أحمد سيف الإسلام.. أورث ولدَيه "الزنزانة"

22 اغسطس 2014
بدأ علاء إضراباً عن الطعام الإثنين الماضي(فيليبو مونيفورت/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

"أشعر أنني أورثتُ ابني الزنزانة". هذا ما قاله أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح أثناء اعتقال ابنه علاء. ورث الأخير وشقيقته سناء الزنزانة. فهما متهمان بالدعوة إلى التظاهر. تهمةٌ قد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة خمسة عشر عاماً.

أحمد، المحامي والحقوقي، هو أحد الذين شاركوا في رسم أهم ملامح ومراحل النضال المصري. حين كان طالباً في كلية السياسة والاقتصاد في جامعة القاهرة عام 1972، شارك في التظاهرات الطالبية لتحرير سيناء. ثم اعتقل عام 1973 مدة ثمانية أشهر، على خلفية مشاركته في الاحتجاجات الرافضة لخطاب الرئيس الراحل أنور السادات في ذلك الوقت، وتأخره باتخاذ قرار الحرب ضد إسرائيل. أفرج عنه وزملائه قبل حرب أكتوبر/تشرين الأول بأيام.

كانت فترة اعتقاله الأطول عام 1983، حيث قضى خمس سنوات في سجن القلعة، الذي وصفه بأنه "أبشع بكثير من سجن طره لناحية التعذيب"، بتهمة الانتماء إلى تنظيم يساري. أثناء سجنه، تعرّض للضرب والتعذيب بالكهرباء، وكسرت قدمه وذراعه. تقدّم ببلاغ للتحقيق في تلك الواقعة لكن أحداً لم يُعرهُ انتباهاً. أكثر ما يُضايقه أن ابنته منى ولدت أثناء وجوده في السجن.

خلال فترة اعتقاله، وتحديداً عام 1989، حصل على ليسانس حقوق من جامعة "القاهرة". وبعد الإفراج عنه، تطوّع للدفاع عن المتهمين في قضايا الرأي من دون أن يكترث لانتماءاتهم السياسية. شارك في تأسيس مركز "هشام مبارك" للحقوق والقانون المتخصص في الدفاع عن حقوق الإنسان، وتقديم الدعم الحقوقي والقانوني لضحايا هذه الانتهاكات. وبعد ثورة 25 يناير، اعتقل يوم "موقعة الجمل"، حين داهمت قوات الشرطة المركز الحقوقي الذي يديره واعتقلته وآخرين لمدة يومين.


عائلة حقوقية

تزوج أحمد من أستاذة الرياضيات في كلية العلوم في جامعة "القاهرة" ليلى سويف، وهي ناشطة سياسية أيضاً وعضو مُؤسّس في حركة 9 مارس/آذار لاستقلال الجامعات المصرية.

علاء، الابن الأكبر، كان يعمل مُبرمجاً في جنوب أفريقيا. عاد إلى مصر في أعقاب ثورة يناير، علماً أنه سبق واعتقل خلال مشاركته في التظاهرات المطالبة باستقلال القضاء عام 2006 في القاهرة. كذلك، اعتقل خلال حكم المجلس العسكري بعد الثورة، وفي عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور.

ابنته منى، هي أيضاً ناشطة سياسية وحقوقية، ومؤسسة مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين". أما سناء، التي اختار والداها اسمها تيمناً بالشهيدة سناء محيدلي، التي نفذت عملية استشهادية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، لا تفوت بدورها أي نشاط حقوقي.


سجن

في إحدى المرات التي كان فيها أحمد يستعد للدخول إلى قاعة المحكمة للدفاع عن ابنته، قال لعناصر الأمن والحراسة "أنا اليوم لست هنا من أجل ابني.. بل ابنتي". وقد اعتقلت سناء في 21 يونيو/حزيران الماضي، إثر مشاركتها في التظاهرات ضد قانون "التظاهر"، بتهمة التحريض على الإضراب.

وعُرف عن أحمد "الهدوء حتى في أصعب المواقف". كان يقول لابنته القابعة خلف القضبان "ازيك يا سناء؟ ماما بتسلم عليكي. الأهلي كسب الماتش يا سناء. والبرازيل كمان كسبت الماتش اللي فات". بدا مصراً دائماً على مدها بالقوة. لم يكن يريدها أن تنهار.


الأسطورة

كتبت منى على مدونتها مقالاً بعنوان "عائلتي صنعتها الحياة"، قالت فيه "تحكي الأسطورة أن والدي حكم عليه بالسجن خمس سنوات، لاشتراكه في تنظيم شيوعي مسلّح ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وحين علم أصدقاؤه بالأمر، أمنوا له مكاناً سرياً للاختباء. أرادت والدتي التي كانت خارج البلاد أن تراه، ثم قرّر تسليم نفسه رغم عروض تلقاها من جهات أمنية لتهريبه إلى خارج مصر. لكنه فضّل السجن على الهرب". وتابعت منى "لا تعرف الأسطورة أن أبي يواجه اليوم المرض من دون أن يستطيع وجود أبنائه حوله للتخفيف عنه، بسبب وجود علاء وسناء في السجن، لا لشيء إلا لممارستهما الحق في التعبير عن الرأي سلمياً".

وتجدر الإشارة إلى أن أحمد سيف الإسلام يرقد حالياً في قسم العناية المركزة في مستشفى "قصر العيني"، بعدما أجرى عملية قلب مفتوح منذ أسابيع عدّة. وبدأ علاء الإثنين الماضي إضراباً مفتوحاً عن الطعام حتى الإفراج عنه. وحمّلت عائلته النظام "مسؤولية حرمان علاء من الوقوف إلى جانبها في هذه اللحظات الصعبة من حياتها، ومسؤولية سلامة ابنها المضرب عن الطعام".
المساهمون