هل تنقذ المحكمة الإدارية انتخابات الرئاسة في تونس؟

09 اغسطس 2024
الانتخابات المحلية في تونس العاصمة/ 4 فبراير 2024 (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **الصعوبات والتعقيدات في الترشح للانتخابات الرئاسية في تونس**: أُغلق باب الترشحات بعد قبول 17 ملفاً، لكن بعض المترشحين يشتكون من رفض وزارة الداخلية منحهم البطاقة عدد 3، مما أضاف تعقيدات جديدة.

- **الطعون القانونية والإجراءات الانتخابية**: الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ستعلن عن قائمة المترشحين المقبولين أولياً، تليها مرحلة الطعون. حزب التيار الديمقراطي قدم طعناً ضد قرار الهيئة بسبب إخلالات قانونية.

- **دور المحكمة الإدارية والتحديات القانونية**: المحكمة الإدارية تُعد الملاذ الأخير للمرشحين، حيث تتحمل مسؤولية إعادة دولة القانون. القاضي السابق أحمد صواب أكد أن المرشح غير ملزم بتقديم البطاقة عدد 3.

لا تزال الصعوبات التي واجهها المترشحون في سباق الانتخابات الرئاسية تلقي بظلالها على المشهد السياسي في تونس، حيث أُغلق باب الترشحات في 6 أغسطس/آب بعد قبول 17 ملفاً. ورغم ذلك، يشتكي عدد من المترشحين من رفض وزارة الداخلية منحهم البطاقة عدد 3 (بطاقة الخلو من السوابق العدلية)، ما أضاف تعقيدات جديدة إلى المنافسة.

وفي تدوينة على فيسبوك، أعرب المرشح عبد اللطيف المكي عن استيائه من مماطلة وزارة الداخلية في تسليمه البطاقة قائلاً: "سعيتُ بكل اجتهاد وصبر إلى الحصول على البطاقة عدد 3، رغم عدم قانونية هذا الاشتراط من قِبلكم، وقدّمت أربعة مطالب متتالية لمصالح وزارة الدّاخلية، ولكن دون جدوى رغم استجابتي لطلب شهادة النّشر التي طالبوني بها شرطًا لتسليم البطاقة". وأشار المكي إلى أن "مماطلة وزارة الدّاخليّة في مدّي بالبطاقة عدد 3، استنادًا إلى تعلاّت واهية واشتراطات تمّ تنفيذها بلا جدوى، يجعلُ من عدم تقديمها لكم أمرًا خارجًا عن إرادتي، مُندرجاً في باب القوّة القاهرة، خاصّة أنّ الجهة الإداريّة المسؤولة عن تقديمها يُشرف عليها مترشّح منافسٌ".

 

وتعلن الهيئة عن قائمة المترشحين المقبولين أولياً يوم 11 أغسطس/آب، تليها مباشرةً مرحلة الطعون لدى المحكمة الإدارية. وتُعد المحكمة الإدارية الجهة القانونية المخولة إنصاف من تُرفض ملفاتهم، وقد اكتسبت سمعتها بفضل قراراتها الجريئة حتى في أصعب الظروف.

وفي سياق متصل، أكد المتحدث باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (رسمية)، أول من أمس الأربعاء، أن مجلس الهيئة سينظر في ملفات الترشح الـ17 للتأكد من استيفائها الشروط الشكلية والموضوعية، مع التشديد على عدم إمكانية إضافة أي وثيقة ناقصة بعد انتهاء فترة تقديم الترشحات.

وقدم حزب التيار الديمقراطي، الأربعاء، طعنًا لدى المحكمة الإدارية ضد قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات رقم 544 لسنة 2024، المتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية. وأوضح نبيل حجي، الأمين العام للحزب، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الدافع وراء هذا الطعن هو وجود عدة إخلالات قانونية في القرار، مشيرًا إلى أن عريضة الطعن تضمنت تسعة نقاط أساسية.

وأشار حجي إلى أن تركيبة الهيئة الحالية تتعارض مع القانون والدستور، حيث تضم سبعة أعضاء بدلاً من تسعة، على الرغم من أن الدستور ينص على ضرورة تجديد تركيبتها كل سنتين، وهو ما لم يحدث منذ تعيينها من قبل الرئيس قيس سعيد. وأضاف أن الهيئة تجاوزت صلاحياتها بوضع شروط ترشح جديدة غير منصوص عليها في القانون، مثل البطاقة عدد 3، شرط الجنسية، وشرط السن البالغ 40 عامًا.

