"هيل بوي": عنفٌ ودم ولا شيء آخر

31 مايو 2019
"هيل بوي": خيبة أمل (فيسبوك)
+ الخط -
قبل 3 أعوام، قرّرت شركة "لايونزغايت" إعادة تقديم شخصية "هيل بوي" (Hellboy)، كمحاولة للّحاق بركب الأبطال الخارقين في ذروة نجاحهم. الخيار البسيط كامن في منح القيادة للمخرج المكسيكي غيليرمو دِلْ تورّو، الذي حقّق جزئين ناجحين عامي 2004 و2008، نالا إعجاب النقّاد والجمهور. لكن الإيرادات المتواضعة نسبيًا، التي حققها الجزآن (الأول: 99 مليونًا و318 ألفًا و987 دولارا أميركيا إيرادات دولية، في مقابل 66 مليون دولار ميزانية إنتاج؛ الثاني: 160 مليونا و388 ألفًا و63 دولارا أميركيا إيرادات دولية، مقابل 85 مليون دولار ميزانية إنتاج)، لم تُحمِّس الشركة كثيرًا على إكمال مشروعها مع دِلْ تورو، ما جعلها (الشركة) تُقرِّر البدء بسلسلة جديدة للشخصية نفسها من الصفر، مانحةً الإخراج إلى اسمٍ مُثير للاهتمام، هو نِلْ مارشال، الذي أخرج عام 2005 أحد أفضل أفلام الرعب في الألفية الثالثة: The Descent. كما أخرج حلقتي معارك، عرفتا شعبيّة كبيرة، في المسلسل التلفزيوني الأشهر حاليًا "صراع العروش" (Game Of Thrones). 

لذا، ربما يُمكن للفيلم أن يوجِد نكهة ملحمية مختلفة تنال نجاحًا، خصوصًا مع القرار الأهمّ للشركة، القاضي بتصنيف الفيلم في فئة R، أي للبالغين فقط، لاحتوائه على مشاهد عنف ودماء، أسوة بما فعله فيلمي Logan وDeadpool.

رغم المؤشرات الإيجابية تلك، جاءت النتيجة ضعيفة للغاية، لأكثر من سبب، يمكن وضعها في بند "تضارب الرؤى، وعدم تحديد الجمهور المستهدف". بداية، لم تقرّر الشركة ولا المخرج، بشكل حاسم، إنْ يكن الفيلم مُوجَّهًا إلى مشاهدي الفيلمين الأصليين، وإلى من يعرف الشخصية بفضل الكتب المصوّرة، وبالتالي فالتقديمات المعتادة بشأن "من هو" و"من أين جاء" و"علاقته بالأرض"، وغيرها من التفاصيل، ستكون فائضة لا يحتاجها الفيلم؛ أم سيخلص لفكرة الجمهور الجديد، وقصّة البطل الشيطاني، ذي القوى الخارقة، ونشأته وأصله.
يتوه الفيلم بين هذا وذاك. يبدأ سريعًا، من دون مقدمات، ومن قلب المعركة مباشرةً، بما يُشبه "ماد ماكس: طريق الغضب" (2015) لجورج ميلر، عندما يكون تتابع الحركة الطويلة المحرك الوحيد للفيلم. لكن الفرق بينهما أن "هيل بوي" لا يتحرّر إلى هذا الحدّ، بل يُعرِّف المُشاهد، طوال الوقت، بالمعلومات، بأضعف شكل ممكن، عن طريق الـ"فويس أوفر"، أو الحوار السطحي المباشر، ما يجعله خاليًا من الدراما، ومن مشاهد غير تلك الخاصّة بالحركة، وهذا كلّه وقت مستقطع لضخّ المعلومات.

المشكلة الأخرى كامنةٌ في اعتقاد الشركة المنتجة، المفروض على المخرج بحسب تقارير مختلفة، أنّ مَشاهد العنف والدماء كافية وحدها ليكون العمل جاذبًا، ولتحقيق نجاح جماهيري. صحيح أن الفيلم يأخذ العنف والصدمة إلى مستويات لم يشهدها عمل "كوميكس" سابقًا، لكن هذا بحدّ ذاته لا يعني شيئًا، لأنه حتّى مع تجاوز مسألة خلوّ الفيلم من الدراما، ومن الشخصيات التي يهتمّ بها المتفرّج، واختزال حبكته بشرّ يُحاول تدمير الأرض فيتصدّى له البطل، حتّى مع ذلك فإنّ تصميم مَشاهد الحركة ضعيف وغير مثير للاهتمام، بينما "المؤثّرات الحاسوبية"، بالإضافة إلى ضعف ميزانية الإنتاج (50 مليون دولار أميركي)، فقيرة نسبيًا، تنتمي إلى بداية الألفية لا إلى عام 2019.

نتيجة هذا كلّه تكشف أنّ نسخة نِلْ مارشال تصنع أضعف فيلم عُرض في الثلث الأول من العام الحالي، من دون منازع.
دلالات
المساهمون