بينما ينحسر شيئاً فشيئاً ذلك المد الكاريكاتوري الذي عرفته الصحافة التونسية بعد الثورة، يبدو أن فن الكاركاتير بات يبحث عن محامل أخرى لإيصال صوته. وإذا كانت وسائل الاتصال الاجتماعي الفضاء الأرحب له، إلا أنه لا يوفّر ذلك البعد التراكمي الذي تمنحه الكتب، لذلك فقد أخذت تونس تشهد في الأشهر الأخيرة إصدار عدد من الكتب الكاريكاتيرية تبدو في معظمها توثيقاً لما حدث في السنوات الخمس الماضية.
فبعد إصدار رسامين كاريكاتيريين، مثل الشاذلي بلخامسة أو نادية الخياري، لكتب ترصد ما جرى في هذه الفترة، أصدر مؤخراً توفيق عمران كتاباً جديداً بعنوان "15/15، تونس في رسومات" (منشورات الفينيق) بالاشتراك مع الصحافية إيناس الوسلاتي. يجري اليوم، ضمن فعاليات الدورة الثانية والثلاثون من "معرض تونس الدولي للكتاب" في يومها الختامي تقديم وتوقيع الكتاب في جناح "سراس".
لعل عمران يمثل أحد نماذج الرسامين الكاريكاتيريين الذين كانوا حاضرين بقوة في جرائد السنوات الأخيرة غير أن الصعوبات التي عرفتها الدوريات التي ساهم فيها بأعماله، ضمن موجة صعوبات عرفتها الجرائد الجديدة بعد الثورة، قلصت شيئاً من ظهوره قبل عودته من خلال برامج تلفزيونية، ثم من خلال هذا العمل التوثيقي الذي يعيد سرد ما حدث بأسلوب ساخر.
إلى جانب الـ 75 رسماً كاريكاتيرياً، تقدم الوسلاتي تعليقات وإضاءات (باللغة الفرنسية) على الأحداث التي تناولها شريكها في العمل. تمثل الحياة السياسية أهم محاور العمل، حيث يرصد متناقضات القول والفعل لصانعيها سواء في مواقع الحكم أو خارجها، كما تمس السخرية أيضاً ظواهر الإرهاب والسياسات الاقتصادية.