بات معلوماً أن كل ما تقدمه، كلوديا مرشليان، من نصوص درامية للساحة العربية، هي عبارة عن قوالب جاهزة مستعارة من الدراما التركية أو المكسيكية وغيرها. بداية من "روبي" الذي عرض عام 2012، وصولاً إلى "ما فيي" الذي يعرض حالياً على قناتي "أبو ظبي" و"MTV اللبنانية"، والمقتبس من المسلسل التركي "جسور والجميلة".
سبق عرض مسلسل "ما فيي" حملة إعلانية ضخمة قامت بها شركة "الصباح" المنتجة للعمل، والذي يقدم ملكة جمال لبنان لعام 2015، فاليري أبو شقرا، بطلة في عالم الدارما، بعد أن مهَّدت لها شركة الصباح طريق البطولة من خلال مشاركتها بدور صغير في مسلسل "الهيبة العودة" مع النجم، تيم حسن. تطور أداء أبو شقرا التمثيلي مع تقدم الحلقات، خاصة على مستوى الأداء الحركي. ومع ذلك، لا يزال أداؤها متواضعاً بالمقارنة مع زميلتها الممثلة، زينة مكي، والتي أتقنت دورها ببراعة وانسيابية.
عرض من "ما فيي" أكثر من ثلاثين حلقة. والتكرار والسطحيَّة سيدا الموقف على مستوى الفكرة والمضمون. النص الجيد لا يُبنى على تكرار الحوارات في كل حلقة، بل على خلق أحداث جديدة تغيّر في المسار الدرامي للعمل، وهذا ما يفتقر إليه "ما فيي" المؤلف من ستين حلقة. ليست البراعة في وضع خط درامي واحد يلاحقه الغموض من بداية الحلقة الأولى حتى نهاية العمل، بل البراعة هي في خلق مجموعة خطوط تحل تدريجياً مع مرور الحلقات. فما زلنا حتى الآن لا نعرف ما حدث مع أهل " فارس" (معتصم النهار)، رغم مرور أكثر من ثلاثين حلقة. وكذلك لم نعلم سر "الفيلا المشؤومة" التي تكرر الحديث عنها في عدة حلقات، دون أن نعلم ما جرى فيها من أحداث أدت لتصبح "الفيلا" شؤماً على عائلة أبو فوزي، والذي يجسد شخصيته الفنان أحمد الزين.
تعاملت مرشليان مع شخصيات هذا المسلسل وأحداثه بسطحية كبيرة، فكل الشخصيات الرئيسية ليس لديها عمل أو أي نشاط خارج المنزل أو القرية. ما هي طبيعة عمل أبو فوزي وعائلته التي جعلتهم أثرياء؟ متى سيتم افتتاح المطعم الذي جاء فارس من أجله؟ صحيحٌ أنَّ الست زكية (نادين خوري) قد ورثت مبلغاً كبيراً من زوجها المتوفى. ولكنها، أيضاً، تصرف على عائلة كبيرة فضلاً عن راتب الشيف هيثم، وأجرة العمال الآخرين. ماذا عن شخصية الدكتور، شريف، (يوسف حداد) التي لم نعلم عنه حتى الآن سوى أنه طبيب بيطري، يداوي الناس في قرية بعيدة.
تعددت شخصيات وأحداث مسلسل "ما فيي" ولكن بتكرار وسطحية. هنا نطرح السؤال نفسه، حول مستقبل الدراما العربية والقصص المقتبسة في ظل استيراد القوالب الدرامية الجاهزة التي لا تلائم مجتمعنا ولا الواقع. ما هو دور شركات الإنتاج في توجيه هذه الدراما؟ أمّا أن الهدف الرئيس لهذه الشركات هو الكسب المادي فقط؟ وماذا عن دور المؤلف والمنتج في ذلك. ثمَّة أسئلة لا إجابات عنها، طالما أنَّ المسلسل يُعرض ويلقى نسبة مشاهدة، تقول عنها المحطة إنها تتخطى المراتب الأولى أثناء مواقيت العرض.