يواجه الصحافيون الاستقصائيون أحياناً ظروف عمل خطرة، ويتبع بعضهم أسلوب الصحافي المتخفي للتحقيق في الأمور الحساسة والدقيقة. ورغم أن الكثير من الأسئلة والشكوك تطرح حول أخلاقيات العمل الصحافي المتخفي، لكنها أحياناً قد تكون الوسيلة الواحدة. تعرفوا إلى 5 من أبرز الصحافيين المتخفين، تعرضوا لأخطر الظروف خلال مسيرتهم المهنية، وبرهنوا عن شجاعة شديدة.
أنطونيو سالاس
أنطونيو سالاس هو الاسم المستعار للصحافي الإسباني الذي مارس العمل الصحافي طوال حياته. ونستشهد هنا بكلام سالاس نفسه: "عشت عاماً كاملاً مع النازيين الجدد، عاماً ونصف العام كقواد، و6 أعوام كإرهابي دولي". وكان سالاس اعتنق الإسلام، للتوغل داخل الجماعات الإسلامية المتطرفة، منتحلاً شخصية وهمية لفنزويلي من أصل فلسطيني.
عرف سالاس خلال الأعوام الستة تلك بـ"محمد عبدالله"، وأصبح مقرباً من كبار المسؤولين في تلك الجماعات، لدرجة أنه حضر الدعوات العسكرية، وأصبح المشرف العام على موقع إليتش راميريز سانشيز المعروف بـ"كارلوس ابن آوى" الذي يقبع في السجون الفرنسية بعد إدانته بالمسؤولية عن مقتل أكثر من 80 شخصاً.
تعلّم الصحافي اللغة العربية، وكتب نسخة من القرآن الكريم بخط يده، وعمل في الترويج للقضايا الجهادية، وسافر عبر العالم العربي من مصر إلى الأردن ولبنان، وتعلّم خلال رحلته كيف يستخدم المسدسات والرشاشات بأنواعها المختلفة ومناظير القناصة، كما تلقى تدريباً على المتفجرات.
تيم لوبيز
ترعرع الصحافي البرازيلي، تيم لوبيز، في أحياء ريو دي جانيرو الفقيرة، وتركت خلفيته هذه تأثيراً كبيراً في "أسلوبه القديم" لكتابة القصص من الشوارع. بدأ لوبيز عمله بالتنقل بسرية في الأحياء الفقيرة، وتصوير النشاطات غير المشروعة باستعمال كاميرا مخفية. وتعد هذه الأحياء خطرة، إذ تغيب أي رقابة للدولة فيها، وتسيطر عليها العصابات الإجرامية وتجار المخدرات.
في عام 2001، قدم لوبيز صوراً اتخذت سراً لتجار المخدرات والمهربين الذين يمارسون عملهم بشكل علني في الشوارع، مما أدى إلى تدخل الشرطة، وبالتالي الانخفاض في عائدات تجار المخدرات الكبرى.
اكتسب لوبيز شهرته من هذا النوع من التغطيات، فاختطفته عصابة لتجارة المخدرات في عام 2002. تعرض لوبيز للضرب، التعذيب الوحشي، الحرق، والقتل. في نهاية المطاف، قدّم لوبيز حياته حرفياً من أجل مهنته.
غونتر فالراف
استعار الكاتب الألماني الشهير، غونتر فالراف، شخصيات عدة خلال مسيرته المهنية. بدأ فالراف حياته المهنية السرية في عام 1969، من خلال "التقارير الـ13 غير المرغوب بها" التي تؤرخ تجربته أثناء تخفيه كمدمن على الكحول، متشرد، وعامل في مصنع كيماوي.
في عام 1974، توجه الكاتب إلى اليونان، حيث كانت تخضع لسيطرة حكم عسكري ديكتاتوري. تظاهر فالراف في ميدان سنتغما في أثنيا، للاحتجاج على انتهاكات حقوق الإنسان هناك. لم يكن فالراف يحمل أي بطاقة تعريف رسمية قصداً، فألقي القبض عليه، وتعرض للضرب والتعذيب. وبعد التعرف إلى هويته، لم يطلق سراح فالراف إلا في وقت لاحق ذلك العام، بعد انهيار الديكتاتورية العسكرية.
لم تتوقف مغامرات الصحافي، إذ في عام 2007، وكان في الرابعة والستين حينها، تخفى فالراف في أحد مراكز الاتصالات في ألمانيا. وفي 2009، انتحل هوية رجل أسود البشرة لفضح التمييز العنصري ضد ذوي البشرة السوداء.
دونال ماكنتاير
تعليقاً على مسيرته المهنية التي امتدت على مدى 20 عاماً، قال الصحافي الاستقصائي الأيرلندي، دونال ماكنتاير: "تعرضت لإطلاق النار والضرب وسوء المعاملة في الشارع أمام أطفالي، واضطررت للانتقال 50 مرة من منزلي، بسبب تهديدات بالقتل".
عمل ماكنتاير متخفياً في حالات متعددة، ابتداءً من مجال الرياضات الخطرة وصولاً إلى دور رعاية الضعفاء، حيث أدى نشره لظروف الحياة داخلها إلى إغلاق واحدة منها، وتوجيه تهمة الاعتداء لشخصين.
وتعد أكثر عمليات ماكنتاير شجاعة وخطورة في عام 1999، حين تخفى كعضو في عصابة Chelsea Headhunters سيئة السمعة لإثارة الشغب في ملاعب كرة القدم. خلال تخفيه، أكدّ ماكنتاير أن العصابة لديها علاقات منظمة مع النازيين الجدد عبر مؤسسة "كومبات 18".
جراء ذلك، ألقي القبض على عدد من أفراد العصابة وأثبتت التحقيقات تورطهم، وواجه أحد الأفراد، جايسون مارينر، حكماً بالسجن لمدة 6 سنوات. أثناء المحاكمة، وضعت الشرطة ماكنتاير تحت الحماية المشددة.
ستيوارت غولدمان
عُرف المراسل الأميركي، ستيوارت غولدمان، بـ"الصحافي القاتل"، بسبب عموده في صحيفة "لوس أنجليس تايمز" Los Angeles Times، وتتضمن أعماله السرية تحقيقه حول المراسلة التلفزيوني المبشرة، تيري كول ــ ويتاكر، والصحف الصفراء.
عمل غولدمان في التسعينيات على فضح وسائل إعلامية صفراء (صحف وقنوات تلفزيون) كمؤسسة إجرامية. فاستعمل لمدة ثلاث سنوات الاسم المستعار، ويل رنيون، وجمع معلومات كثيرة. في نهاية تحقيقه، ادعى أن الصحف تعمل كشبكة تجسس، وتضم أطباء وحراسا أمنيين، يقدمون تفاصيل عن تحركات المشاهير، لدرجة أنهم كانوا يدققون في نفايات المشاهير بحثاً عن وصفات طبية أو اختبارات حمل أو رسائل.
(العربي الجديد)