"هوية الصحافي التونسي" تُثير انقساماً

16 ابريل 2019
صحافيون يرفعون بطاقاتهم خلال اعتصام لهم (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
عاد الجدل في تونس من جديد حول "هوية الصحافي"، خصوصاً أمام تعالي الأصوات المتحدثة عن "كثرة المتطفلين على مهنة الصحافة" من غير المختصين فيها بالدراسة. قبل يومين، تساءل الإعلامي الصادق التواتي في منشورٍ له "هل أصبح الصحافيون الحقيقيون غرباء في قطاعهم؟ وإلى متى السكوت عن اختراق القطاع وتجاوزات الدخلاء وتحمّل أشباه الإعلاميين المتمعّشين والسماسرة والمرتزقة والانتهازيين؟ وأين الهياكل النقابية والمهنية ممّا يحدث؟". وأضاف: "شخصياً لست مُجبراً على مجاملة من استباح مهنة الصحافة وأساء للقطاع في كلّ مكان من تراب هذا الوطن. لا تصدّقوا كلّ من انتحل صفة صحافي أو أطلق على نفسه صفة إعلامي وسار بها بين الناس أو حضر ونطق بها في الندوات والملتقيات والزيارات والمباريات والمهرجانات وحتى من يصلنا صوته من بعض الإذاعات ونشاهده عبر شاشات التلفاز"، على حدّ تعبيره.
أسئلة التواتي يطرحها العديد من الصحافيين من خريجي معهد الصحافة وعلوم الأخبار في تونس، وهو المؤسسة الرسمية الوحيدة التي تدرس فيها الصحافة في البلاد. ويعتبر الصحافيون هؤلاء أن مشروعية العمل في القطاع الإعلامي يستمدونها من دراستهم العلمية، في حين يرى آخرون أن القطاع الإعلامي مفتوح على كل الاختصاصات الدراسية.

عن موقفها، تؤكّد الإعلامية آمال القطاري أنها رغم دراستها الجامعية في اختصاص الصحافة فإنها ترى أن القطاع الإعلامي مفتوح على كل المواهب مهما كان اختصاصها الدراسي. وتضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "الأمر يتعلق بحبّ هذه المهنة والرغبة في النجاح فيها. فكثرٌ ممن تخرجوا من معهد الصحافة فشلوا في إثبات ذاتهم في المجال الإعلامي. ولنعد إلى تاريخ الصحافة في تونس، فأبرز الأسماء فيها هي لمن لم يتلقوا تكويناً أكاديمياً في هذا المجال".

تشارك آمال الذوادي، القطاري، في رأيها. وتقول في حديث لـ"العربي الجديد" إنّه "رغم دراستها الجامعية للطب، فقد اختارت أن تكون صحافية لحبّها للكتابة باللغة الفرنسية ورغبتها في خلق صحافة ذات جودة ونوعية. فقد كان حبّها للكتابة طريقها إلى مجال الصحافة. ومع ذلك لا تخفي أنها تعرضت لمضايقات من قبل بعض زملائها باعتبارها لم تدرس الصحافة". وتضيف: "لكن الأمر لا يعنيني، فما يهمني قيمة المنتوج الذي أقدمه وسعادتي كبرى عندما أكتب نصاً يحترم ذكاء القارئ ويجد فيه متعة". كما تشير إلى أنّ والدها وهو من كبار الصحافيين في تونس أدار مؤسسة إعلامية كبرى، ومع ذلك درس القانون ولم يدرس الصحافة.

ورغم أن كُثراً من الناجحين في القطاع الإعلامي هم من غير خريجي معهد الصحافة، فأغلب الوجوه التلفزيونية الناجحة في القنوات الخاصة من خريجي القانون والآداب العربية والفرنسية. إلا أنّ ذلك لا ينفي أهمية التكوين في المجال الإعلامي. وفي هذا الإطار، يقول الأستاذ الجامعي والإعلامي بسام العلوي إنّ "الدراسة في اختصاص الصحافة تنتج أفقياً صحافيين مفترضين. لكن إثبات الوجود في المهنة والنجاح فيها يتطلبان الموهبة وحب العمل في هذا المجال؛ فالبعض ممن درسوا الصحافة لم يكن ذلك خيارهم بل نتيجة إكراه دراسي بعد حصولهم على شهادة البكالوريا، لذلك تجدهم غير متحمسين لهذه المهنة، بينما آخرون يأتون من اختصاصات علمية أخرى للعمل في القطاع الإعلامي لأنهم يحبون هذه المهنة ويرغبون في العمل فيها".

"العربي الجديد" توجّه للنقابة الوطنية للصحافيين التي تمنح مشروعية الوجود في القطاع الإعلامي للصحافيين، وتساءل عن شروط الحصول على عضوية النقابة. فبيّن أحد أعضاء المكتب التنفيذي أن منح العضوية في النقابة ينقسم إلى نوعين: الأول عضو عامل وهؤلاء ممّن يحملون شهادة عليا في اختصاص الصحافة (لهم الأولوية) أو غيرها، ويكون 90 بالمائة من دخلهم الشهري من مهنة الصحافة ويُطلق عليهم اسم الصحافيين المحترفين. أما الثاني، فهو عضو منتسب وهؤلاء من طلبة معهد الصحافة الذين لم يتموا دراستهم الجامعية بعد أو ممن يعملون في القطاع الإعلامي بشكل ثانوي، إذ إنّ النصيب الأكبر من دخلهم يأتي من عمل آخر غير العمل الصحافي.
دلالات