"لورنس العرب": شخصية بوجوه متعدّدة

14 مايو 2020
(لورنس العرب)
+ الخط -
ارتبط اسم توماس إدوارد لورنس الملقّب بـ "لورنس العرب" بشكل أساسي بالخديعة عبر تقديمه الوعود للعرب الذين ثاروا على العهد العثماني بتأسيس دولة مستقلة، لكن ثورتهم انتهت بتقسيم العراق وبلاد الشام بين الاستعمارين البريطاني والفرنسي، وإصدار "وعد بلفور" الذي منح اليهود أرض فلسطين قسراً لتأسيس دولة لهم.

"لورنس في الحرب والسلام: مختارات من الكتابات العسكرية" عنوان الكتاب الذي صدرت طبعته الأولى بالإنكليزية عام 2006 بتحرير وتقديم كاتب السيرة البريطاني مالكولم بروان، حيث تصدر نسخته العربية عن "دار الساقي" بترجمة هيثم فرحات.

تضيء هذه الكتابات التي وضعها الضابط والآثاري البريطاني (1888 – 1935) على فترات مختلفة خلال رحلاته في المنطقة العربية قبل أكثر من سبعين عاماً على أفكاره ورؤيته، ولا تزال لها صلة بالراهن اليوم سواء في رسم خارطة المنطقة أو طبيعة النزاعات التي تسبّبت بها.

كما تفسّر طبيعة الجدل الذي يدور حوله حتى اليوم وما يثيره من ارتياب وتشكّك في كثير من مواقفه، حيث حاول المؤلّف الكشف عن طبيعة التعدّد الذي يكتنف شخصيته، بين دوره ككاتب أو مؤرخ ودوره كجندي يعمل في المخابرات البريطانية، وفضوله كمغامر أو عالم آثار.

يحلّل بروان التقارير السرية والملخصّات التي كان يقدّمها لورنس لقيادته، والتي توضّح انطباعاته وفهمه لواقع شبه الجزيرة العربية آنذاك، وهيمنته على الشخصيات التي كان يتعامل معها، وتعكس في الوقت نفسه مهاراته ككاتب يمتلك أسلوباً خاصة في السرد.

تتبع محرّر الكتاب بسبب اطلاعه المسبق على كتاب لورنس الذي يحمل عنوان "أعمدة الحكمة السبعة"، ويبيّن حجم المعارف التي امتلكها وقدرته الهائلة على وصف وتسجيل كلّ ما يدور حوله ووضع ملاحظاته أيضاً، سواء تعلّق الموضوع بالحياة الطبيعية والنباتات والحيوانات التي كان يتعرّف عليها في الصحراء، أو في فهمه للعقائد وحضور الدين لدى العرب، وكيف يوظّف هذه العناصر عند حديثه عن الاستراتيجيات العسكرية.

ويشير بروان إلى أن لورنس تخلّى عن كل شهرته في النهاية، وهو الذي لم يعمّر طويلا (47 عاماً)، لصالح هواياته التي تفرّف لها كقيادة الدراجات النارية والسيارات، ومحاولته الدائمة عدم الكشف عن هويته في تلك الفترة، وابتعاده المتفصّد عن الأضواء.

المساهمون