وذكرت الصحيفة الأميركية، في تقريرها أمس الثلاثاء، أن فريق محققي مولر يطرحون أسئلة حول الاتصالات التي أجراها كوشنر مع قادة أجانب خلال فترة الانتقال الرئاسي بين ترامب وسلفه، باراك أوباما، بما في ذلك تدخله في نزاع نشأ داخل الأمم المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول، ما يشير إلى "الطابع الموسع للتقصي الذي يقوم به المحقق الخاص بشأن تدخل روسيا المزعوم في الانتخابات"، حسب المقال.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين مطلعين على الملف، أن المحققين طرحوا مجموعة من الأسئلة على شهود عيان بخصوص درجة تدخل كوشنر، ومستشار آخر بارز بالبيت الأبيض، في الخلاف الذي نشأ بخصوص القرار الأممي الذي تم تمريره في 23 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قبل أيام من تسلم ترامب للمنصب الرئاسي، ودان قيام إسرائيل بإنشاء المستوطنات بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
وذكر مقال الصحيفة الأميركية أن المسؤولين بدولة الاحتلال الإسرائيلي طلبوا من إدارة ترامب، قبل تسلم مهامها بشكل رسمي، التدخل للمساعدة في التصدي للقرار. وأضاف أن ترامب نشر تصريحا على حسابه بموقع "فيسبوك"، قبل يوم من التصويت على القرار الأممي، قال فيه إن القرار يضع الإسرائيليين في وضع صعب وينبغي استخدام حق النقض (الفيتو) لإسقاطه. وأوضح المقال أن ذلك جاء بعدما تمكن ترامب من الفوز بالانتخابات وقبل تسلمه السلطة رسميا بالبيت الأبيض.
كما أوضحت "وول ستريت جورنال" أن ترامب أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي كانت حكومة بلاده قد صاغت مسودة مشروع القرار الأممي. وأضافت أن القاهرة شرعت في الدعوة إلى تأجيل موعد التصويت على القرار، لكن مع ذلك تم تمريره في اليوم التالي، في ظل إصرار إدارة أوباما على عدم التصدي له.
ولفتت الصحيفة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين كانوا قد شرعوا حينها في التواصل مع كبار المسؤولين ضمن فريق ترامب خلال فترة الانتقال الرئاسي، وأنه كان من بين هؤلاء كوشنر والمخطط الاستراتيجي ستيف بانون، بحسب مصادر الصحيفة، التي أشارت إلى أن أسئلتها حول كوشنر التي وجهتها للبيت الأبيض تم تحويلها إلى محاميه، ابي لويل، ومحام آخر بالبيت الأبيض.
وعن الخلفيات وراء التحقيق مع كوشنر، ذكرت "وول ستريت جورنال" أنه من غير الواضح في الوقت الراهن السبب وراء تحقيق فريق مولر مع صهر ترامب حول القرار الأممي، موضحة أن المحققين في العادة يطرحون مجموعة من الأسئلة طوال فترة إنجاز تحقيقاتهم، وأن التقصي لا يشير حتما إلى وجود شبهة ما. كما أضافت أن اسم كوشنر يرد في مجموعة من الأحداث التي يقوم مولر بالتحقيق فيها، بما في ذلك لقاء عقده في مايو/ أيار 2016 مع محام مرتبط بالكرملين داخل برج ترامب بنيويورك.
وكان كوشنر قد ذكر في بيان في يوليو/ تموز، أن اللقاء كان قصيرا وكان مجرد مضيعة للوقت.
وبحسب مصادر الصحيفة، فإن المحققين سألوا كذلك شهودا عيان عن دور كوشنر في تنظيم لقاءات مع قادة أجانب أو التواصل معهم خلال فترة الانتقال الرئاسي. وأشارت الصحيفة إلى أن التكليف الذي يحظى به المحقق الخاص يمنحه صلاحيات واسعة للتحقيق بأي ملف يخص المزاعم المتعلقة بالتدخل الروسي بالانتخابات.
وبشأن سياق التحقيقات، قالت "وول ستريت جورنال" إن أسئلة فريق مولر تأتي في الوقت الذي يقوم فيه المحققون بفحص إنكار مولر في البداية إجراء أي اتصالات مع الخارج، بناء على استمارة حكومية يُطلب ملؤها قبل الحصول على التصريح الأمني اللازم لتقلد مناصب المسؤولية. وأضافت الصحيفة أن كوشنر قام في وقت لاحق بـ"تحيين" تلك الاستمارة ثلاث مرات على الأقل، لكي تضم ما قال إنه أكثر من 100 اتصال مع 20 دولة.
