اندلعت "التسخينات" الانتخابية فجأة بين أحزاب سياسية في المغرب، من خلال إصدار تصريحات تفيد بأحقية وقدرة كل حزب على تصدر الانتخابات التشريعية المقررة في عام 2021، فضلاً عن تبخيس كل حزب للجهود التنظيمية واللقاءات التي تقوم بها الأطراف الأخرى.
ووصلت التسخينات الحزبية المبكرة إلى حد التشكيك القبلي في نزاهة الانتخابات المقبلة التي على إثرها ستتشكل حكومة جديدة، وربط قياديون في حزب "العدالة والتنمية" (الذي يقود الحكومة) تصدر حزبهم للانتخابات بشفافية هذا الاستحقاق التشريعي، وهو ما أثار حفيظة بعض أحزاب المعارضة.
وصرح المصطفى الرميد، القيادي في حزب "العدالة والتنمية" ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، مؤخراً، بأن حزبه سيتصدر "بدون منافس الانتخابات التشريعية المقبلة، شرط احترام الديمقراطية الانتخابية والتنافسية النقية بين الأحزاب"، وفق تعبيره، منتقدا حزب "الأحرار" الذي بدوره يؤكد أحقيته في تصدر الانتخابات.
وأفاد الرميد بأن "لا شيء يوحي بأنه بإمكان حزب الأحرار أن ينتقل من الرتبة الرابعة التي حققها في انتخابات 2016 إلى المركز الأول في انتخابات 2021، كما أنه ليس هناك ما يدعو إلى إزاحة حزب العدالة والتنمية من صدارة الانتخابات بعد عامين، بعد أن جرب المغاربة نزاهته وعمله وعلاقاته مع الناس".
وأثارت تصريحات قياديين من "العدالة والتنمية" عن تصدر حزبهم الانتخابات المقبلة في حالة "احترام الديمقراطية" حفيظة أحزاب معارضة، مثل "الأصالة والمعاصرة" الذي وجه عبر النائب عبد اللطيف وهبي سؤالا إلى رئيس الحكومة يطالبه بتوضيحات بشأن تصريحات وصفها بأنها "تسيء إلى صورة البلاد وتجربتها الديمقراطية داخليا وخارجيا".
ويعلق الباحث في "مركز الرباط للدراسات السياسية" كريم عايش بالقول إن الأيام الماضية عرفت تنظيم لقاءات وترتيبات حزبية اتخذت منحى "تسخينيا" أكثر منه تنظيميا، مبرزا أن "تصاعد حدة التصريحات والتصريحات المضادة جعل هذه المواعيد السياسية تتخذ طابعا انتخابيا، مع إعلان العدالة والتنمية والأحرار عن أحقيتهما بالظفر بالانتخابات المقبلة.
وأوضح عايش لـ"العربي الجديد" أن "هذا الجدل يملأ الساحة السياسية كل سنة، حيث سبق لحزب الأصالة والمعاصرة تأكيد حتمية تصدره للمشهد السياسي قبل الانتخابات التشريعية المنصرمة"، مردفا أن هذا الزخم الذي تعرفه الساحة السياسية "يعود إلى رغبة الحزبين في تدارك وتعزيز مكانتهما لدى الناخب المغربي".
وسجل المتحدث "ميول الناخب المغربي إلى العزوف السياسي، كما أنه قد يلوح بالمقاطعة الانتخابية أمام تراجع مكاسبه الاجتماعية، وتوالي تراجع قدرته الشرائية واستفحال البطالة والهشاشة أمام فشل النموذج التنموي السابق، وبطء بعض الأوراش الاقتصادية الكبرى في تحقيق إقلاع اقتصادي ونمو مضطرد".
ولفت عايش إلى أن أحد الأحزاب "صار يدعي امتلاكه حلول المشاكل التي يعيشها المغاربة، وأضحى حزب آخر يعدد منجزاته داخل الحكومة، وهو ما يرى فيه الشارع مزايدات وخطابا انتخابيا يسبق بكثير المواعيد المقررة"، متابعا بأن هذه الأحزاب "تعمل على حشد الأنصار والأتباع بتفريق الوعود بدل تقديم برنامج مرحلي يستند إلى نتائج ملموسة تعزز ثقة الناخب في أحزاب تغيب عنها الديمقراطية الداخلية" وفق تعبيره.