (قواشين) تؤكد ذلك في دائرة الأراضي والمساحة الأردنية.
أما الغمر، فقد تمدّد إليها المستوطنون وسطوا على الأرض الزراعية والمياه الجوفية، بعد
- بحسب الرواية التاريخية، بدأ الاستيطان في الباقورة ببيع الحكومة الأردنية عام 1926 ستة آلاف دونم من أراضي إمارة شرق الأردن، تقع عند التقاء نهري اليرموك والأردن، للصهيوني بنحاس روتنبرغ الذي كانت سلطة الانتداب البريطانية قد "منحته" امتياز شركة توليد كهرباء في تلك المنطقة.
- وعلى الرغم من أن منشآت شركة توليد الكهرباء، بما فيها سكن العمال، لا يلزمها سوى القليل من الدونمات، فقد بيعت لهم آلاف الدونمات، وهو السبب الذي حدا بأبرز الرموز الوطنية آنذاك، النائب شمس الدين سامي، إلى توجيه اتهامات بالفساد المالي والإداري للعمليات التي رافقت هذا البيع، ووصفه بالمشروع الصهيوني، وأكد أن الحكومة لم تكن مضطرّة لتنفيذه.
- قاطع الشعبُ الأردني آنذاك المشروع، حتى اشترى مولدات خاصة. ثم وبحسب مؤرّخين، تحول المشروع إلى قلعة حربية لجيش الاحتلال في حرب 1948، لم يوقفها عن العمل إلّا قصف الجيش العراقي لها.
- في 1950، احتل جيش الاحتلال الصهيوني منطقة الباقورة التي كان روتنبرغ قد باع بعض أراضيها ليهود آخرين. وحينها جرى احتلال 1390 دونماً من أرض المملكة الأردنية الهاشمية، وأعلنت "إسرائيل" أن 830 دونما منها هي أملاك خاصة لإسرائيليين.
- زعمت الحكومة الأردنية، عند توقيع اتفاقية السلام عام 1994، أن الأمر "تأجير" لهذه الأراضي، على الرغم من عدم ذكر التأجير في نص الاتفاقية أو ملاحقها، وعدم وجود أجرة تتقاضاها الحكومة، بل إن نص الاتفاقية يشير إلى حقوق انتفاع من دون تحديد ماهيتها أو طبيعتها. وعلى الرغم من انتهاك السيادة عبر نصوص تلك الاتفاقية، وحرمان الأردنيين من بسط سلطة القانون الأردني والقضاء الأردني وأجهزة الأمن الأردنية عليها، بما في ذلك فرض رسوم جمركية وضرائب وتأشيرات مرور، فضلا عن الالتزام بتأمين مرور مفتوح من دون عوائق لأولئك الصهاينة وضيوفهم وعمالهم، بحماية السلطات الأردنية، إلا أن الحكومة آنذاك أعلنت وأكدت أنها حرّرت كامل الأراضي الأردنية.
- الملحقان 1/ ب و 1/ ج من اتفاقية وادي عربة متطابقان تقريبا، من حيث أحكامهما، باستثناء أنه في حالة الباقورة يشار إلى المستوطنين فيها بأنهم "المتصرّفون في الأرض"، لهم "فيها حقوق ملكية أراضٍ خاصة ومصالح مملوكة إسرائيلية"، وفي حالة الغمر يشار إليهم بـ "مستعملي الأرض".
- حرم الأردن، بموجب أحكام المواد 4/ ب و 4/ ج و 2/ هـ في الملحقين 1/ ب و1/ج من تطبيق قوانينه الجنائية على الأنشطة المحصورة بأشخاصٍ من التابعية الإسرائيلية في كل
- كما حرم الأردن من فرض أي رسوم جمركية أو ضرائب على الأنشطة والشخوص الطبيعيين والمعنويين في تلك الأراضي، ناهيك بأي رسوم وضرائب "تمييزية"، في وقت تفرض حكومة الاحتلال على البضائع الأردنية رسوما جمركية مرتفعة تحرم السوق الفلسطيني من إمكانية استيراد تلك البضائع، وتدفعه باتجاه السوق الإسرائيلي والبضائع الإسرائيلية دونما أي اعتبار لأي اتفاقية.
- حرم الأردن أيضا بموجب أحكام المادة 2/ أ من الملحق 1/ ب والمادة 2/ أ من الملحق 1/ ج من استيفاء أي رسوم مرور، وتعهد بمنح حرية غير مقيدة للمتصرفين بالأرض وضيوفهم ومستخدميهم، ومستعملي الأرض وضيوفهم ومستخدميهم بالدخول إليها والخروج منها واستعمالها والحركة ضمن حدودها، وأن يسمح للمتصرفين بالأرض بالتخلي بحريةٍ عن حقوقهم بالتصرف بالأرض.
