بمجموعة من الصور القديمة الملتقطة بكاميرا ستوديو كلاسيكية، وأخرى رقمية جديدة، يقيم فنان الفوتوغرافيا المغربي أمين أولمكّي معرضاً بعنوان "لبست ثوب العيش" في "غاليري كولت" في الرباط ويتواصل حتى 22 آذار/ مارس المقبل.
يشعر الداخل إلى المعرض أنه يدلف إلى غرفة تحميض في ستوديو، ثمة جدار من الصور البورتريه المعلقة بالأسود والأبيض، التقطها أحدهم في النصف الأول من القرن العشرين ومنها ما يعود إلى السبعينيات، الشخصيات مجهولة للمتلقي لكنها كثير منها يعود إلى عائلة وأقارب أولمكي.
ثمة مجموعة أخرى عثر عليها الفنان في أدراج ستوديوهات مهجورة ومنسية، فأعاد إليها الحياة، وعبث ببعضها بالألوان وزيادة تفاصيل هنا وهناك؛ كأن يضيف كتابات وكولاجات من صحف ويوميات ورسومات على الأذنين أو الأنف أو الإطار أو تلوين الياقة فقط وهكذا.
في صدر المعرض ثمة فيديو يعرض لرجل في نوم عميق، ونرى بطنه العاري يعلو ويهبط في رتابة تجمع النوم بالتنفس. على جدار آخر مجموعة من الصور التجريبية الرقمية التي لا شخصيات فيها ولكنها لأعمال فنية بحتة وتجهيزات بصرية وسينوغرافيا نفذها الفنان نفسه معظمها سلالم وشخصيات تبدو كأشباح وأطياف غامضة في لقطة من فيلم رعب.
اختار أولمكي عنواناً مقتبساً من شطر في رباعيات الخيام، صدحت به أم كلثوم وهي في قمة مجدها، "لبست ثوب العيش لم أستشر.. وحرت فيه بين شتى الفِكَر"، في تصادٍ بين تجربة فنه وحركة التقادم؛ حيث الصور تبلى أيضاً مثلما تبلى الثياب والعمر والإنسان.
ومن خلال العودة إلى ألبومات العائلة الشخصية، وإعلان خصوصيتها ومشاركتها مع كل من تقع عينه عليها في المعرض، يبدو الفنان كما لو أنه يستنطق تاريخه الشخصي في العلن، فيعود إلى لحظات مسروقة وشخصيات رحل منها من رحل ومنها من بات عجوزاً، كل هذا التاريخ الذي خلف الصور يجري تسليمه إلى المتلقي، في حركة بين رقمية الراهن وشاعرية الماضي وبساطته.
بعض الصور تالفٌ، وبعضها ما زال واضحاً، لكنها بمجموعها وبهذا المزيج تشكل جدارية من شخصيات مختلفة تجتمع لتشكل هذا العمل التجريبي أو هذه السردية المرئية المستلهمة من ألبوم عائلي، حيث الذكريات والألم والسعادة أيضاً، وحيث يستعيد أولمكّي شخصيات أثرت في حياته، وفي تفاصيل عيشه في حي المحيط في الرباط.