أعطت قرارات العزل التي اتخذها رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، مسؤولين بالجمارك متهمين بالفساد إشارة الانطلاق للإصلاح الفعلي لجهاز الجمارك، حسب خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد"، بعد سنوات طويلة من المماطلة دفع خلالها الاقتصاد المحلي كلفة باهظة لتفشي الفساد في هذا الجهاز الحكومي الحساس.
وأكد الخبراء أن الإطاحة بكبار المهربين مع المتعاونين معهم بقطاع الجمارك سيساهم في الحد من الخسائر الباهظة التي يتكبّدها اقتصاد البلاد بسبب تفاقم التهريب خلال الفترة الأخيرة.
وأعلن الشاهد عقب زيارة قام بها، أخيراً، لميناء رادس التجاري بالعاصمة (أكبر ميناء تجاري في تونس) عن إبعاد 21 معاوناً جمركياً برتب مختلفة من مواقع المسؤولية بتهم الفساد في انتظار استكمال التحقيق معهم.
كما قرّر إحالة 35 معاوناً إلى مجلس الشرف (مجلس التأديب) طبقاً للإجراءات المعمول بها، بعد ثبوت ضلوعهم في جرائم فساد.
وتأتي قرارات رئيس الحكومة عقب توجيه أصابع الاتهام لمسؤولين في الجمارك بتهم الفساد وتسهيل تمرير السلع المهربة، لتؤكد استشراء الفساد في جسم الدولة.
وتعتبر الحكومة إصلاح الجهاز الجمركي من أهم الإصلاحات التي اللازمة للنهوض بالاقتصاد المحلي لا سيما وأن هذا الإجراء تصدر توصيات صندوق النقد الدولي.
ويرى الخبير الاقتصادي، محمد الجراية، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن قرارات رئيس الحكومة بعزل قيادات وأعوان في الجمارك دليل على بداية مشروع الإصلاح، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات وإن لم تؤتِ أكلها بشكل عاجل، ستحد من نزيف التهريب الذي ينخر في جسم الدولة.
وأضاف الجراية أن ميناء رادس هو رئة الاقتصاد التونسي، معتبراً أن تفشي الفساد في هذا الميناء يحد من فرص تطور مختلف القطاعات المحلية، لا سيما وأن زيارة رئيس الحكومة كشفت عن كمّ كبير من المحجوزات في المخازن الجمركية الموجودة في المستودعات منذ سنوات.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن السلع المتروكة في المستودعات تؤدي لخسارة في إيرادات الدولة من الضرائب المرتقبة على هذه السلع وخسارة السلع باعتبار أنها تصبح خارج الدورة الاقتصادية في ظل تخزينها بلا داعٍ.
ولفت الجراية أن بقاء الحاويات لمدة طويلة في الميناء يعطي انطباعاً سيئاً عن المناخ الاستثماري في البلاد ويحد من إمكانيات التبادل التجاري الجالبة للعملة الصعبة وللموارد الجبائية، معتبراً أن كفّ أيدي المفسدين في الجمارك سيساعد الاقتصاد على استعادة جزء من إمكانياته المهدورة.
ويعد الإصلاح الجمركي من أهم القطاعات المحددة لجهود مقاومة الفساد، فيما يرى الخبراء أن القضاء على الفساد لا يقتصر على إدانة القيادات الجمركية، بل يستوجب إعداد بيئة طاردة للفساد عبر مدونة سلوك تهدف إلى التأسيس لقواعد جمركية تحترم النظم الإدارية وتحد من السلوكيات المتعلقة بالفساد.
ويعمل البرلمان على صياغة مجموعة من القوانين لسد منافذ الفساد في القطاعات الحيوية على غرار قانون الإثراء غير المشروع والتصريح بالممتلكات الذي سيشمل قطاع الجمارك.
وقال رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، شوقي الطبيب، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن إصلاح جهاز الجمارك يقوم على مقاربة شاملة تعتمد على تفكيك منظومة الفساد القائمة على مراجعة القوانين التي لها علاقة بهذا القطاع.