- حُرم الأردن بموجب أحكام المادة 2/ ب في الملحق 1/ ب والملحق 1/ ج من تطبيق تشريعاته الجمركية، وتلك المتعلقة بالهجرة على المتصرفين بالأرض وضيوفهم ومستخدميهم ومستعملي الأرض وضيوفهم ومستخدميهم.
- حُرم الأردن من حقه في الاعتراض على من تنتقل إليه ملكية الأراضي في الباقورة وحق الانتفاع بالأراضي في الغمر من الإسرائيليين، وسُمح له بالاعتراض فقط في حال انتقلت الملكية أو حق الانتفاع لغير الإسرائيليين.
- وفي الملحق رقم 2 المتعلق بالمياه، وكما ورد في المادة 4 من الباب المعنون: "المياه الواقعة في وادي عربة"، فإن الآبار التي حفرتها إسرائيل واستعملتها في الجانب الأردني ستستمر في استعمالها مع الأنظمة المرافقة لها بالكميات والنوعية الموضحة في الذيل، وأي بئر قد تفشل، سيتم اعتبارها قد رخصت بموجب القانون الأردني، وسيتم استبدالها بغيرها، وسيتم ربط البئر الجديدة بأنظمة المياه والكهرباء الإسرائيلية. كما يحق لإسرائيل زيادة طاقة الضخ من الآبار الأردنية وأنظمتها بما سقفه عشرة ملايين متر مكعب سنويا، زيادة على الإنتاج المشار إليه في الفقرة الأولى غير الواردة في الاتفاقية، لأن الذيل لم يرفق ولم ينشر. كما وأن تشغيل وصيانة هذه الآبار وأنظمتها سيكونان من مسؤولية الأردن، وسيتم التعاقد بشأنهما على نفقة إسرائيل، ومع سلطات أو شركات تختارها إسرائيل.
- علاوة على ذلك كله، يتعهد الأردن بحماية أولئك المتصرّفين بالأراضي والمنتفعين بها وضيوفهم ومستخدميهم، ومنع إيذائهم أو حتى مضايقتهم، وفق أحكام المادة 2/ د في كل من الملحقين 1/ب و 1/ ج.
هذه هي الصورة الكلية لوضعية أراضي الباقورة والغمر، أما الأراضي الأردنية في أم الرشراش، المسماة "إيلات"، فإن بعض مُلّاكها من الأردنيين في مدينة العقبة من عائلات معروفة، كعائلة البسيوني وعائلة أبو العز وعائلات أخرى كثيرة، لم يكفوا عن المطالبة بها والقيام بوقفات شعبية في العقبة ونشرها في الصحف، ومخاطبة الديوان الملكي، ورئاسة الوزراء، ووزير المالية، ودائرة الأراضي، وهم يملكون الوثائق ودلائل عديدة على ملكيتها، ولديهم مخاطبات مصورة، ومنها طلب مدير ناحية العقبة من مخفر شرطة أم الرشراش، أو المرشرش، جلب مطلوبين له والمؤرخة بـ 19/ 10/ 1944.
ومن المعروف أن رئيس الحكومة الأردنية السابق هاني الملقي، ووزير الخارجية أيمن
أما رئيس الوزراء الأردني الحالي عمر الرزاز، فقال بعيد تكليفه برئاسة الحكومة، إن قرار تجديد مدة استعمال أراضي الباقورة والغمر من عدمه من دولة الاحتلال قرار أردني. وأضاف في رده على كلمات مجلس النواب تحت القبة إبّان جلسة التصويت على الثقة بالحكومة: "أؤكد أن قرار تجديد مدة استعمال أراضي الباقورة والغمر، من عدمه هو قرار أردني خالص، وسنتخذ القرار عبر قنوات اتخاذ القرار الأردنية الدستورية، وبحسب المصلحة الأردنية". ولا أحد في الأردن يمكنه اليوم أن يجزم أين تتجه "المصلحة الأردنية" في هذا الشأن. وثمة اعتقاد راسخ بأن أي قرار بشأن معاهدة وادي عربة وملاحقها منوط بصاحب القرار الأعلى في الدولة، وهو مصنفٌ تحت بند سياسات الدولة العليا. ومن المشكوك فيه حتى الآن أن يُستجاب للمطالبات الشعبية بعدم تجديد "تأجير" تلك الأراضي للعدو الصهيوني، لاعتباراتٍ كثيرة، أهمها الضغوط السياسية والاقتصادية الهائلة على الأردن، لدفعه إلى التساوق مع ما تخطط له الإدارة الأميركية، لمستقبل المنطقة العربية، عبر ما اصطلح على تسميتها "صفقة القرن".