أحمد عوض لـ"العربي الجديد": اختلالات هيكلية تزيد بطالة الأردنيين

06 اغسطس 2016
+ الخط -
عدم تلبية الشهادات التعليمية في الأردن لمتطلبات سوق العمل وضعف دور الدولة في عملية التشغيل في القطاع الخاص، عوامل ساهمت في تفشي البطالة في البلاد، وفق ما يقول رئيس مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أحمد عوض في مقابلة مع "العربي الجديد"، أما الحلول فهي متوافرة... 
وهنا نص المقابلة:


* قمتم أخيراً بدراسة تتمحور حول بطالة حاملي الشهادات، فما مدى تقبّل سوق العمل لمخرجات التعليم في الأردن؟
يوفر النظام التعليمي في الأردن ما بين 100 و120 ألف طالب شغل بشهادات من مختلف الاختصاصات سنوياً.
في المقابل لا تقدر الدولة الأردنية على توفير وظائف كافية لهذا العدد من الخريجين، سواء كانوا جامعيين أو متخرجين من المراكز المهنية، وخصوصاً في ظل التباطؤ الذي يعانيه النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز منذ سنوات نسبة 3 في المائة.

ومن بين الأسباب الرئيسة لاستفحال ظاهرة البطالة نذكر الاختلالات الهيكلية بين سوق العمل ومخرجات التعليم في الأردن، كما أنه لا يوجد أي شكل من أشكال التنسيق بين سوق العمل والمؤسسات التعليمية. وبالتالي فإن الشهادات التي يحملها الخريجون الجدد لا تتوافق ومتطلبات الوظائف المتوافرة، وهو ما يجعل أرباب العمل يلجأون إلى انتداب العمالة الأجنبية لتسلم هذه الوظائف.
ولمحاولة تدارك هذا الاختلال بين العرض والطلب في سوق الشغل، فإنه من الضروري الحد من عدد خريجي الاختصاصات التي لم تعد الأردن بحاجة إلى عدد كبير منها، كالمعلمين والممرضين والمهندسين.

* برأيك ما هو تأثير اليد العاملة الأجنبية على ارتفاع نسبة البطالة بين الأردنيين؟
يقارب عدد العمال الأجانب نصف اليد العاملة الموجودة في الأردن، ما يجعل العمالة الأجنبية تعد عنصراً مهماً في سوق العمل الأردنية وهي تؤثر بطريقة كبيرة على التوازن بين العرض والطلب.
وتتكون اليد العاملة الأجنبية في الأردن أساساً من المصريين والسوريين الذين تفاقم عددهم على أثر تأزم الأوضاع في سورية. ويوجد في السوق الأردنية حوالي 750 ألف عامل مصري ونحو 150 ألف عامل سوري، منهم من حصلوا على تصاريح عمل والباقون يعملون بشكل غير منظم.
وتستقطب الأسواق الكبيرة لبيع المواد التموينية والمحلات التجارية الصغرى ومطاعم الوجبات السريعة والمشاريع الإنشائية كلا من اليد العاملة المصرية والسورية، ونتيجة ذلك أصبحت العمالة الأردنية محرومة من إيجاد وظيفة مؤقتة والتي كانت تعد الملجأ المباشر للأردنيين بعد الحصول على شهاداتهم إلى حين العثور على عمل لائق يضمن لهم الحياة الكريمة. 

* كيف تصف نسب البطالة في صفوف الشباب الأردني؟
يعيش الشباب الأردني في الفترة الأخيرة حالة نفور من سوق العمل، وخصوصا الإناث منهم، وذلك يعود أساسا إلى عدم توفر الشروط الأساسية اللازمة لجذبهم والتوجه نحو اليد العاملة الأجنبية التي توافدت أخيرا إلى الأردن.
وقدرت نسبة البطالة في المملكة الأردنية بـ14.6% خلال الثلث الأول من السنة الحالية. هذا ويعتبر القطاع الخاص أحد أهم مصادر التوظيف في البلاد، بحيث يشغل هذا القطاع نحو 75% من اليد العاملة، بحسب تقديري.
في حين تقول الإحصائيات الرسمية إن نسبة العاملين في القطاع العام في الأردن تصل إلى 38%، أما بقية العمال فيشغلون وظائف القطاع الخاص، وتعود هذه النسبة، برأيي، إلى عدم الأخذ بالاعتبار القوى العاملة الأجنبية.