وأضاف الطبيب، "إن الهيئة وقعت بروتوكول تعاون مع إدارة الجمارك" غير أن هذه الإجراءات تبقى غير مكتملة ولم تستطع إخراج هذا القطاع من دائرة التجاذبات السياسية وسيطرة رأس المال الفاسد عليه، مشدداً على أهمية محاسبة كل من ثبت تورطه في الفساد والقطع مع عقلية الإفلات من العقاب.
وفي شهادة أمام هيئة الحقيقة والكرامة كشف عماد الطرابلسي صهر الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، الذي يقضي عقوبة سجن، عن حقائق صادمة حول الفساد في الجهاز الجمركي والتعاملات داخل الموانئ التجارية، ولا سيما ميناء رادس الذي كان المنفذ الرئيسي لدخول السلع التي يجلبها أفراد من العائلة الحاكمة دون دفع أي رسوم جبائية بتسهيل من قيادات جمركية مقابل حصولهم على رشى وامتيازات.
وبالإضافة إلى المعابر الحدودية البرية يعتبر ميناء رادس المصدر الرئيسي للسلع المهربة أمام عجز الدولة على احتواء هذه الظاهرة التي تكلف الاقتصاد نصف مليار دولار سنوياً، حسب تقرير سابق لصندوق النقد الدولي.
وتشن حكومة الشاهد حملة واسعة النطاق على الفساد، انطلقت بالإطاحة بكبار المهربين في البلاد لتطاول القيادات الجمركية.
وكان رئيس الحكومة قد أكد لدى تسلمه السلطة، أن الإرهاب والتهريب، وجهان لعملة واحدة. وتجد حملة الشاهد ضد الفساد مساندة شعبية وحزبية، حيث دعا الائتلاف المدني لمكافحة الفساد، والذي يضم أكثر من 15 جمعية ومنظمة وطنية في بيان مشترك، يوسف الشاهد إلى ضرورة إعلام الرأي العام بمجريات وتطوّرات الحملة ضّد الفاسدين وتوضيح خلفيّات التوقيفات الأخيرة والأشخاص المعنيّين والتهم التي يواجهونها، مؤكدين ضرورة تحسين منظومة الاتصال والتواصل في علاقة باستراتيجيتها الخاصة لمكافحة الفساد.
كما دعا البيان إلى ضرورة توجيه المعركة ضد منظومة الفساد بكل أشكالها ومظاهرها وخاصة القانونية والإدارية بغرض تفكيكها والحد من آثارها على الاقتصاد الوطني، مشددين على ضرورة احترام الإجراءات القانونيّة من أجل ضمان حقوق الدفاع لكلّ المتهمين وفق ما يقتضيه دستور البلاد ومعايير المحاكمة العادلة، وإحالة القضايا المتعلقة بالفساد على القضاء المالي دون القضاء العسكري، باعتبار أن الخلل في الإجراءات يخدم الفساد والمفسدين ويساهم في إفلاتهم من العقاب والتوسيع غير المبرر لدائرة المتعاطفين معهم.
وطاولت الحملة الحكومية ضد الفساد قطاعات أخرى منها، الجمعيات الناشطة في البلاد، بعدما أُمهلت شهراً لإعداد تقارير تتضمن جرداً مفصلاً لمصادر تمويلها ونفقاتها فضلاً عن الإعلام بكل التمويلات الأجنبية التي حصلت عليها وتقديم مستندات بها لدائرة المحاسبات (هيكل حكومي لمراقبة النفقات العامة).
وتسعى الحكومة إلى تطويق كل أشكال الكسب غير الشرعي والأموال المشبوهة عبر رفع أداء الهياكل الرقابية، سواء في البنك المركزي أو عبر أجهزتها الرقابية على غرار دائرتي المحاسبات والمالية.