وفي ما يتعلق بالتزكيات، أوضح حجي أن التغيرات التي طرأت على عدد الدوائر الانتخابية من 33 دائرة في 2014 إلى 161 دائرة حالياً تستوجب تعديلًا في شروط التزكيات، وهو ما لم يحصل منذ أن عيّنها الرئيس قيس سعيد، وليس من مشمولاتها إصدار قرارات ترتيبية ووضع شروط للترشح.

وأشار إلى أنه "أُضيفت شروط جديدة غير موجودة في القانون أو الدستور، مثل الحرمان من الترشح مدى الحياة، بالإضافة إلى شرط البطاقة عدد 3. حيث يكفي تقديم وصل طلب إلى وزارة الداخلية، وتقوم هيئة الانتخابات بالتحقق من الطلب مع الوزارة. كما أن هناك شروطًا إضافية مثل إثبات الجنسية، وهو أمر غير قانوني".

وأضاف المتحدث أن "الملف المقدم للمحكمة الإدارية يتألف من 22 صفحة مدعمة بأدلة قوية. ويظل لرئيس المحكمة الإدارية الصلاحية في إصدار القرارات المناسبة، سواء بإيقاف التنفيذ أو غيره. ومع ذلك، لا يثق كثيرون بالقضاء بسبب الضغوط والترهيب والإعفاءات والنقل.

وتساءل: "هل ستتخذ السلطة القضائية قرارات شجاعة في هذا السياق؟"، موضحاً أنه "إذا حدث ذلك، فقد تؤدي الشجاعة القضائية إلى إيقاف الانتخابات، وتنقيح القانون الانتخابي، وتجديد تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ما قد يترتب عنه تأجيل الانتخابات إلى نهاية العام. وفي حال حدوث ذلك، ستكون الانتخابات منصفة بحظوظ متساوية أمام الجميع، مع إعادة فتح باب الترشحات، لأن الأهم هو إجراء انتخابات تعبر عن إرادة المواطن التونسي بكل حرية".

من جهته، أكد القاضي السابق بالمحكمة الإدارية أحمد صواب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المناخ السياسي في تونس يبتعد يومياً عن المعايير الديمقراطية، إلا أن المحكمة الإدارية تبقى الملاذ الأخير للمرشحين، وذلك ليس بفضل رئيسها الأول أو الدوائر الاستئنافية، بل من خلال الجلسة العامة التي تضم 27 قاضياً من الأعلى رتبة وتجربة. وأشار صواب إلى أن هؤلاء القضاة يحملون على عاتقهم مسؤولية إعادة دولة القانون، محذراً من أن مخالفة المبادئ القانونية التي درسها هؤلاء القضاة قد تكون وصمة عار على القضاء، خاصة في قضايا حساسة مثل البطاقة عدد 3 والتزكيات.

وأضاف صواب أن القاضي الإداري ملزم بتطبيق الدستور، وأي قرار صادر عن السلطة التنفيذية يجب أن يكون متوافقاً مع الدستور، مؤكداً أن المرشح غير ملزم بتقديم البطاقة عدد 3. وبيّن أن المحكمة الإدارية قد تكون الفيصل في النزاعات القانونية المتعلقة بالانتخابات، خصوصاً في ظل الطعون المقدمة من قبل القوى الديمقراطية.

وفي سياق متصل، رأى الخبير في القانون عبد المنعم السحباني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه في ظل المناخ الحالي، قد تكون للمحكمة الإدارية صعوبة في تغيير التوجه العام، خاصة في ما يتعلق بإقصاء بعض المترشحين. ويشير إلى أن إطالة النزاع قد تمنع المحكمة من النظر في القضايا الأساسية، وقد يتأخر إصدار الأحكام حتى بعد بدء الانتخابات. وأوضح السحباني أن المحكمة الإدارية كانت معروفة بجرأتها في الماضي، لكن الظروف الحالية قد تؤثر على قدرتها على اتخاذ قرارات حاسمة. ولفت إلى أن الطعون المقدمة عام 2009 في عهد الرئيس السابق زين بن علي كانت تتأخر في البت، ما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت المحكمة الإدارية قادرة على مواجهة التحديات الحالية والتصرف بما يتناسب مع اللحظة التاريخية والمسؤولية الملقاة على عاتقها.