ولفتت الصحيفة إلى أن كوشنر قال إن حذف الاتصالات في البداية كان مجرد "خطأ إداري"، مشيرة إلى أن محاميه رفض، الجمعة، طلبا تقدمت به لجنة القضاء بمجلس الشيوخ من أجل تقديم الوثائق المتعلقة بوضع الاستمارة والتحيين الذي تم عليها، مكتفيا بالقول إنها وثائق حكومية سرية.
واعتبرت الصحيفة "أن التفاصيل الجديدة تفتح نافذة على نوعية الأسئلة التي يطرحها مولر في إطار تحقيق دام ستة أشهر وتم إجراؤه بشكل كبير خلف الأبواب المغلقة". وأضافت أن "المحقق الخاص ومحققي الكونغرس يتقصون بخصوص تواطؤ شركاء ترامب مع روسيا في ما تعتبره وكالات الاستخبارات الأميركية جهود موسكو للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016".
وتابعت الصحيفة أن الرئيس الأميركي أنكر وجود أي تواطؤ من قبله أو بين أفراد حملته الانتخابية وروسيا، فيما أنكرت موسكو تدخلها بالانتخابات. كما أنكر كوشنر من جانبه وجود أي تواطؤ، حسب الصحيفة التي أشارت إلى أن محاميه قال إنه يتعاون مع المحققين.
في السياق، ذكرت "وول ستريت جورنال" أن جانبا آخر من تحقيق مولر يركز بخصوص مدى قيام الرئيس الأميركي بعرقلة عمل القضاء بعد طرده لجايمس كومي في مايو/ أيار من منصبه كمدير لمكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي). وأضافت أن فريق مولر طرح على الشهود أسئلة مفصلة بخصوص نظرة كوشنر إلى كومي، وما إذا كان كوشنر يفضل طرده من منصبه، أو إن كان له موقف محدد إزاء ذلك.
وبحسب الصحيفة، فقد قام ترامب بطرد كومي، مشيرا في البداية إلى طريقة تعامل المدير السابق لـ"اف بي آي" مع التحقيق الذي تم في 2016 مع "إيميلات" هيلاري كلينتون، منافسة ترامب عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية. وقال الرئيس في وقت لاحق إن التحقيقات التي كان يقوم بها "اف بي آي" في ما يخص روسيا كانت من العوامل في اتخاذه لقراره، وفق "وول ستريت جورنال".
وعن دور كوشنر في ذلك، أكد أربعة أشخاص مطلعين على الملف للصحيفة أن كوشنر دفع باتجاه إقالة كومي خلال المحادثات التي جرت بين الرئيس وكبار مستشاريه. وذكر أحد هؤلاء للصحيفة أن الأسباب التي دفعت كوشنر لإبداء رغبته في الإطاحة بكومي تتمثل في كون عناصر "اف بي آي" غير الراضين على كومي سيصفقون بحرارة للخطوة، وأن الديمقراطيين سيفرحون لأنهم كانوا غاضبين من طريقة تعاطي كومي مع التحقيق بخصوص "إيميلات" كلينتون. وأضاف مصدر آخر للصحيفة أن كبار المسؤولين بالبيت الأبيض، بمن فيهم كوشنر، اعتبروا أن كومي شخص لا يمكن توقع خطواته بسبب طريقة إدارته للتحقيق بخصوص كلينتون.
وتابعت الصحيفة أن "جانبا من التحقيق الذي يجريه مولر يتعلق بما إذا كان طرد كومي من منصبه محاولة لعرقلة عمل القضاء، ولذا فمن الممكن أنه يسأل عن أي دور محتمل لكوشنر حتى يحصل على صورة أوضح عن الأحداث التي قادت إلى إقالته".
كما لفتت الصحيفة إلى أن المحققين طرحوا كذلك أسئلة حول لقاء أجراه كوشنر خلال فترة الانتقال الرئاسي مع المصرفي الروسي سيرغي غوركوف، الذي يعمل لصالح مصرف "فنيشيايكونومبانك" الذي تملكه الدولة الروسية. وفي شهادة مكتوبة للكونغرس، كما تورد الصحيفة، قال كوشنر إنه التقى غوركوف في 13 ديسمبر/ كانون الأول، ولم يتطرق معه للعقوبات التي فرضتها إدارة أوباما على روسيا، ولم يتحدثا عن أي سياسات محددة، ولا عن أي شؤون تتعلق بالأعمال التجارية الخاصة لكوشنر. وأضاف كوشنر في إفادته أنه ناقش مع المصرفي الروسي بشكل موسع شؤون المصرف الذي يمثله والاقتصاد الروسي.
بموازاة ذلك، قالت الصحيفة إن المحققين بالكونغرس يتساءلون حول مدى دقة الإفادات التي أدلى بها كوشنر، وذلك من خلال الاستجوابات التي تمت مع لجنتين في وقت سابق هذا العام، ومدى تعاونه بشكل كامل لجهة مد الجهات المختصة بالوثائق ذات الصلة.