وعقب الثورة عرفت البلاد طفرة في إنشاء الجمعيات المدنية، التي فاقت 18 ألف جمعية، ما جعل مراقبة كشوف تمويلاتها أمراً صعباً وفق المهتمين بالشأن الاقتصادي.
اقــرأ أيضاً
وأكد الخبراء أن الإطاحة بكبار المهربين مع المتعاونين معهم بقطاع الجمارك سيساهم في الحد من الخسائر الباهظة التي يتكبّدها اقتصاد البلاد بسبب تفاقم التهريب خلال الفترة الأخيرة.
وأعلن الشاهد عقب زيارة قام بها، أخيراً، لميناء رادس التجاري بالعاصمة (أكبر ميناء تجاري في تونس) عن إبعاد 21 معاوناً جمركياً برتب مختلفة من مواقع المسؤولية بتهم الفساد في انتظار استكمال التحقيق معهم.
كما قرّر إحالة 35 معاوناً إلى مجلس الشرف (مجلس التأديب) طبقاً للإجراءات المعمول بها، بعد ثبوت ضلوعهم في جرائم فساد.
وتأتي قرارات رئيس الحكومة عقب توجيه أصابع الاتهام لمسؤولين في الجمارك بتهم الفساد وتسهيل تمرير السلع المهربة، لتؤكد استشراء الفساد في جسم الدولة.
وتعتبر الحكومة إصلاح الجهاز الجمركي من أهم الإصلاحات التي اللازمة للنهوض بالاقتصاد المحلي لا سيما وأن هذا الإجراء تصدر توصيات صندوق النقد الدولي.
ويرى الخبير الاقتصادي، محمد الجراية، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن قرارات رئيس الحكومة بعزل قيادات وأعوان في الجمارك دليل على بداية مشروع الإصلاح، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات وإن لم تؤتِ أكلها بشكل عاجل، ستحد من نزيف التهريب الذي ينخر في جسم الدولة.
وأضاف الجراية أن ميناء رادس هو رئة الاقتصاد التونسي، معتبراً أن تفشي الفساد في هذا الميناء يحد من فرص تطور مختلف القطاعات المحلية، لا سيما وأن زيارة رئيس الحكومة كشفت عن كمّ كبير من المحجوزات في المخازن الجمركية الموجودة في المستودعات منذ سنوات.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن السلع المتروكة في المستودعات تؤدي لخسارة في إيرادات الدولة من الضرائب المرتقبة على هذه السلع وخسارة السلع باعتبار أنها تصبح خارج الدورة الاقتصادية في ظل تخزينها بلا داعٍ.
ولفت الجراية أن بقاء الحاويات لمدة طويلة في الميناء يعطي انطباعاً سيئاً عن المناخ الاستثماري في البلاد ويحد من إمكانيات التبادل التجاري الجالبة للعملة الصعبة وللموارد الجبائية، معتبراً أن كفّ أيدي المفسدين في الجمارك سيساعد الاقتصاد على استعادة جزء من إمكانياته المهدورة.
ويعد الإصلاح الجمركي من أهم القطاعات المحددة لجهود مقاومة الفساد، فيما يرى الخبراء أن القضاء على الفساد لا يقتصر على إدانة القيادات الجمركية، بل يستوجب إعداد بيئة طاردة للفساد عبر مدونة سلوك تهدف إلى التأسيس لقواعد جمركية تحترم النظم الإدارية وتحد من السلوكيات المتعلقة بالفساد.
ويعمل البرلمان على صياغة مجموعة من القوانين لسد منافذ الفساد في القطاعات الحيوية على غرار قانون الإثراء غير المشروع والتصريح بالممتلكات الذي سيشمل قطاع الجمارك.
وقال رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، شوقي الطبيب، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن إصلاح جهاز الجمارك يقوم على مقاربة شاملة تعتمد على تفكيك منظومة الفساد القائمة على مراجعة القوانين التي لها علاقة بهذا القطاع.
