صدر حديثاً العدد الجديد من سلسلة "عالم المعرفة" لشهر تموز/ يوليو، وهو كتاب "ملف غوغل" للباحثان الألمانيان تورستن فريكه وأولريش نوفاك.
الكتاب صدر بالألمانية في 2015، وتعتبر العربية من أول اللغات التي ينقل إليها بترجمة عدنان عباس علي.
يتناول العمل أثر غوغل على الفرد، ويعتبر أننا لم نعد زبائن بل منتجات بالنسبة إلى محرك البحث الأضخم في العالم الافتراضي.
يجيب غوغل على 4500 طلب بحث في الثانية الواحدة، ولكن الكتاب يقول لا تصدقوا أن هذه الخدمة مجانية، في الحقيقة إننا ندفع الثمن، بل وندفع ثمناً باهضاً لقاء هذه الخدمة، من حيث أننا نسلم غوغل كل بياناتنا.
البيانات كما يسميها الكتاب هي "نفط القرن الواحد والعشرين"، وإن أنت أعرت الانتباه، وفقاً للباحثين، فإن هذا المحرك سيعرف عنا أكثر بكثير مما كنا نتوقع، وهذا الانكشاف أمام "جهاز" ضخم ليس طوعياً ولا بإرادتنا.
الكتاب يتضمن تحليلاً عميقاً ومركباً يهدف إلى توضيح كيف يتيح غوغل الفرصة لبناء صورة من خلال عدة طلبات بحث منفصلة، صورة لنا يجري تجميعها مثل قطع البازل، تتضمن كل أسرارنا وأسئلتنا وأمنياتنا ورغباتنا، أو بكلمات أخرى صورة لحياتنا الخاصة والاجتماعية والعامة.
ولفعل ذلك قام الباحثان في الميديا نوفاك وفريكه بالدخول إلى ملفات محفوظة في هذه الشركة الأميركية العملاقة سابقاً، ثم قاما بتحليلها وكانت النتائج مذهلة ومرعبة في آن. يحاول الكاتبان فهم المخاطرة التي يقوم بها كل فرد وكل مجتمع وماذا يمكن أن نتوقع بعد عقود من الاعتماد على غوغل وتسليم كل بياناتنا إليه.
كما يلفت فريكه ونوفاك في أحد الفصول المعنون "الشركة تنمو وتنمو وتنمو"، ومؤسسيها أصبحوا أغنى الأغنياء في العالم، والآن أصبحت الشركة خارج السيطرة. وأصبح هذا المحرك يخترق الخصوصية ويسيء استخدام البيانات الشخصية ويتلاعب بالخدمة المطلوبة منه ويلتوي عليها ليحصل منك على أكبر قدر ممكن من المعلومات، ويضع الأعمال موضع الخطر.
من جهة أخرى، ينتقد المؤلفان الأثر السيء لغوغل على الأعمال وعلى العلم، وعلاقته السيئة والوطيدة بأجندات سياسية معينة. كما يفرد فصلاً للكيفية التي يقايض بها غوغل بيانات مستخدميه وكيف يتاجر بها ويحقق أرباحاً مهولة.
يطالب الكتاب بوضع حدود واضحة للشركة من خلال الأمم المتحدة، وأن يجري إقرار شروط جديدة للعبة غوغل يجري الاتفاق عليها عالمياً، كما يدعو إلى مناقشة قانون الحماية من الاحتكار، في ما يخص محرك البحث هذا، حيث أنه في حالة غوغل لا ينطبق من حيث أنه موجّه لقوة السوق، وليس لحماية الحقوق الأساسية للفرد.
كما يدعو المؤلفان إلى عدم معاملة غوغل كما يعامل التلفزيون والراديو من الناحية الدستورية. حيث أن الحق الدستوري لوسائل الإعلام في أميركا يكفل حرية المعلومات وتبادل الآراء وتنوّع المحتوى، لكن غوغل معقد أكثر من ذلك، لذلك يقتضي قانوناً خاصاً يوفر ضبطاً لممارسات أخرى يقوم بها من دون رقيب، خاصة وأنه على تماس مباشر مع الأفراد وهذا يجعل المهمة أصعب.