رغم أنه يبدو بديهياً من الوهلة الأولى أن القضاء على قادة وزعماء التنظيمات الإرهابية يؤدي إلى إضعاف تلك التنظيمات ويتسبب في تراجعها، إلا أن صحيفة "نيويورك تايمز" أوردت في مقال اعتمد على أبحاث ودراسات جامعية، أن قتل هؤلاء القادة لا يشكل فرقاً كبيراً، ولا يمثل ضربة موجعة لها.
الصحيفة ذكرت أن الباحثين الجامعيين توصلوا إلى أدلة تفيد بأن تصفية قادة تنظيمات الإرهابية لا يفضي في الغالب إلى القضاء عليها، لا سيما في حالة تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي تضيف الصحيفة بأنه يختلف عن باقي التنظيمات الأخرى بقدرته على الصمود حتى في حالة فقدان قادة بارزين، مثل المتحدث الرسمي باسم التنظيم، أبو محمد العدناني، الذي أعلن عن وفاته بسورية أمس الثلاثاء.
وبحسب الدراسات التي اعتمد عليها تقرير الصحيفة الأميركية، فإن صفتين أساسيتين تجعلان أي تنظيم قادراً على تلافي تداعيات تصفية قادة بارزين بداخله؛ أولى الصفتين، قدرة التنظيم على حشد الدعم الشعبي. فالتنظيمات المتطرفة، كما تنقل الصحيفة، تظل في حاجة لحشد المزيد من الأنصار الجدد، وخلق سلسلة جديدة من القادة المحتملين.
وتضيف الصحيفة أن الدعم الذي تلاقيه تلك التنظيمات من المدنيين في المناطق التي تنشط بها، يجعلها أكثر مقدرة على الاستمرار. وتابعت أن قادة تلك التنظيمات غالبا ما يتم تصفيتهم بالمناطق التي يتواجد بها المدنيون أو بداخلها، ما يتسبب في حشد تعاطفهم مع التنظيمات الإرهابية ضد الجهة التي قضت عليهم.
أما الصفة الثانية، بحسب "نيويورك تايمز"، فتتمثل في البيروقراطية التي تتبعها التنظيمات الإرهابية. وتضيف أنه كلما تشابه تنظيم إرهابي في بنيته، مع بنية مؤسسة تجارية (امتلاك موظفين إداريين وتقديم أجور شهرية وبنية لوجيستية)، كلما كان أكثرا استقراراً، وكلما أصبح أكثر قوة في تدبير قتل قادته، كما تورد الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة أن الخبراء المختصين في ظاهرة الإرهاب أكدوا أن القضاء على قادة التنظيمات الإرهابية أو اعتقالهم لا يؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوة. وأشارت إلى دراسات ترى أن تنفيذ ضربات جوية ضد التنظيمات الإرهابية، قد يؤدي في بعض الحالات، إلى زيادة فرص القضاء عليها، لكنها أوضحت أن الضربات الجوية لوحدها غير كافية لتحقيق ذلك.
كما خلصت الدراسات، بحسب الصحيفة، إلى أن التنظيمات الإرهابية هي ظواهر سياسية، وينبغي التعامل معها من هذا الجانب، لاجثتات الدواعي السياسية التي تقوم عليها، وأي دعم محلي تحظى به.
وتساءلت الصحيفة عن السبب الذي يجعل دولة مثل الولايات المتحدة تقدم على تصفية قادة التنظيمات الإرهابية، إذا كان قتل هؤلاء لا يفضي في حد ذاته إلى القضاء على تلك التنظيمات. الجواب يتمثل، حسب "نيويورك تايمز" في كون استهداف هؤلاء القادة لا يكلف ميزانيات كبيرة، ويمثل مخاطر قليلة، ويجعل المسؤولين الأميركيين قادرين على القول بمصداقية إنهم يقومون بشيء ما، حتى إن كان ذلك بدون أي نتيجة تذكر على الميدان.