"مجاهد" كرغيف الخبز

30 يوليو 2015
التيار السلفي الجهادي عاجز عن حصر قائمة القتلى(فرانس برس)
+ الخط -
التحق الأردني "أبو جلمود" بقائمة القتلى الأردنيين الذين سقطوا في المعارك التي تدور رحاها على الأرض السورية بين قوات النظام وجبهة النصرة التي التحق بصفوفها قبل أكثر من عامين، ليصبح رقماً مضافاً في القائمة الطويلة التي تتضخم بشكل سريع دون أن تكترث الجهات الرسمية الأردنية بإحصائها أو يتمكن التيار السلفي الجهادي من حصرها.
بموته فتح بيت عزاء في العالم الافتراضي، نعاه فيه رفاق "الجهاد" بطلاً مقداماً وقائداً مغواراً ارتقى وهو يقود مجموعة "انغماسيين" بمعركة ضد قوات النظام في ريف ادلب، وتذكره أصدقاء الأمس شاباً متحمساً، لتذرف عليه مواقع التواصل الاجتماعي التعليقات حزناً على فراقه وتعداداً لمناقبه وخصاله، وغيرة مما ناله، وأمنيات صريحة بالرغبة بلحاقه، وندماً على عدم مرافقته، فكذباً نقول "ونحن نحب الحياة".
كان اسمه أنس قبلان، قبل أن يصبح "أبو جلمود" الذي اختاره ليضفي على نفسه شيئاً من الصلابة والبأس، فيما بدا محاولة منه لطمس ملامح الطفل التي بقيت عصية على الطمس ورافقته حتى النهاية. كان أنس يشبه الخبز الطازج لحظة خروجه من الفرن كما تفضحه الصور المتداولة في بيت العزاء الافتراضي.
هناك علقت صورة للطفل يحمل الخبز الطازج خلال عمله في مخبز تملكه العائلة في إحدى أحياء عمان الفقيرة، والمفارقة أن "أبو جلمود" بقي يشبه أرغفة الخبز كما توثق صورة الأخيرة قبل الموت. كان "مجاهداً" كرغيف الخبز الطازج طرياً يسهل التهامه بلذة، رغم الصلابة التي كان يسعى لإضفائها على شخصيته من خلال الاسم الجديد وما يكتبه من إدراجات على صفحته على "الفيسبوك".
أنس أو "أبو جلمود" هو صديق للناشط الإصلاحي جهاد غبن الذي قتل في سورية نهاية العام الماضي والذي أصبح اسمه "أبو الفوارس" بعد التحاقه بجبهة النصرة، الصديقان القتيلان يجمعهما أنهما كانا ناشطين في الحراك الإصلاحي الأردني الذي وُئد مبكراً، وخرجا سوياً "للجهاد" في سورية بعد أن عجزت البلاد عن استيعاب حماستهما واندفاعهما، وقتلا وما تزال ذقونهم عصية على نمو اللحى، أنقذوهم قبل أن يسقط المزيد.
المساهمون