ما وراء اعتقال النظام السوري شخصيات عامة في اللاذقية؟

15 سبتمبر 2024
يقمع نظام الأسد بشدة أي نشاط للمعارضة في اللاذقية، 5 فبراير 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تأسيس حركة وطنية معارضة**: تأسست حركة وطنية معارضة في اللاذقية، أغلب أعضائها من منطقة القرداحة، مسقط رأس بشار الأسد، وتوسعت في المحافظة، مما أثار قلق السلطات الأمنية.

- **حملة اعتقالات واسعة**: شنت قوات النظام حملة اعتقالات طالت شخصيات معارضة بارزة من اللاذقية، مثل الدكتور زهير خير بك والتاجر إياد خير بك، بتهم التواصل مع جهات خارجية.

- **التضييق الأمني والتوتر**: السلطات الأمنية حذرت من إثارة خبر الاعتقالات، مما أدى إلى توتر في الساحل السوري ودعوات للثورة ضد النظام، مع تراجع دعم النظام حتى من حاضنته التقليدية.

علم "العربي الجديد" من مصدر خاص في مدينة جبلة في اللاذقية عن تأسيس حركة وطنية معارضة من أبناء المحافظة، أغلبهم من منطقة القرداحة، مسقط رأس رئيس النظام السوري بشار الأسد، وهو ما آثار قلق السلطات الأمنية ودفعها لاعتقال أي ناشط يكشف ارتباطه بهذه الحركة، في ظل تعتيم إعلامي كامل على القضية. وأشار المصدر إلى أن هذه الحركة بدأت تتوسع بشكل أفقي في شتى مناطق المحافظة، وتنتظر الفرصة المؤاتية للإعلان عن نفسها رديفاً لحركات التحرر الوطنية في سورية.

وشنت قوات تابعة للنظام السوري حملة اعتقالات خلال الأسبوعين الأخيرين، طاولت عددًا من الشخصيات المعارضة من محافظة اللاذقية، بتهمة "التواصل مع جهات خارجية"، في خطوة عدها عدد كبير من سكان الساحل السوري لقمع أي صوت مطالب بالحرية والتغيير السياسي في البلاد.

وقال مصدر خاص من محافظة اللاذقية، لـ"العربي الجديد"، إن دورية تابعة للأمن العسكري في اللاذقية اعتقلت الدكتور زهير خير بك وابن عمه التاجر المعروف إياد خير بك، المنحدرين من ريف مدينة القرداحة التابعة للمحافظة، مشيرًا إلى أن عائلة خير بك تعتبر من أعرق عائلات القرداحة، مؤكدًا أن "الدكتور زهير من أهم الأطباء في المحافظة وقد شغل عدة مهام أهمها منصب نقيب الأطباء في اللاذقية، وكان له رأي متمايز عن أبناء الساحل منذ بداية الاحتجاجات في سورية".

وبحسب ما أفاد المصدر الخاص الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن سهيل الأسد، أحد أقرباء الرئيس السوري، حاول الاستيلاء على معمل تغليف للفاكهة والخضار يعود للدكتور زهير، لكن النزاع انتهى لصالح خير بك واستطاع الحفاظ على معمله. أما إياد خير بك فقال المصدر إنه تاجر ومستورد معروف، وجاء اعتقاله لابتزاز أسرته بدفع فدية، بعد أن وجهت له تهمة "القيام بتحرّكات مشبوهة ونشاط معادٍ للبلاد، والاتصال بأطراف خارجية".

وكانت صفحات من الساحل السوري تناقلت قبل اعتقال خير بك بثلاثة أيام أنباء عن اعتقال الدكتور أحمد مظهر الصوفي، 80 عاماً، في أحد شوارع مدينة اللاذقية للتهمة ذاتها، واعتقال الصوفي واللواء المتقاعد أحمد ديب مرجح أن يكون لأسباب سياسية نظراً إلى مواقف هؤلاء الأشخاص المناهضة للسلطة.

من جهتها، قالت الناشطة الإعلامية (ف. س) التي طلبت عدم ذكر اسمها الكامل، في حديث مع "العربي الجديد"، إن السلطات الأمنية حذرت أهالي وذوي المعتقلين من إثارة خبر الاعتقالات، أو الحديث عن أي تفاصيل، تحت طائلة إلحاقهم بالمعتقلين. وأردفت الناشطة بأن "التضييق والتشديد الأمني يمارس بأبشع صوره على أبناء الساحل من قبل أبناء العائلات القريبة من بشار الأسد، من آل الأسد وآل شاليش ومخلوف، رغم أن هذه العائلات شهدت تناحراً فيما بينها في الفترة الأخيرة، لفرض السيطرة والنفوذ، وكان آخرها في ليلة القصف الإسرائيلي الأخير على مناطق في سورية، لكن عندما يتعلق الأمر بأي نشاط للمعارضة في اللاذقية، يتحد مسلحو هذه العائلات الثلاث لقمع هؤلاء المعارضين"، وفقًا لقولها.

أما الناشط المدني علي محمد فقال لـ"العربي الجديد" إن "الساحل السوري في مرحلة الغليان"، وأضاف: "الوضع لم يعد يحتمل.. أي زائر للساحل سيرى مقدار الحاجة التي يعاني منها أبناء هذه البقعة، وسيرى معنى أن يُحكم مجتمع كامل من قبل عصابة وفق النظام الإقطاعي... أولادنا ماتوا ليحيا هؤلاء حياة فارهة، ورغم ذلك يستمر الذل". ويضيف محمد: "على الناس أن تنفض غبار القهر وتثور، ومن يهاب الموت سيموت يوميا من الذل".

ويضيف الناشط أن "الدكتور زهير لم يكن معارضاً بشدة، وكان من أصحاب الرأي المتوازن الذي يدعو النظام للتنحي وإعطاء فرصة للطرف الآخر كي يقدم ما لديه، لكن تعنت النظام واتّباعه الخط الدموي والقمعي في مواجهة معارضيه بدآ يتجهان بكفة خير بك للميلان باتجاه الطرف المعارض، وخصوصاً مع بداية الحراك المدني بالسويداء، حيث ثبت للدكتور زهير من أن الشعب السوري شعب لاعنفي وسلمي، وتيقن أن كل ما جرى على مدى الأعوام الفائتة من دمار في البلاد هو مسؤولية النظام وتعنته وتمسكه بالسلطة على حساب الوطن والشعب"، بحسب ما يقول.

وكشف محمد أن الذين اعتقلوا جميعاً كانوا يجتمعون منذ أشهر مع عدد من المناوئين لحكم الأسد والبعث، في خضم مشروع وطني، يسعى للالتحاق بركب الثورة ضد النظام، وأن الاجتماعات تمخضت عن حركة شعبية معارضة توسعت بشكل غير مسبوق في المحافظة التي عرفت على مدار ثلاثة عشر عاماً بأنها الحاضنة الأمنع لرأس النظام في سورية. وختم الناشط بالقول: "إن النظام لا يريد التيقن من أنه لم يعد مرغوباً به حتى من معظم هذه الحاضنة التي يعول أن تحمي ممارساته وانتهاكاته بحق السوريين، لكن ذلك لم ولن يحد من توسع هذه القاعدة.. لن نسمح بعد اليوم باستغلال الطائفة العلوية لأهدافه بتدمير البلاد وظلم الشعب".

المساهمون