"ملتقى الرديّف": حراك بين الشارع والشاشة

14 سبتمبر 2015
(غرافيتي في مدينة الرديّف)
+ الخط -

لعل السينما الوثائقية من أكثر الفنون قابلية للتطويع من أجل التوثيق أو التطرّق إلى تجليات الحراك الاجتماعي. من هنا، تبدأ فكرة "ملتقى الرديّف للأفلام الوثائقية" الذي اختتمت دورته الثانية يوم 12 أيلول/ سبتمبر.

يقول المنسق العام للتظاهرة، ومنسّق المشاريع في "جمعية نوماد 08"، زهير بن عبد الله في حديث إلى "العربي الجديد": "قامت فكرة الملتقى هذا العام على تتبع توظيف السينما في الحراك الاجتماعي، وقد أقيمت العروض في ساحة في حي شعبي من مدينة الرديّف التي تمثل في حد ذاتها ميداناً من ميادين الحراك الاجتماعي".

تقع مدينة الرديّف، في الحوض المنجمي، غرب تونس، وهي منطقة تعرف الكثير من التوتر والحركات الاحتجاجية على خلفية سوء توزيع عائدات الفسفاط (الفوسفات) الذي يستخرج في هذه المنطقة، والتدهور البيئي وغياب العدالة الاجتماعية.

إضافة إلى العروض، عرفت فعاليات التظاهرة العديد من النقاشات التي تلت عرض الأفلام، حيث تناولت، بحسب بن عبد الله، القضايا المطروحة في الأعمال، "من خلال مساءلة الجمهور للمخرجين عن بعض التفاصيل، وهؤلاء حاولوا تمرير ثقافة سينمائية لمشاهديهم خلال هذه النقاشات".

أقيم المهرجان بمبادرة من "جمعية نوماد 08" التونسية، والمكتب الإقليمي لشمال أفريقيا لـ "مؤسسة روزا لكسمبورغ" الألمانية، بالتعاون مع جمعية "أفريقيا والمتوسط للثقافة". يلاحظ في هذه التظاهرة، على عكس معظم الفعاليات الثقافية في تونس، عدم الاستناد إلى مساهمة وزارة الثقافة.

يقول مدير برامج "مؤسسة روزا لكسمبورغ"، بلحسن حندوس: "إن المبادرات الثقافية مهددة بالانقراض في تونس، خصوصاً في المناطق الداخلية من البلاد". ويضيف "معظم هذه التظاهرات يستمر لدورتين أو ثلاثة ثم يندثر. نتمنى أن لا يعرف ملتقى الأفلام الوثائقية المصير نفسه".

يعتبر حندوس أن "أهالي مدينة الرديّف هم العنصر الأهم في الإبقاء على المهرجان، وكذلك العمل المتواصل طوال السنة، وعدم ارتباط الفعاليات بالمناسبات".

ويرى في "الملتقى" فرصة لانعكاس مشاكل الناس على الشاشة، في منطقة تشهد العديد من مظاهر التوتر الاجتماعي منذ ثمانينيات القرن الماضي.

ويضيف: "نلاحظ في هذه المدينة ارتفاع الخطاب الاحتجاجي، والحديث في شؤون السياسة على خلفية تحرّكات ضدّ التدهور البيئي والتضييق على الوصول إلى المعلومة وسوء استغلال عائدات الفسفاط والتشغيل وغيرها من القضايا التي وجدت سبيلها للمناقشة خلال التظاهرة".

بناء عليه، يعتبر حندوس أن "ملتقى الرديّف يقدم فرصة لفتح فضاءات تعبير أخرى للمواطنين، أو فتح أفق وعيهم من خلال ملامسة قضايا مختلفة عنهم ومشابهة لهم مثلما حدث عند التعرّف على واقع مخيم اليرموك في فيلم رشيد مشهراوي".

كان المهرجان، قد افتتح يوم 9 أيلول/ سبتمبر بعرض فيلم "المنام" للمخرج السوري محمد ملص. ومن الأفلام المشاركة الأخرى نجد "الواد الواد" من الجزائر و"امرأة تحمل كاميرا" من المغرب و"المراقبة والعقاب" و"على هذه الأرض" من تونس .

كما تم برمجة ورشات خلال الملتقى، الأولى متعلقة بالتدريب حول صناعة الأفلام الوثائقية، وانتهت بإنجاز 4 أفلام وثائقية قصيرة عن مواضيع تهم مدينة الرديّف، والثانية ورشة تنشيط مسرحي انتهت بتجسيد مشهد مسرحي عُرض في الاختتام.

المساهمون