[اقرأ أيضاً: منظمات حقوقية: الأمن المصري يستخدم "الكلاب" لتعذيب السجناء السياسيين]
وقال زيادة في رسالته: "بلغت سذاجتي حداً لا نهاية له عندما ظننت أن عملي كمصور صحافي في شبكة مصرح لها بالعمل بشكل رسمي سيحميني من الاعتقال أثناء تأديتي لعملي، كل ما كنت أخشاه هو رصاص الأمن وعنف المتظاهرين الغاضبين من كل من يحمل كاميرا، فالمصور الصحافي دائماً مطارد من الجميع لأن الجميع يكرهون الحقيقة ويخافونها!! لم يكن بحوزتي سلاح خرطوش أو مولوتوف أو حتى حجارة حتى أخشى من الاعتقال، لم يكن في حوزتي سوى كاميرا، ولكن الشرطة اعتبرت الكاميرا سلاحاً "وهي بالفعل سلاح، فالحق سلاح"، وجعلوا الكاميرا حرزاً، فمن المفترض أني حرقت كلية تجارة الأزهر بالكاميرا، واعتديت على قوات الأمن بالكاميرا، ومنعت الطلبة من دخول الامتحانات بالكاميرا، وخرقت الأوزون وجففت مياه النيل وسرقت كوكب القمر بالكاميرا!!
تماديت في سذاجتي بعد اعتقالي واعتقدت أنها "ساعة وهتعدي" ولكنها لم تكن ساعة ولا يوماً ولا أسبوعاً ولا شهراً ولا سنة!! فاليوم هو الـ 486 منذ اعتقالي، بحسابات السجن قضيت عامين إلا بضعة أيام!!
عامان من السجن، وانتهاكات لا حصر لها – ذكرتها في مقالات سابقة – وفقدت أشياء ثمينة ولكن حمداً لله أن إنسانيتي ليست من ضمن الأشياء التي فقدتها.. فكم من أُناس عاديين صاروا متطرفين في السجن، وكم من أناس فقدوا عقولهم!!
سذاجة على سذاجتي أضربت عن الطعام حتى يلتفت المسؤولون إلى ذلك الشاب الصحافي صاحب الكاميرا الذي ليس طرفاً في صراع الوحوش على السلطة، والذي لا يستحق كل هذا الظلم.. ولكن المسؤولين عندما التفتوا إليّ وقفوا ضدي وليس معي!!
واجهت الجميع بقلمي، واجهت السجن ومن سجنني ومن اعتدى عليّ ومن سرقني، ومن قال إنّ في جسدي وحمة وليس ضرباً، واجهتهم بقلمي فأزعجهم قلمي كما أزعجتهم الكاميرا، وضيقوا عليّ وعلى قلمي!!
سلبوا حريتي، نعم سلبوها، ففي البداية كنت أقول إنني رغم السجن أشعر بالحرية – وهذه أيضاً سذاجة – واكتشفت أنها مجرد شعارات!! كيف أكون حراً وأنا ممنوع من رؤية أبي وأمي؟! وأنا ممنوع من القراءة والكتابة وممنوع من كل رفاقي وأحبابي؟!
كيف أكون حراً وأنا حتى لا أضمن نجاحي في تهريب ما أكتبه الآن؟! فهم الآن يبحثون عن الأوراق وكأنها قنابل فتاكة!!
للأسف أنا لستُ حُراً، أنا قضيت عامين بين أربعة جدران، أنا سجين!! لماذا سجين؟!
لا أعلم، ولكنها الحقيقة. أنا الآن أُحاكَم في قفصٍ زجاجي مانع للصوت والرؤية حولي وفي يدي حديد كما المجرمين!!.. يحاكموني كإرهابي مجرم هدد أمن بلاده وتجرأ وحاول التصوير "تصوير الحقيقة"!
أنا الآن أنتظر البراءة.. براءة من ماذا؟! لا أدري.. ولكن أنتظر، وأمي أيضاً وأبي ينتظر، وإخوتي ورفاقي الذين يشعرون بالعجز لأنهم لم يستطيعوا فعل شيء لي سوى التضامن، ينتظرون "جميعنا ننتظر ساعة واحدة يطبق فيها العدل"، وطائرة الهجرة أيضاً تنتظرني!!"
ويذكر أن قوات الأمن المصرية، قد ألقت القبض على المصور الصحافي، أحمد جمال زيادة، مصور "شبكة يقين الإخبارية" يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 2013 أثناء تغطيته للاشتباكات التي دارت في جامعة الأزهر، وتم احتجازه بقسم ثان مدينة نصر، ومن ثم انتقل لمعسكر السلام، الذي قضى فيه عدة أيام وبعدها تم ترحيله لسجن أبي زعبل ليمان "2"، ووجهت له النيابة 12 تهمة من بينها الانتماء لجماعة "الإخوان المسلمين"، والاعتداء على ضابط وخرق قانون التظاهر، والتجمهر وإتلاف وحرق ممتلكات عامة وخاصة وغيرها من التهم الموجهة إليه، ولا يزال يحاكم حتى الآن.