كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، صباح اليوم الثلاثاء، النقاب عن أن جهاز الموساد الإسرائيلي مارس في السنوات الأخيرة، بمعرفة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ضغوطاً على وزارة الأمن الإسرائيلية لتخفيف القيود على بيع السلاح المتطور والهجومي لدولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن وزارة الأمن عارضت هذه الصفقات.
وبيّن التقرير الذي نشره المراسل العسكري في الصحيفة أليكس فيشمان، أن بيع السلاح الهجومي والمتطور للإمارات العربية المتحدة بدأ عملياً منذ العام 2010، بعد عملية اغتيال القيادي في "حركة حماس" محمد المبحوح في أحد فنادق دبي.
الإمارات تحصل على منظومات وعتاد عسكري من إسرائيل منذ أكثر من ثماني سنوات
وبحسب رواية "يديعوت أحرونوت"، فإن رئيس الموساد السابق تمير باردو أُرسل في ذلك الوقت إلى الإمارات، لمحاولة حلّ الأزمة المعلنة بين الجانبين، وكان شرط الإمارات تزويدها بمنظومات من الأسلحة. وقالت الصحيفة إن الإمارات تدرج عادة وفق التصنيفات الإسرائيلية لبيع السلاح ضمن مجموعة الدول التي لا يمكن بيعها أسلحة هجومية متطورة، خوفاً من تسريب هذه الأسلحة لجهات معادية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية قولها إن الموساد يضغط منذ عامين لبيع منظومات سلاح تتعدى الخبرات الاستخباراتية، لبيع أسلحة هجومية متطورة دقيقة الإصابة، في إشارة للصواريخ الإسرائيلية، مع تأكيد أن الإمارات تحصل على منظومات وعتاد عسكري من إسرائيل منذ أكثر من ثماني سنوات.
وأضاف التقرير أن رئيس الموساد الحالي يوسي كوهين ونتنياهو طالبا وزارة الأمن بمنح تسهيلات إضافية لبيع أسلحة أكثر تطوراً للإمارات في سياق الجهود التي سبقت التوصل إلى الاتفاق الإسرائيلي -الإماراتي، وأيضاً لأسباب اقتصادية.
ويأتي كشف "يديعوت أحرونوت" بعد أن سبق للصحيفة أن كشفت النقاب الأسبوع الماضي عن أن إسرائيل سحبت، خلال المفاوضات للتوصل إلى الاتفاق الإسرائيلي - الإماراتي، معارضتها لتزويد الإمارات بمقاتلات الشبح "أف 35"، بما يهدّد وفق العقيدة العسكرية الإسرائيلية، التفوق العسكري الإسرائيلي على الدول العربية.
وأصرّ نتنياهو في البداية على نفي صحة الخبر، وتكرار الموقف الرسمي بأن إسرائيل ستعارض كما في السابق تهديد تفوقها العسكري على الدول العربية.
وكرّر نتنياهو أمس الإثنين، خلال المؤتمر الصحافي مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، تأكيد أن صفقة سلاح ممكنة بين الولايات المتحدة والإمارات، لم تكن جزءاً من الاتفاق، وأن إسرائيل تصرّ على موقفها التقليدي بمنع بيع سلاح من هذا النوع لدول عربية، وأن الولايات المتحدة حرصت على مدار الأربعين عاماً الأخيرة على تثبيت هذا المبدأ. وأكد بومبيو في المؤتمر الصحافي المشترك أن الولايات المتحدة ملتزمة بهذا المبدأ.
في المقابل، كشفت الصحف الإسرائيلية مطلع الأسبوع أن شركة السايبر والبرمجيات "أن أس أو"، باعت لحكومة الإمارات المتحدة برنامج التجسس "بيغاسوس 3" الذي يمكّن من اختراق الهواتف الخاصة ومراقبة معارضي النظام، وهو البرنامج الذي تردّد أنه تم استخدامه أيضاً من قبل المملكة العربية السعودية في مراقبة الصحافي السعودي جمال خاشقجي، قبل قتله في جريمة بشعة في قنصلية بلاده في إسطنبول.
