"معرض بورقراق": النهر كذاكرة مغربية

24 سبتمبر 2018
(بورقراق بالقرب من مصبه في الرباط)
+ الخط -

يعتبر نهر بورقراق من أهم ملامح الجغرافيا في المغرب، وهو الذي ينبع من جبال الأطلس المتوسط في منطقة مريرت وينحدر على طول 240 كلم حتى يصب في المحيط الأطلنطي، وتشير المكتشفات الأركيولوجية إلى بدء الاستقرار البشري حوله منذ العصر الحجري الحديث.

حمل النهر تسميات مختلفة عبر التاريخ إذ أطلق عليه الرومان وادي سلا (أي المالح)، وقد لقّبه الإدريسي بـ"النزهة المختصرة"، ويرجّح دارسون أن التسمية الحديثة حلّت في القرن الثالث عشر وهي تعني بالأمازيغية الحصى.

"بورقراق: بين الأمس واليوم" عنوان المعرض الذي يتواصل في "رواق أرشيف المغرب" في الرباط حتى الخامس عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، ويهدف إلى "تتبّع الحضارات التي نشأت على ضفتيه؛ من بينها إمارة بني يفرن التي أنشأت مدينة سلا على الضفة اليمنى لأبي رقراق في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين"، بحسب المنظّمين.

يتضمّن المعرض وثائق تمثّل محطّات تاريخية مختلفة مثل حكم الموحّدين الذي أسّس صومعة حسّان قرب النهر في القرن الثاني عشر الميلادي، ورسوماً لسفن شراعية كان يبحر بها المغاربة في القرن السابع عشر، وأخرى لسفن كان يستقلها مقاتلون متوجهون إلى معارك حربية.

إلى جانب رسالة متعلّقة بافتداء الأسرى الفرنسيين التي تعود لسنة 1688، وأخرى وجّهها محمد بنسعيد إلى السلطان محمد بن عبد الرحمن بشأن تنظيم الحبوب بالعدوتين سنة 1868، وثالثة من ناظر الأحباس بالعدوتين إلى الوزير الطيب بن اليماني بسبب امتناع بعض الصيادين عن دفع أرباح صيد سمك الشابل لفائدة الأحباس سنة 1867، ورسالة من الناظر نفسه إلى السلطان بخصوص وقف صيد سمك الشابل لفائدة أئمة المساجد والشرفاء وطلبة العلم سنة 1863. كما يضم المعرض بيانات مؤن القائمين على مرسى العدوتين سنة 1889، ووثائق تاريخية أخرى تتقاطع مع النهر وتاريخه الطبيعي والبشري.

يجد الزائر كذلك صوراً لمستودعات التخزين بميناء الرباط - سلا قبل أكثر من مئتي سنة، وصومعة حسان التي تتوسط الخلاء في مطلع القرن الماضي، وقصبة الوداية التي أسسها المرابطون في القرن الحادي عشر محاطة بالحدائق.

استند المعرض إلى بحث عاد فيه المنظّمون إلى كتب المؤرخيْن عبد الإله الفاسي ومحمد حجي، لتسليط الضوء على تاريخ المدن الواقعة على طرفي أبي رقراق وأثره عليها، ومن هنا يمكن أن نخرج بأكثر من قراءة في أكثر من مسألة مثل الكيفية التي ظهرت وتطورت فيها صناعة السفن الجهادية في سلا أيام المرينيين، وقيام حركة المجاهد العياشي السلوي والدلائيين في وجه الأوروبيين، وتواصل توسّع وحداته العمرانية مع المرينيين، والسعديين، والعلويين، وصولاً إلى زمن الاستعمار الفرنسي.

المساهمون