* ما هو ترتيب المحافظات الأردنية وفقاً لنسب البطالة؟

إن النموذج التنموي في الأردن ركز قطاعات الأعمال والمؤسسات الكبرى في العاصمة عمان وهو ما جعلها تتميز بأقل نسبة من العاطلين من العمل. وتتمركز في العاصمة أهم مشاريع القطاع الخاص، حيث تستقطب المدينة أكبر عدد من اليد العاملة المحلية والأجنبية وذلك عبر الهجرة الخارجية والداخلية. وبالتالي أصبحت عمان تضم أكبر عدد من السكان، حيث يقارب عدد سكانها 4.5 ملايين نسمة، أي ما يعادل نصف عدد سكان الأردن.
أما بخصوص ترتيب المحافظات الأردنية بحسب نسب البطالة، فإن نسب البطالة في المحافظات تراوح ما بين 10.5 و18 في المائة، وتحتل عمان المرتبة الأخيرة من حيث ارتفاع البطالة.
وعلى أثر توافد السوريين إلى البلاد خلال السنوات الخمس الأخيرة، عرفت مناطق الشمال التي تقع على الحدود الأردنية السورية ارتفاعاً ملحوظاً في نسب البطالة، ويأتي ذلك خلافاً للعادة، فعبر التاريخ عانت محافظات الجنوب الأردني ارتفاعاً متواصلاً في نسب البطالة.

* كيف ترى مشاركة المرأة الأردنية في الحياة الاقتصادية بشكل عام وفي سوق العمل بشكل خاص؟
تعد مشاركة المرأة الأردنية في الحياة الاقتصادية ضعيفة، ويمكن تصنيف الأردن من بين الدول التي تعاني من شبه تغيّب للمرأة عن الحياة الاقتصادية. ويعود ذلك أساساً إلى تدني مستوى الأجور، خصوصاً في القطاع الخاص، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى نفور المرأة الأردنية من سوق العمل. وتلعب ظاهرة الفجوة في الأجور بين الجنسين وظروف العمل غير الملائمة ومدى تمتع المرأة بحقوقها المادية والمعنوية دوراً مهماً في تحديد بقائها في سوق العمل من عدمه.

وتعتبر ظاهرة تغيّب المرأة عن سوق العمل مؤشراً اقتصادياً خطيراً يزداد سنة بعد أخرى في الأردن، وهو ما يمكنه أن يطرح مشكلة تنموية كبرى.
كما أن عدم ممارسة المرأة حقها في العمل يطرح مسألة عدم التوازن بين طالبي العمل من الجنسين ويعمق ظاهرة البطالة.
ويشار إلى أن نسبة البطالة لدى النساء تبلغ ضعف ما هي عليه لدى الرجال، وتساهم المرأة بنحو 12% في سوق العمل وهي نسبة لم ترتفع منذ 20 سنة. ويتمركز وجود المرأة في ميادين التعليم والصحة بدرجة أولى، وتميل العاملات الأردنيات للعمل في القطاع العمومي لما يقدمه لهن من امتيازات.


* كيف تقيّم دور الدولة في تعاملها مع هذا الملف؟
بخصوص تعاطي الدولة الأردنية مع هذه الظاهرة، فإن الحكومات المتعاقبة في الأردن لم تقدر بعد على تخفيض نسبة البطالة، وذلك لعدم تطبيق استراتيجية واضحة تحدد عوامل البطالة وإمكانيات الحد منها.
ونوصي الحكومة الأردنية بعدم اقتصار دورها كوسيط بين طالبي العمل والقطاع الخاص، وعليها أن تلعب دوراً رئيساً في مسألة التشغيل.

* برأيك، ما هي الحلول الممكنة للحد من البطالة في الأردن؟
مشكلة البطالة في الأردن على حساسيتها وتفاقمها في صفوف الشباب وخصوصاً لدى الإناث، غير أنها ليست عصية عن الحل الممكن بتحسين شروط العمل ومحاولة استقطاب الشباب الأردني بجنسيه نحو العمل في القطاع الخاص ومنحه جميع حقوقه المادية والاجتماعية والنقابية. وتجدر الإشارة إلى أن نحو 56% من العاملين الأردنيين لا يتجاوز الأجر الشهري لكل منهم 400 دينار أردني، أي ما يعادل 563 دولاراً.
كما يشهد مستوى الأجر الأدنى حالة جمود في الفترة الأخيرة، حيث استقر على 190 ديناراً، أي ما يعادل 267 دولاراً، في حين لم تقدر النقابات العمالية الأردنية على زحزحته منذ قرابة سنة.
ولكن مجلس الوزراء الأردني قرر أخيراً تكوين لجنة عليا للاستراتيجية الوطنية للتشغيل، وذلك بهدف تفعيل الإجراءات اللازمة لتطبيق بنودها. كما أن الأجور المنخفضة وظروف العمل الصعبة وغياب التأمين الصحي ومنع الموظفين من حرية التنظيم وتكوين نقابات، من شأنها أن تثني الشباب الأردني عن الالتحاق بهذه الوظائف التي يوفرها القطاع الخاص.
لذلك فمن الضروري والعاجل وضع استراتيجية وطنية تأخذ بعين الاعتبار كل الأبعاد التي تخص العامل وأرباب العمل، بحيث أن هذه النقطة ستمثل بداية الانفراج.
المساهمون