إلى ذلك، أقرّ تقرير موسع لصحيفة "ذي ماركر" الإسرائيلية بأن شركة "لوجيك" التابعة لرجل الأعمال الإسرائيلي ماتي كوخافي من مجموعة شركات "أي جي تي إنترناشونال" الإسرائيلية المسجلة في سويسرا، تنشط في الإمارات العربية المتحدة منذ العام 2008، وأنها أبرمت صفقات بأكثر من 7 مليارات دولار، ومن ضمنها تزويد الإمارات بخدمات أمنية عالية مثل كاميرات مراقبة ومجسات استشعارية، وقامت الشركة بتزويد الإمارات بمنظومات لضبط أمن المطارات والمرافئ وحماية حقول النفط، وبرنامج للتعرف على الوجوه ولوحات السيارات.
ووفقاً لتقرير "ذي ماركر"، فإن هذه الصفقات تمت بدعم ووساطة جهات حكومية إسرائيلية رسمية. كما نفذت الشركة التابعة لكوخافي، في العام 2019، صفقة لتحويل طائرتين خاصتين، لطائرتي تجسس متطورتين لصالح سلاح الجو الإماراتي، تجعلهما قادرتين أيضاً على اعتراض الرسائل السرية، والكشف عن منظومات إلكترونية تشغلها إيران. وبلغ حجم الصفقة 3 مليارات شيكل، أي نحو 850 مليون دولار.
أرباح بالمليارات
في غضون ذلك، كشف تقرير للصحيفة نفسها، صباح اليوم الثلاثاء، أن مصانع تابعة للصناعات الجوية الإسرائيلية قد تحقق أرباحاً تصل إلى ملياري دولار إن أبرمت صفقة بيع طائرات "إف 35" لدولة الإمارات.
وبحسب التقرير المذكور، فإنه في حال إبرام الصفقة، فإن المصانع القائمة في مدينة اللد، هي التي ستكون مسؤولة عن تصنيع أجنحة مقاتلات "إف 35" وفقاً لاتفاقيات رسمية بين دولة الاحتلال وبين الولايات المتحدة.
وبموجب الاتفاقية الموقعة بين دولة الاحتلال وبين الولايات المتحدة، فإن خط إنتاج أجنحة لمقاتلات "إف 35" في اللد يفترض فيه أن يصنع 811 زوجاً من أجنحة ومقاتلة الشبح "إف 35" الأكثر تطوراً في العالم، على مدار العشرين عام القادمة، مما يعني أن المقاتلات التي تطمح لها الإمارات ستكون ذات أجنحة صنعت في إسرائيل.
ونص الاتفاق بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال على أن هذه الأجنحة ستباع لدول مختلفة وعلى رأسها الولايات المتحدة، باستثناء تركيا.
يفتح الاتفاق الإماراتي - الإسرائيليا الباب أيضاً أمام سوق الطائرات المقاتلة بدون طيار التي تنتجها شركتا "ألفيت" و"رفائيل"
ولفتت الصحيفة إلى أن المصنع الإسرائيلي هو واحد من ثلاثة مصانع للصناعات الجوية الإسرائيلية تقوم على إنتاج هذه الأجنحة، وأن مائة زوج منها فقط تم تصنيعها وتسليمها.
ووفقاً للصحيفة، فإن الحديث لا يدور عن صفقة كبيرة لشركة "لوكهيد مارتن"، المصنعة لهذه المقاتلات، إذ لا يتوقع أن تشتري الإمارات أكثر من سرب طائرات والذي يتكون من 25 مقاتلة. في المقابل، فقد اشترى جيش الاحتلال سربين كاملين من هذه الطائرات، أي 50 مقاتلة، كما يدرس الجيش شراء سرب إضافي من مقاتلات "إف 35" أو سرب من مقاتلات "إف 15".
إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي يفتح أيضاً الباب أمام سوق الطائرات المقاتلة بدون طيار التي تنتجها شركتا "ألفيت" و"رفائيل"، تبعاً للقيود التي سترفعها الولايات المتحدة عن تصدير هذه الطائرات إلى الإمارات، وأي نوع من هذه الطائرات سيسمح ببيعه لدول أخرى في المنطقة.