في نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، أطلق "البيت العربي" في إسبانيا "ورش علم الآثار والتاريخ الجديدة في قرطبة"، بهدف زيادة الوعي بتاريخ واحدة من الحواضر الأندلسية وقيمتها التاريخية عبر اطلاع المشاركين على تراث الحرف والفنون فيها ضمن حلقات تتواصل حتى نهاية العام.
افتتحت الورش بموضوع "التصميم الهندسي" ثم ألغيت بعدها الجلسات التي تتناول زخارف النوافذ، وصناعة الجلود والدباغة، والروائح والعطور، بسبب توقف أنشطة البيت بعد تفشّي فيروس "كوفيد - 19"، لتعود مجدّداً بورشة حول الأحجار الكريمة انطلقت الأربعاء الماضي وتتواصل حتى مساء غدٍ الخميس في مقرّ البيت بقرطبة.
تنظّم الجلسات بعدد محدود من المشاركين بسبب تفعيل إجراءات التباعد الاجتماعي، وتركّز على البعدين الاقتصادي والفني في التراث الإسلامي، وكيف ترسّخت تقاليد صناعة المجوهرات وتطوّرت تقنيات جديدة منها إنتاج قطعة صغيرة جداً، كواحدة من أبرز نماذج الجواهر الأندلسية.
يشير بيان المنظّمين إلى قدوم العديد من الخبراء في تصنيع الجواهر من دمشق والذين تركوا أثرهم العميق على هذا الفن الأندلسي لفترة طويلة، والذي اتسم بالدقة العالية والجمال وعكسه لثقافة المجتمع المنفتحة والمتعدّدة منذ استخراج المواد الخام في المناجم إلى المعالجة المعدنية اللاحقة وصولاً إلى التصنيع النهائي.
كما يوضح كيف كتب العديد من علماء الأندلس رسائل ومؤلّفات حول أنشطة التعدين وطرق التعامل معها، ورغم أنه لم يصل منها الكثير إلا أنها قدّمت صورة حول الاستخدامات الرئيسة للمعادن والسبائك المختلفة وارتباطها بحياة الناس اليومية وعاداتهم الشخصية، وكذلك حول نمط الحياة الذي عاشه الأغنياء.
تركّز الورشة على استخدام البرونز وكذلك الذهب والفضة اللذين كانا يُمزجان بنسب معينة أيضاً، حيث تمّ العثور على هذه العناصر في مجوهرات يعود تاريخ تصنيعها إلى القرنين العاشر والحادي عشر، ومنها قلائد مصنوعة من الفضة والنحاس المطلي بالذهب بقياسات مختلفة، كما كان يستخدم الخرز الزجاجي والمرجان والعقيق.
وقد نقش على مصغرات المجوهرات ومنها أوراق ذهبية لا يصل ارتفاعها أربعة سنتمترات، كما زركشت أقراط بنفس الحجم، وقد تعامل الحرفيون بالأسلوب نفسه في الكتابة والنقش على العملات الفضية الصغيرة.
يُذكر أن الورشة القادمة ستقام ابتداءً من التاسع من الشهر المقبل حول المصابيح الأندلسية الصغيرة، إلى جانب ورشات صناعة تجليد الكتب وصنادق الزينة والتيجان الملونة، وأوعية الحبر وصناعته.