صدر اليوم الإثنين العدد الأول من صحيفة "نداء الوطن" اللبنانية. الجريدة التي تطبع وتوزّع أعدادها في بيروت، يرأس تحريرها الصحافي بشارة شربل، وتضمّ في صفوفها مجموعة من الصحافيين اللبنانيين الذين عملوا في صحف محلية عديدة سبق أن أقفلت أبوابها، مثل "السفير"، و"المستقبل"، و"الأنوار".
تخلل العدد الأول افتتاحية من رئيس التحرير، إلى جانب مقالة على الغلاف لممول وناشر الصحيفة رجل الأعمال ميشال مكتّف، تحدّث فيها عن معنى صدور "نداء الوطن" وعن أهدافها، فكتب: "نداء الوطن، فسحة لأصحاب هذه المهنة السامية، وللحقيقيين والمتجردين والمبدعين والأمناء في التعاطي مع الأحداث، لنوقف سوية ذاك النزف الذي ينحدر بالصحافة والسياسة وكل المجالات فيهددنا جميعاً ويهدّد هذا الوطن في شتى المجالات الفكرية والثقافية والصحافية والسياسية".
والصحيفة، التي انطلق موقعها الإلكتروني اليوم أيضاً، تصدر في 16 صفحة ملوّنة بحجم صحف "التابلويد". ويعتبر صدورها في هذا التوقيت مغامرة في ظل إقفال معظم الصحف المطبوعة في لبنان، وانكفائها نهائياً أو اكتفائها بموقع إلكتروني إخباري. لكن منذ أشهر، وعند الإعلان عن مشروع "نداء الوطن"، طرحت علامات استفهام عدة عن اختيار رجل أعمال متموّل مثل ميشال مكتف، الاستثمار في قطاع يندثر في لبنان. الجواب عن هذا السؤال، قد يكون في النظر إلى المشهد الصحافي اللبناني، حيث تبدو صحيفة "الأخبار" (تابعة لخط "حزب الله" السياسي) وحيدة في المشهد، وتحتاج لمنافسة في ظل احتدام الأزمات محلياً وإقليمياً. ومكتف المحسوب على "القوات اللبنانية" (يرأسها سمير جعجع) بدا جاهزاً لهذه المهمة، في خطوة ترافقها حسابات إقليمية عدة، بينها وفق ما أكدت مصادر لـ"العربي الجديد"، مراعاة السعودية والإمارات، على اعتبارهما الحليفين الأساسيين لجعجع إقليمياً.
صحيح أنه لا يزال من المبكر تقييم أداء المولود الجديد، إلا أن الصحيفة في الشكل والإخراج على الأقل تبدو كلاسيكية (ليس بالمعنى الإيجابي للكلاسيكية) للغاية، بتبويب مكرر وزوايا انقرضت في الصحف (الأبراج وألعاب الكلمات المتقاطعة...)، مع اعتماد على ألوان فاقعة وعناوين تحضر فيها كليشيهات (مثل المطرقة والسندان!). أما اللقطات القصيرة التي يفترض أن تتميز فيها الصحف (زوايا العلم والخبر أو الأسرار) عادة لناحية الكشف عن خبايا سياسية صغيرة، فجاءت أحياناً غامضة بلا أسماء ولا تحديد للمقصود، كي لا تقول شيئاً ربما، كإفادة إحداها: "اتصل مسؤول أمني كبير بالأطراف الدرزية المعنية بإشكال عاليه وتمنى عليهم فرض الهدوء"، في وقت معروف أن كل المرجعيات السياسية اتصلت علناً بالمعنيين بالأزمة الأمنية التي اندلعت يوم الأحد في جبل لبنان لضبط الأوضاع، وليس في الأمر أي "خفايا" (اسم زاوية الأسرار في الصحيفة الجديدة). أما في المضمون التحريري والسياسي والمهنية من انعدامها، فربما يفضل إمهال الصحيفة الجديدة بضعة أيام قبل الحكم.
تحاول "نداء الوطن" مجاراة الطابع الماغازيني للصحف في عصر الديجيتال والهواتف الذكية، عبر عدم تخصيص مساحات عريضة للموادّ الخبرية التي لا ينتظر القارئ صحيفة ورقية لمعرفتها، فكثرت المقالات وزوايا الرأي وأحياناً تكرر اسم الكاتب نفسه في أكثر من مقال (ربما تكون عوارض البداية الصعبة دائماً). لكن من تأمل بولادة صحيفة محلية لبنانية حديثة وليس فقط جديدة، ربما يكون أصيب بإحباط مبكر بعدما اطلع على العدد الأول، وخصوصاً وهو يقرأ كلمة "الناشر" (المالك) ميشال مكتف، يخبرنا بإنشاء رتيب عن "السلطة الرابعة" و"الصرح العظيم" ويوزع تحياته "من القلب إلى القرّاء الأعزاء وإلى أسرتي الجديدة في نداء الوطن".