"ماغنيتسكي" هل يتسبب في محاكمة لواءات التعذيب بمصر؟

19 سبتمبر 2017
اللواء محمد الخليصي، مساعد وزير الداخلية، ضمن القائمة (الفيسبوك)
+ الخط -
تقدّمت 23 منظمة حقوقية من مختلف أنحاء العالم بخطاب إلى وزارتي الخارجية والمالية في الولايات المتحدة الأميركية ومجلس الأمن، اتهمت فيه 15 فرداً من دول العالم بارتكاب جرائم تعذيب، كان من ضمنهم للمرة الأولى ضابطان مصريان، متعهدة بتقديم معلومات تُثبت تهم التعذيب على الأشخاص الوارد ذكرهم في الخطاب.

الخطاب الحقوقي المشترك قال إن الحالات التي سلّط الضوء عليها تشمل قصصاً وصفها بـ"المروعة"، عن التعذيب والاختفاء القسري والقتل والاعتداء الجنسي، موضحاً أن المعلومات جاءت من تقارير مباشرة عن الضحايا ومحاميهم وتقارير المنظمات غير الحكومية.

مصريان في القائمة
"محمد علي حسين، محمد الخليصي" حملا رقم 4 في القائمة، بدعوى تنفيذهما عمليات تعذيب في مصر. الخطاب ذكر أن اللواء محمد الخليصي يشغل حالياً منصب مساعد وزير الداخلية لقطاع شمال الصعيد، وكذلك محمد علي، والذي يشغل منصب مساعد وزير الداخلية الآن أيضًا، كانا ضمن قطاع سجون منطقة طرة قبل أن يحصلا على الترقية الأخيرة.


"متورطان في انتهاكات بدنية ونفسية وعمليات تعذيب لأشخاص بسجون طرة في أثناء توليهما منصب مدير مصلحة السجون"، يضيف الخطاب أن ذلك التعذيب شمل مواطناً مصرياً أميركياً، اعتُقل في 25 أغسطس/ آب 2013 بتهمة الانضمام لمنظمة إرهابية وحكم عليه بالمؤبد، لكنه تعرّض للتعذيب بأوامر مباشرة منهما.

عملية التعذيب شملت الحرمان من الرعاية الصحية والاحتياجات الأساسية، ووضع في النهاية بزنزانة انفرادية ملاصقة لزنزانة والده ليسمع كلاهما أصوات تعذيب الآخر، إلى أن حصل على الإفراج في 30 مايو/ أيار 2015.

لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تتردد فيها تلك الأسماء باتهامات التعذيب، ففي 23 ديسمبر/ كانون الأول 2015 نشر مركز الشهاب لحقوق الإنسان بياناً جاءت فيه شكاوى من الأهالي حول قيام مباحث مصلحة السجون برئاسة اللواء الخليصي والضابط محمد علي، رئيس مباحث السجون آنذاك، باقتحام عدد كبير من عنابر وزنازين سجن برج العرب الخاصة بالمعتقلين السياسيين بعدد من عساكر الأمن المركزي المجهزين بالصواعق الكهربائية وأخرجوا كافة المحبوسين للتفتيش الذاتي.

الأمر لم يتوقّف عند التفتيش، لكنه امتد لمصادرة كافة متعلقاتهم الشخصية وسحب مصابيح الإنارة، متوعّدين بالعقاب في حالة حدوث شغب في ذكرى 25 يناير/ كانون الثاني.

في مارس/ آذار 2017 تكرّر ذكر الاسمين مرة أخرى، لكنه كان داخل سجن العقرب بعد تولي الخليصي رئاسة مصلحة السجون وتهديده المحبوسين بأنها ستكون "أياماً عجافاً" بحسب شهادات الأهالي للمنظمات الحقوقية.

الأمر أعقبه عزل وتغريب للمحبوسين ووضعهم داخل زنازين التأديب ومنع الزيارات والتوسع في استخدام العنف والكلاب البوليسية والعصي الكهربائية.

"ماغنيتسكي"
المطالبات في الخطاب شملت إنزال عقوبات اقتصادية على الدول والأفراد المذكورين، وفقاً للقانون الأميركي المعروف باسم "ماغنيتسكي" الدولي للمساءلة عن حقوق الإنسان.

ولقد أقرّ الكونغرس الأميركي هذا القانون في دورته التشريعية رقم 114 لعام "2015/ 2016"، واعتمده الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في ديسمبر/ كانون الأول 2016، ليوسع نطاق تشريعات تعود لعام 2012 يتم بمقتضاها تجميد أصول مسؤولين روس ومنعهم من السفر إلى الولايات المتحدة بسبب صلتهم بوفاة روسي يُدعى "سيرغي ماغنيتسكي" في السجن عام 2009، والذي سُمّي القانون باسمه.

الأمر لم يتوقّف مع صدور هذا الخطاب، ففي لقاء بين بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وزيد بن رعد، مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في 13 سبتمبر/ أيلول الجاري في جنيف، أوضح حسن أن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أغلقت قنوات الحوار والإصلاح والوصول للعدالة أمام المواطنين المصريين.

وأكد أن الحكومة طاردت المنظمات الحقوقية المصرية المستقلة بتحقيقات قضائية مسيّسة وبمصادرة أموالها وبمنع أبرز الحقوقيين من السفر أو بإخفائهم، مثلما حدث مع المحامي إبراهيم متولي، منسّق رابطة أهالي المختفين قسرياً، وبتهديد بعضهم بالقتل، معتبراً أن الحكومة لا تُبدي أدنى تعاون مع الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان.

التحرّكات جاءت بعد تقرير هيومن رايتس ووتش "هنا تُفعل أشياء لا تصدّق: التعذيب والأمن الوطني في مصر تحت حكم السيسي"، اتهمت فيه وزارة الداخلية بتطوير سلسلة متكاملة لارتكاب الانتهاكات الخطيرة لجمع المعلومات عن المشتبه في كونهم معارضين وإعداد قضايا ضدهم، غالبًا ما تكون ملفّقة، ويبدأ ذلك عند الاعتقال التعسفي، ويتطوّر إلى التعذيب، والاستجواب خلال فترات الاختفاء القسري، تنتهي بالتقديم أمام أعضاء النيابة العامة الذين كثيراً ما يضغطون على المشتبه بهم لتأكيد اعترافاتهم، ويمتنعون بشكل كامل تقريبًا عن التحقيق في الانتهاكات.

وقال معتقلون سابقون إن جلسات التعذيب تبدأ بقيام عناصر الأمن بصعق المشتبه به بالكهرباء وهو معصوب العينين وعارٍ ومقيّد اليدين بينما يصفعونه أو يلكمونه أو يضربونه بالعصي والقضبان المعدنية. وإذا لم يمنح المشتبه به العناصر الإجابات التي يريدونها، فإنهم يزيدون قوة الصعق بالكهرباء ومدّته، وتقريباً فإنهم دائماً يصعقون المشتبه به في أعضائه التناسلية.
المساهمون