تسارعت التطورات الميدانية في اليمن، وخصوصاً في الجنوب، بعد إطلاق عملية عسكرية جديدة لحسم معركة تحرير عدن، في محاولة من القيادة الشرعية للحد من استغلال مليشيات الحوثيين، وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح للحصار الخانق الذي تفرضه على المدينة كورقة مساومة للحصول على تنازلات سياسية، فيما تستمر محاولات الأمم المتحدة لإنقاذ الهدنة الإنسانية، التي كانت قد دعت إليها وفشلت في الساعة الأولى من سريانها.
وأكد مصدر سياسي في الرياض لـ "العربي الجديد" أن اتصالات ومشاورات يجريها الطاقم الأممي مع قيادة الشرعية لإنقاذ الهدنة، وإمكانية تطبيقها حتى نهاية رمضان. وأشار المصدر إلى أنّ الرئاسة والحكومة وأطرافا سياسية عاتبت المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، حول ما وصفوه بـ "رداءة الموقف الأممي، وعدم قدرة الأمم المتحدة على إلزام مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع بالهدنة، وإيجاد ضمانات واضحة لتنفيذها". وأوضح المصدر أنّ "الرئاسة والحكومة طالبت هذه المرة بضمانات دولية حقيقية على الأرض، وانسحاب المليشيات من عدن وتعز وغيرها، فضلاً عن مطالبتها المبعوث بتطبيق القرار بدلاً من تجاوزه". وفي السياق، أشار المصدر إلى لقاءات مكثفة تجري في الرياض مع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي ومستشاريه وحكومة خالد بحاح وعدد من الأطراف السياسية، تشمل اجتماعات مع ممثلين لمجلس التعاون الخليجي والتحالف وبعثات دبلوماسية عربية ودولية.
من جهته، أكد مصدر مقرب من الحكومة اليمنية لـ "العربي الجديد" أن قيادة الشرعية تعرف مسبقاً أنّ المليشيات لن تلتزم بأي هدنة، وإنما تسعى الحكومة إلى افساح المجال أمام التحركات الأممية"، فيما أشار مصدر آخر متواجد أيضاً في الرياض، لـ "العربي الجديد" إلى أن "الأمم المتحدة لا تملك آلية واضحة حتى اللحظة في ما يتعلق بالقيام بدورها كممثل وسيط أو حتى في ما يتعلق بآلية تنفيذية لتطبيق القرار 2216"، مضيفاً "الذي نستغربه هو التهرب الأممي من القرار".
اقرأ أيضاً: فشل هدنة اليمن يحرج الأمم المتحدة
مصادر وأطراف سياسية أخرى أوضحت لـ "العربي الجديد" أن موضوع الهدنة بات معقداً، مرجحةً أن تحركاً قد يخرج من أروقة مجلس الأمن الدولي هذه المرة تلافياً لفشل أممي جديد. في غضون ذلك، بدأت خلال اليومين الماضيين عملية عسكرية واسعة في عدن ومناطق جنوبية أخرى مصحوبة بضربات جوية لطائرات التحالف بشكل غير مسبوق.
وبات أمر تحرير عدن يمثّل ثقلاً على كاهل "المقاومة" وقيادة الشرعية، ولا سيما أن مليشيات الحوثيين والمخلوع تعتمد على حصار عدن كورقة سياسية لإجبار الشرعية على تقديم تنازلات، بما في ذلك موضوع الهدنة.
وفي أول عملية منسقة، ضمت 400 مقاتل من "المقاومة" والجيش، تم البدء منذ الأحد في تطهير غرب عدن من مليشيات الحوثيين والمخلوع. وتابع العملية بشكل مباشر كل من قيادة "المقاومة" وقيادة الجيش الشرعي، ممثلاً بقائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء أحمد سيف المحرمي، ومستشار عسكري لهادي، فضلاً عن التنسيق مع التحالف.
وتم خلال العملية الأكبر لـ "المقاومة" السيطرة على رأس عمران وقطع طرق الإمدادات عن المليشيات، وتأمين كامل مناطق غرب عدن، وفق مصدر عسكري في المنطقة العسكرية الرابعة. وأشار المصدر الذي تحدث لـ "العربي الجديد" إلى أنّ قوة عسكرية تم تدريبها من قبل التحالف شاركت في تحرير غرب عدن، فضلاً عن دخول سلاح متطور المعركة بعد أن تم توزيعه على الجيش و"المقاومة"، وبغطاء جوي من مقاتلات إماراتية ضمن طائرات التحالف.
ومع انطلاق خيار الحسم العسكري تتجه الأنظار إلى ما بعد تطهير غرب عدن. وأشارت مصادر لـ "العربي الجديد" إلى أن المقاومة تتجه حالياً نحو التوغل إلى عمق محافظة لحج لتطهيرها، ولا سيما أن مناطق عدة في لحج تمثل مواقع تستغلها المليشيات لقصف الأطراف الشمالية والغربية والشرقية لعدن، ولا سيما استهداف المدنيين في الأحياء السكنية.
اقرأ أيضاً: مقاومة عدن تسيطر على منطقة "رأس عمران" الاستراتيجية