"ليبراسيون": إسرائيل المسؤولة عن الجمود في عملية السلام

07 يوليو 2014
عودة الاشتباكات كانت متوقعة (عصام ريماوي/الأناضول/Getty)
+ الخط -

كرّست صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، اليوم الإثنين، صفحتها الأولى التي تصدرها عنوان "إسرائيل ــ فلسطين: الكراهية المتقاسمة" والصفحات الخمس التي تلتها، للتوتر الذي يسود الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي يهدد بإشعال "انتفاضة ثالثة".

ورأت الصحيفة في افتتاحية للكاتب فرانسوا سيرجونت، أن القول "إن الإسرائيليين والفلسطينيين يدفعون، اليوم ثمن سنوات من جمود مسار السلام"، هو "كذبة مُركَّبَة، لأنه لم يكن ثمة لا مسار ولا سلام".

وأكد الكاتب أن إسرائيل "هي المسؤولة الأولى عن هذا الجمود، وهي تصورت أنها قادرة على الاستمرار في رفض كل حلّ وسط. وقد ضاعفت الحكومات الإسرائيلية، سنة بعد أخرى، بناء المستوطنات، حائلة إنشاءَ دولة فلسطينية قابلة للحياة".

واستشهد بما كتبه الصحافي الإسرائيلي، غيديون ليفي، في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية من أن "إسرائيل لا تريد السلام". وأرجع الرفض الإسرائيلي إلى فشل كامب دايفيد سنة 2000 وإلى الانتفاضة الثانية التي دفنت معسكر السلام في إسرائيل.

وتحاول "ليبراسيون" أن تُعيد نوعاً من التوازن لقراءة الأحداث، إذ أن فرنسا الرسمية، بما فيها رئيس الجمهورية فرنسوا هولاند، لم تكن متوازنة ولا عادلة في قراءة الأحداث.

فقد دان هولاند وساسة آخرون، على وجه السرعة، مقتل المستوطنين الثلاثة، ولكنهم لم يفعلوا الشيء نفسه عند اغتيال الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير، أو أن بعضهم بالكاد حرّك شفتيه مُديناً اغتيال أبو خضير. وكذلك فعلت وسائل الإعلام التي راهنت على رد إسرائيلي قاسٍ على الفلسطينيين في الضفة وغزة.

وقد تحدثت مراسلة "ليبراسيون" في تل أبيب، أود ماركوفيتش، عن الأعمال الثأرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وهو ما يهدد بالتصعيد. ورأت أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين ومن بينهم وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، تصبّ عليها النار. ورأى ليبرمان أن المتظاهرين الفلسطينيين "لا ينتمون إلى دولة إسرائيل، وأن مكانهم هو السجن".

من جهته، خاطبَ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فلسطينيي الداخل بالقول: "لا يمكن أن تستفيدوا، من جهة، من المساعدات العائلية في دولة إسرائيل، ومن جهة أخرى، تنتهكون قوانينها الأساسية".

ووفقاً للصحيفة، منحت هذه الأحداث اليمينَ الصهيوني فرصة إضافية للتعبير عن أفكاره وسياسته، إذ دعا كثير من قيادييه إلى إجراءات قوية ضد حركة "حماس" في غزة، ومن بينهم وزير الاقتصاد نفتالي بينيت، الذي قال إنه "يجب الرد على الفور وبقوة". وأضاف "حان الوقت كي ترفض إسرائيل وجود قواعد خلفية للإرهاب الإيراني، عن طريق "حماس"، على أبواب إسرائيل". أما ليبرمان فطالب "بإعادة احتلال غزة".

وتحدثت مراسلة "ليبراسيون" في تل أبيب عن وجود تيارات كثيرة تخترق اليمين المتطرف الإسرائيلي، يجمعها هدفٌ واحدٌ هو "رفض أي تنازل عن الأراضي لصالح الفلسطينيين، والتشديد على ولاء مطلق للعرب الإسرائيليين تحت التهديد بسحب حقهم في التصويت".

ووفقاً للصحيفة، ليس مصادفةً أن نجد قاتلي أبو خضير ينحدرون من بين هذه التيارات اليمينية. وقد عزت عالمة الاجتماع الإسرائيلية إيفا إيلوز، انتقال هذه العصابات من الكلام إلى الفعل، إلى غياب العقاب من الدولة. وأضافت "إن هذا البلد يعمل بطريقة إثنية متطرفة تجعل الآخَر، غير اليهودي، يُنظَر إليه كَعدُوّ، والعدوُّ يكون في مركز رؤية العالَم".

أما المبعوثة الخاصة للصحيفة إلى رام الله، ألكساندرا شوارتزبرود، فرأت أن مدينة رام الله لا تتوقع اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة. وعزت التظاهرات الفلسطينية إلى انفعال الشباب الفلسطيني، ناقلةً عن أحد أعيان المدينة قوله "إن الانفعال هو الذي يدفع هؤلاء الشباب إلى إلقاء الحجارة، وأضاف "إنهم يمررون كلاماً في الشبكات الاجتماعية والذي لا يحضر يُعتبر جباناً. لا توجد حركة منظمة، ولا زعيم قادر على تجميع هذا الغضب".

لكن أحد مسؤولي جمعية حقوق الإنسان "الحق" رأى عكس ذلك، إذ قال إن "أحداً لا يعرف متى ستندلع الانتفاضة الثالثة، ولكن ما هو مؤكد هو أنها ستندلع، لأن الظلم كبير وواضح". وأضاف "يوجد حوالى 600 ألف مستوطن في الأراضي الفلسطينية، ينهبون ثرواتنا، وكانوا حتى الساعة صامتين ولكنهم الآن يثيرون الرعب، والسلطة الوطنية الفلسطينية لا تفعل شيئاً ضد هذا". ومضى يقول: "المصالحة بين "حماس" و"فتح" لم تُبْنَ على أساس قِيَم مشتركة، ولكن بُنِيَت على فشل الطرفين، وهي لن تدوم. وكل شيء سيبدأ من جديد".

أما الخبير السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب، إيلان غريلسامر، فأكد في حديث مع الصحيفة أنه "لم يعد يوجد أي أمل لِكلا الطرفين". ورأى أن "الأحداث كانت متوقعة بشكل واسع، بعد فشل مفاوضات السلام، فلا يوجد أي أمل، ولا أي منظور للسلام لكلا الطرفين".

وفي ما يخص العرب في الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948، قال: "كم هو مؤلم جداً الانتماء، عاطفياً، إلى شعب والعيش مع شعب آخر".

ولم يرَ غريلسامر قدرة للطرفين على اجتراح حلّ، قائلاً إنه "يجب استدعاء نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس للحوار ويجب كذلك، التحاور مع مسؤولي "حماس"، كما على إسرائيل وقف بناء المستوطنات، وعلى الفلسطينيين وقف إطلاق الصواريخ من غزة".

وأعرب عن أمله في رؤية "يقظة للمجتمع الدولي تؤدي إلى تدخل دولي ينتظره معسكر السلام منذ فترة طويلة".

المساهمون