تسلّمت الحكومة الأردنية من نظيرتها الألمانية في 2008 مجموعة من القطع الأثرية التي اكتشفها آثاريون ألمان قبل ذلك التاريخ بعدّة سنوات في موقع تل زرعة الأثري، في منطقة وادي العرب شمال غربي الأردن، وجرى ترميمها ليبدأ عرضها العام الماضي.
تعود الآثار المكتشفة، وهي أدوات زراعية وتماثيل فخارية وبرونزية، إلى الفترة ما بين أواخر العصر البرونزي وحتى نهاية العهد العثماني، حيث حدّد عالما الآثار الألمانيَّين يوتا هيسر وديتر فيفيجر خمس طبقات في الموقع توثّق تاريخ المنطقة على مدى خمسة آلاف عام.
افتتح الأربعاء الماضي في كلية الآثار والأنثروبولوجيا في "جامعة اليرموك" بمدينة إربد شمالي العاصمة الأردنية معرض "تل زرعة: مرآة من تاريخ الأردن القديم"، والذي يتواصل حتى نهاية حزيران/ يونيو المقبل، بتنظيم مشترك مع دائرة الأثار العامة و"المعهد الألماني للآثار.
يهدف المعرض إلى التعريف بالموقع الأثري الذي يقع على تل طبيعي تَشَكّل من تراكم الرواسب الكلسية أثناء عملية التصلب الحراري لينابيع ارتوازية خلال عشرات الآلاف من السنين، وترتفع البقايات المعمارية للاستقرار البشري فيه 25 متراً في الجنوب، وأربعين متراً في الغرب.
ويشير بيان المنظّمين إلى أن التسلسل الحضاري المنتظم للمكان يتيح للباحثين تتبّع التطورات الثقافية في الحياة الحضرية، والحرف اليدوية، وتاريخ الأديان والتواصل الثقافي مع المناطق المجاورة على مدى فترة طويلة من الزمن.
بقي التل مأهولاً بالسكان دون انقطاع على الرغم من تعرّضه إلى كوارث، كالزلازل والحروب وغيرها. ويوضّح أستاذ الآثار زيدان كفافي، رئيس "جامعة اليرموك"، في حديث صحافي، أن "القطع المعروضة تروي قصصاً عن حياة سكّان المنطقة اليومية ومعتقداتهم الدينية القديمة، وحرفهم اليدوية، كما تؤكّد أهمية موقع تل زرعة الاستراتيجي على طريق التجارة الدولي بين مصر وبلاد الشام وبلاد ما بين النهرين، ما يدلّ على عمق العلاقات الحضارية والتجارية مع المناطق القريبة والبعيدة"، مشيراً إلى اكتشاف قطع مماثلة لها في مصر ومناطق متعدّدة في بلاد الشام.
تنقسم المعروضات إلى ثلاثة مواضيع رئيسية هي: العبادة والدين، الحرف اليدوية والابتكار، والصلات الحضارية، والقطع المعروضة هي جزء من آلاف القطع الفخارية والأدوات وبعض التماثيل التي تعود إلى العصرين البرونزي والأموي، إلى جانب معبد وتمثال ينتمي إلى العصر الحديدي.
تضمّ الأدوات المكتشفة أيضاً أوعية بأشكال وأبعاد ومواد مختلفة منها وعاء من السيراميك ذو يدين ومطلي بالأحمر والأسود ومرسوم عليه مشهد لحيوان وإنسان، ونقش على طبقة محروقة يظهر عليه رجل يركب ثوراً ويرفع يده اليسرى، ويرمز إلى الإله بعل، إضافةً إلى العديد من المغازل.