المشهد مؤثر جداً. زعيم الشحاذين يسكب الزيت المغلي في عين طفل لم يتعد عمره العشر سنوات. الوجع كبير، ولكن الطفل سيعتاده. بعد أيام، سيتمكن الطفل من الانطلاق مع الزعيم في جولات الشحاذة. المقتدرون تعاطفوا كثيراً مع طفل جميل فاقد لنعمة النظر. الأخير أصبح كفيفاً، الزعيم كوّن ثروة، والناس يدفعون شفقة.
هو مشهد في فيلم أجنبي، لكنه يجسّد واقعنا. نحن مَن أصبح يهرول إلى صناديق الاقتراع لانتخاب زعماء الشحاذين. ونحن الذين لم نعد نرى ولا نسمع ولا نتكلم سوى ما يعاكس مصالحنا. تعرضنا لمجزرة. الزيت المغلي صُبّ في عيوننا وآذاننا وأفواهنا. احترقنا.
ألا تتحدث المنظمات الانسانية والدولية عن الاستثمار بالبشر؟ فهمها حكامنا جيداً. عاثوا بنا استثماراً.
كرامتنا أصبحت تحت أقدام العالم. الفقراء يزيدون، أهلاً بالمساعدات، أهلاً بنهش المال العام، أهلاً بالصفقات. لا ننتظر أن يقل الفقراء في المقابل، هل يلغي زعماء الشحاذة مبرر التسوّل على جوعنا؟
ديون دولتنا ترتفع، ونحن لا نحصل على خدمات وندفع بدل الضريبة ضرائب. خير؟ كل الخير، نحن منبع الخير والخيرات، نحن من يدفع لأقلية الأقليات مليارات دولاراتنا لكي يمارسوا علينا الجَلْد يومياً. في المقابل، نشحذ الضمان الصحي، نشحذ الماء، نشحذ التعليم، نشحذ الوظيفة من زعماء الشحاذة، وهم يحولون تعاستنا إلى استثمار.
هاتوا المساعدات، فلتغرق في فساد المحاصصة، بسمة على ثغر زعيم الزعماء تكفينا. هاتوا الارتهان الخارجي، نحن لن ننزعج، سنصفق، سنرفع صور زعماء كل الدول على طرقاتنا، سنزيّن بها بيوتنا. وسنرفع أيضاً شعاراً فيه خليط من كلمات الكرامة والحرية والمقاومة والسيادة، ما الضير في ذلك؟ سيصل لزعيمنا الثمن. وبحسب المقولة الشهيرة لأحد قادة الشحاذة العربية: "شعبنا متنيّل بنيلة، والحياة هات وخد، مش خد وخد، إنما هات وخد هات وخد هات وخد".
14.4 مليون فقير في اليمن، 1.4 مليون في لبنان، 6 ملايين فقير في العراق، 18 مليون فقير في سورية، 2.7 مليون فقير في تونس، 15 مليون فقير في السودان، 22.8 مليوناً في مصر، 1.7 مليون فقير في موريتانيا.
تموت قارة أوروبا رعباً، بعد تقرير يشير إلى إمكانية ارتفاع عدد فقرائها إلى 25 مليون فقير في 2025. أما هنا، فيوجد أكثر من 82 مليون "متنيّل" في ثماني دول عربية فقط. أرقامنا ضخمة، نقسم أنها سترتفع، نقسم أن نرفع أرصدتكم. نقسم بكرامتنا. فقط زيدوا من حرقنا، أجسادنا في الخدمة.
ألا تتحدث المنظمات الانسانية والدولية عن الاستثمار بالبشر؟ فهمها حكامنا جيداً. عاثوا بنا استثماراً.
كرامتنا أصبحت تحت أقدام العالم. الفقراء يزيدون، أهلاً بالمساعدات، أهلاً بنهش المال العام، أهلاً بالصفقات. لا ننتظر أن يقل الفقراء في المقابل، هل يلغي زعماء الشحاذة مبرر التسوّل على جوعنا؟
ديون دولتنا ترتفع، ونحن لا نحصل على خدمات وندفع بدل الضريبة ضرائب. خير؟ كل الخير، نحن منبع الخير والخيرات، نحن من يدفع لأقلية الأقليات مليارات دولاراتنا لكي يمارسوا علينا الجَلْد يومياً. في المقابل، نشحذ الضمان الصحي، نشحذ الماء، نشحذ التعليم، نشحذ الوظيفة من زعماء الشحاذة، وهم يحولون تعاستنا إلى استثمار.
هاتوا المساعدات، فلتغرق في فساد المحاصصة، بسمة على ثغر زعيم الزعماء تكفينا. هاتوا الارتهان الخارجي، نحن لن ننزعج، سنصفق، سنرفع صور زعماء كل الدول على طرقاتنا، سنزيّن بها بيوتنا. وسنرفع أيضاً شعاراً فيه خليط من كلمات الكرامة والحرية والمقاومة والسيادة، ما الضير في ذلك؟ سيصل لزعيمنا الثمن. وبحسب المقولة الشهيرة لأحد قادة الشحاذة العربية: "شعبنا متنيّل بنيلة، والحياة هات وخد، مش خد وخد، إنما هات وخد هات وخد هات وخد".
14.4 مليون فقير في اليمن، 1.4 مليون في لبنان، 6 ملايين فقير في العراق، 18 مليون فقير في سورية، 2.7 مليون فقير في تونس، 15 مليون فقير في السودان، 22.8 مليوناً في مصر، 1.7 مليون فقير في موريتانيا.
تموت قارة أوروبا رعباً، بعد تقرير يشير إلى إمكانية ارتفاع عدد فقرائها إلى 25 مليون فقير في 2025. أما هنا، فيوجد أكثر من 82 مليون "متنيّل" في ثماني دول عربية فقط. أرقامنا ضخمة، نقسم أنها سترتفع، نقسم أن نرفع أرصدتكم. نقسم بكرامتنا. فقط زيدوا من حرقنا، أجسادنا في الخدمة.