وأضاف الطبيب، "إن الهيئة وقعت بروتوكول تعاون مع إدارة الجمارك" غير أن هذه الإجراءات تبقى غير مكتملة ولم تستطع إخراج هذا القطاع من دائرة التجاذبات السياسية وسيطرة رأس المال الفاسد عليه، مشدداً على أهمية محاسبة كل من ثبت تورطه في الفساد والقطع مع عقلية الإفلات من العقاب.
وفي شهادة أمام هيئة الحقيقة والكرامة كشف عماد الطرابلسي صهر الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، الذي يقضي عقوبة سجن، عن حقائق صادمة حول الفساد في الجهاز الجمركي والتعاملات داخل الموانئ التجارية، ولا سيما ميناء رادس الذي كان المنفذ الرئيسي لدخول السلع التي يجلبها أفراد من العائلة الحاكمة دون دفع أي رسوم جبائية بتسهيل من قيادات جمركية مقابل حصولهم على رشى وامتيازات.
وبالإضافة إلى المعابر الحدودية البرية يعتبر ميناء رادس المصدر الرئيسي للسلع المهربة أمام عجز الدولة على احتواء هذه الظاهرة التي تكلف الاقتصاد نصف مليار دولار سنوياً، حسب تقرير سابق لصندوق النقد الدولي.
وتشن حكومة الشاهد حملة واسعة النطاق على الفساد، انطلقت بالإطاحة بكبار المهربين في البلاد لتطاول القيادات الجمركية.
وكان رئيس الحكومة قد أكد لدى تسلمه السلطة، أن الإرهاب والتهريب، وجهان لعملة واحدة. وتجد حملة الشاهد ضد الفساد مساندة شعبية وحزبية، حيث دعا الائتلاف المدني لمكافحة الفساد، والذي يضم أكثر من 15 جمعية ومنظمة وطنية في بيان مشترك، يوسف الشاهد إلى ضرورة إعلام الرأي العام بمجريات وتطوّرات الحملة ضّد الفاسدين وتوضيح خلفيّات التوقيفات الأخيرة والأشخاص المعنيّين والتهم التي يواجهونها، مؤكدين ضرورة تحسين منظومة الاتصال والتواصل في علاقة باستراتيجيتها الخاصة لمكافحة الفساد.
كما دعا البيان إلى ضرورة توجيه المعركة ضد منظومة الفساد بكل أشكالها ومظاهرها وخاصة القانونية والإدارية بغرض تفكيكها والحد من آثارها على الاقتصاد الوطني، مشددين على ضرورة احترام الإجراءات القانونيّة من أجل ضمان حقوق الدفاع لكلّ المتهمين وفق ما يقتضيه دستور البلاد ومعايير المحاكمة العادلة، وإحالة القضايا المتعلقة بالفساد على القضاء المالي دون القضاء العسكري، باعتبار أن الخلل في الإجراءات يخدم الفساد والمفسدين ويساهم في إفلاتهم من العقاب والتوسيع غير المبرر لدائرة المتعاطفين معهم.
وطاولت الحملة الحكومية ضد الفساد قطاعات أخرى منها، الجمعيات الناشطة في البلاد، بعدما أُمهلت شهراً لإعداد تقارير تتضمن جرداً مفصلاً لمصادر تمويلها ونفقاتها فضلاً عن الإعلام بكل التمويلات الأجنبية التي حصلت عليها وتقديم مستندات بها لدائرة المحاسبات (هيكل حكومي لمراقبة النفقات العامة).
وتسعى الحكومة إلى تطويق كل أشكال الكسب غير الشرعي والأموال المشبوهة عبر رفع أداء الهياكل الرقابية، سواء في البنك المركزي أو عبر أجهزتها الرقابية على غرار دائرتي المحاسبات والمالية.
وعقب الثورة عرفت البلاد طفرة في إنشاء الجمعيات المدنية، التي فاقت 18 ألف جمعية، ما جعل مراقبة كشوف تمويلاتها أمراً صعباً وفق المهتمين بالشأن الاقتصادي.