دائماً ما كانت تثير أعماله الجدل في المجتمعات التي تُعرض فيها، ومن ذلك ما أثاره من ضجة صادمة في الدنمارك عام 2016، حين قام بسحب عمله من متحف "آروس" في مدينة آرهوس، احتجاجاً على تشديد الحكومة سياسة اللجوء.
ربما تكون "الصدمة" هي الأساس الذي تقوم عليه تصميمات ويوي الذي يطلق عليه نقاد "نجم بوب الفن"، ضمن انهماكه في توثيق تراجيديا اللجوء، وما قدّمه من تجهيزات مستفزة حولها، إذ جمع 14 ألف سترة نجاة استخدمها اللاجئون للوصول إلى شواطئ جزيرة لسبوس اليونانية، ثم استخدمها لعمل تجهيزات منها في مدن مختلفة؛ حيث لفّ أعمدة أعمدة مسرح "كنزرثيوس" وسط برلين بها، وعرض آلاف السترات على نوافذ "متحف الفنون" في كوبنهاغن، وكذلك فعل أمام قصر "بلفيدر" في فيينا حيث صمّم ألف سترة على شكل أزهار لوتس تطفو على سطح البحيرة في حديقة القصر.
في فيلمه الملحمي، أعاد تصور اللاجئين ككيانات مختلفة، وليس فقط كما يصورهم الإعلام ويتخيّلهم المتفرّج الأوروبي كتلة واحد من آلاف البشر تتحرك باتجاه القارة العجوز، ولكي يحقّق ذلك قام الفنان بزيارة 23 بلداً من بينها أفغانستان وبنغلادش وكينيا والمكسيك وتركيا والباكستان.
وفي كل مرة حاول أن يظهر كفاح الناس -قبل أن يلجؤوا إلى رحلة الموت- في بلادهم من أجل البقاء فيها وعدم الاستسلام للظروف، التي دفعتهم أخيراً إلى الانهيار والهروب.
قوبل "تدفق بشري" بقراءات مختلفة، منها القول بأن آي ويوي لم يقدّم جديداً في مسار هذه الأزمة، لكنه "يثير انتباه الجميع إلى أن البشر الهاربين هم مسؤوليتنا جميعاً"، ويقول إن الإنسانية تعاني من وجود ما يربو على 65 مليون لاجئ مشرّد.
ولا يبدو إن الوصول إلى أوروبا حلاً، حيث تبدأ محنة أخرى مع سياسات بعض الدول الأوروبية، التي تسيء التعامل مع اللاجئين؛ كأن ويوي يذكّر بمشهد مخزٍ يبصق فيه دنماركي على اللاجئين السوريين عام 2015. هنا يلفت الفنان الصيني إلى تفاقم النزعة القومية والشعبوية والعنصرية إلى حدودها القصوى مع تفاقم مشكلة اللجوء وبقائها بلا حلول، لتصبح تراجيديا اللجوء ممثّلة على "اختلال توازن الإنسانية وغياب أي أفق ايجابي لوضع يبدو ميئوساً منه، ويتحول إلى مجرد عادة تحدث في غياب التعاون بين البشر".
قام الفنان الدنماركي نيلس باغ أندرسن، بمساعدة ويوي في عملية اختيار وترتيب الصور والمقاطع وقصص الضحايا، ومن أكثر الصور قسوة في "تدفق بشري" لقطة لشاب عراقي مزّق القصف جزءاً من جسده ونهشت الحيوانات جزءاً آخر.
قسوة المشاهدة ضرورية من وجهة نظر ويوي، حيث أن الصدمة لازمة في مثل هذا النوع من الأعمال؛ لأنها تؤثر مباشرة على الناس، وتجعلهم بعضهم راغباً وربما فاعلاً في التغيير.
يقول الفنان في لقاء متلفز مع القناة الدنماركية "دي آر"، إنه أراد للناس أن يروا بعمق الأسباب التي تدفع أي أحد إلى اللجوء، يشرح "كما أرى الأمر فلا خيارات أمام اللاجئين. من هنا يمكننا إما أن نتسامح أو نختار الكراهية والعزل"، ويضيف إن العمل "فرصة لفهم أننا كبشر لدينا من أوجه التشابه ما هو أكثر من الاختلافات".
ويضيف أن "تدفق بشري" يقدّم للناس "قراءة عن الحاجة الماسة لقيم وحقوق الإنسان والمسؤولية الإنسانية المشتركة، فإذا ما بقينا قابعين في التفكير الضيق، لا نملك الشجاعة ونفتقر لرؤية عالمية، فنحن ذاهبون إلى مواصلة حياتنا ككذبة وجودية. وإذا ما كنا نقدّر كثيراً امتيازاتنا في مجتمعاتنا فعلينا التزام مساعدة الآخرين، كواجب".