أدعوكم للسير بجنازتي في رام الله

03 يوليو 2018
+ الخط -
كان من الأجدر فلسطينياً الرّد على صفقة القرن بخطوات أكثر جدّية على أرض الواقع، من خلال المضي قدماً بإنهاء الانقسام الفلسطيني وتمكين حكومة التوافق الوطني من العمل في قطاع غزة دون عقبات وعراقيل، وحل قضيّة الموظفين الذين تم تعيينهم بعد 14 يونيو/ حزيران 2007، ووقف خصومات رواتب الموظفين، والتعالي على الجراح، وإقناع حماس بالنزول عن الشجرة قليلاً؛ لأجل معاناة مليوني فلسطيني وأكثر، يعيشون أشكالا مختلفة من المعاناة، ولكي نحافظ على وحدة الموقف الفلسطيني، ومن أجل ألا يحدث ما لا يحمد عقباه.

لقد حملت تصريحات جاريد كوشنير مستشار الرئيس الأميركي لصحيفة القدس في طيّاتها الكثير من التهديد والوعيد. ولكن لا يمكن أن تنطلي على هذا الشعب وقيادته، ولسنا عبداً مأموراً ينفّذ ما تريد أن تُمرّره الإدارة الأميركية، دون أي اعتبار للحقوق الفلسطينية والقرارات والقوانين الدولية، حيث يسجل للرئيس أبو مازن موقفه الثابت الرافض تفاصيل الصفقة وسبق أن أكّد ذلك في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ28 للمجلس المركزي الفلسطيني قائلا "إنّنا لا نأخذ تعليمات من أحد ونقول "لا" لأي كان إذا كان الأمر يتعلق بمصيرنا وقضيتنا وبلدنا وقضيتنا وشعبنا "لا وألف لا"، وقال: "قلنا لا لترمب ولن نقبل مشروعه، وصفقة العصر هي صفعة العصر ولن نقبلها".


ولا يمكن لنا أيضا نسيان ما فعله الرئيس الشهيد ياسر عرفات حين وقف في وجه الإدارة الأميركية قائلاً: "أدعوكم للسير بجنازتي في رام الله على أن أوقّع على اتفاق منقوص". حينها خرجت الجماهير مُنتفضة من رفح إلى جنين تنشد لفلسطين وللزعيم أبو عمار.

وهنا أتساءل ما الخطوات الفلسطينية وما الخطط للرّد على هذه الصفقة؟ هل نحن عاجزون ولا توجد لدينا أية خيارات؟ ولماذا الصمت إزاء كل ما يحدث؟

ومن المهم التذكير بأن سياسة العصا والجزرة التي تنتهجها الإدارة الأميركية، ومعها إسرائيل تحت حجج واهية وغطاء إنساني لن تمر ولن تكسر من إرادتنا وعزيمتنا نحن الفلسطينيين.

وما تهديد أميركا بوقف المساعدات المقدّمة للفلسطينيّين وتساوق إسرائيل معها من خلال مشروع قانون لاقتطاع مخصّصات عائلات الشهداء والأسرى سوى وسيلة للضغط ليس أكثر، ولن يكون هناك أي مجال للتنازل عن حقوقنا ولن يستمر طويلا تجاهل العالم لنا؛ كوننا أصحاب الأرض الشرعيّين.

وأقول نجوع ولن نركع.. وأختم بما قاله الشاعر محمود درويش: "بعد عرفات لن نعثر على عرفاتية جديدة". لقد أَغلق الباب على مرحلة كاملة من مراحل حياتنا الداخلية. لكن الباب لن ينفتح بغيابه على قبول الشروط الإسرائيلية التعجيزية للتّسوية. لم يبق للفلسطينيين ما يتنازلون عنه. هنا، تواصل العرفاتية فعلها. وهنا، لا يكون عرفات فرداً؛ بل تعبيراً عن روح شعب حيّ".
2E77EB3D-A1E3-40BD-B10A-3A064524A9C2
محمد البريم

صحافي وكاتب فلسطيني من غزة خرج من رحم المعاناة والألم... حاصل على بكالوريوس في اللغة العربية والإعلام من جامعة الأزهر بغزة، وله العديد من المقالات التي تهتم بالشأن الفلسطيني، ويقيم في مدينة رام الله، وساهم في طباعة العديد من الإصدارات الفلسطينية من خلال دار الجندي للنشر والتوزيع.

مدونات أخرى