ما زال سكان محافظة المهرة اليمنية يعانون من تبعات العاصفة "لبان" التي ضربت أجزاء واسعة من المحافظة، الشهر الماضي، فبعد التشرد، تسببت "لبان" بأمراض خطرة
أمراض مختلفة نتجت عن العاصفة المدارية "لبان" التي ضربت محافظة المهرة، شرق اليمن، منتصف الشهر الماضي، بعدما تسببت بأضرار في البنية التحتية والمنازل، ونشرت المستنقعات والنفايات، وأدت إلى نفوق الحيوانات.
في هذا الإطار، أصيبت أماني إبراهيم (33 عاماً) بالملاريا لتنقل إلى المركز الصحي وتخضع للعلاج. يقول والدها: "بعد العاصفة بأيام قليلة، بدأت تشتكي من آلام في البطن وأصيبت لاحقاً بحمى شديدة وتعرق مستمر. وهو ما أقلقني وجعلني أسرع في نقلها إلى المستشفى". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّه نزح من منزله إلى منزل أحد أقاربه في مديرية المسيلة التي تضررت بشكل كبير بسبب العاصفة. يتابع: "يصاب السكان هنا بالأمراض مثل الملاريا وغيرها في الظروف العادية كما يحدث في المحافظات الأخرى، لكننا اليوم نواجه صعوبة في التعامل مع أيّ مرض نعاني منه، مع فقداننا منازلنا ومحتوياتها، كما أنّ المستشفيات ممتلئة بالمرضى والمتضررين بسبب العاصفة".
من جانبه، يقول هيثم الحمادي، وهو أحد سكان مدينة الغيضة، إنّ الوضع الصحي في محافظة المهرة عموماً، ومدينة الغيضة خصوصاً، مزرٍ وخطر ويشير إلى أنّ كارثة ستحدث في حال لم تجرِ مواجهتها من قبل الحكومة والمنظمات الإنسانية، عبر تقديم العون الصحي للمحافظة. يضيف لـ" العربي الجديد" أنّ العاصفة خلفت مستنقعات كبيرة في معظم الأحياء السكنية، ما تسبب في ظهور الحشرات والبعوض الناقل للأمراض المختلفة وعلى رأسها الملاريا. يشير إلى أنّ مستشفى الغيضة "مليء بحالات الإسهال والملاريا والحمى وليس مستبعداً وجود أمراض وبائية مثل الكوليرا وحمى الضنك، لم تكتشف بسبب محدودية الأجهزة المخبرية وبساطتها".
يؤكد الحمادي أنّ وزارة الصحة "لم ترسل أيّ فريق طوارئ إلى مستشفى الغيضة ولم تقدم أيّ معونة صحية للمستشفى المركزي أو للمركز الصحي في بقية المديريات حتى هذه اللحظة". يلفت إلى أنّ الأمراض تنتشر في كلّ المنازل، وفي مقابل هذا هناك "خدمة صحية بسيطة في المستشفى بسبب غياب الأجهزة التشخيصية الحديثة. كثير من المرضى يلجؤون إلى مدينة المكلا للعلاج في المستشفيات الخاصة، وبعضهم يجري تحويلهم إلى مستشفيات سلطنة عمان بحسب خطورة الحالة".
المواطن عبد الباري أبو أحمد، أحد السكان، يعتبر أنّ المحافظة لم تتجاوز الخطر بعد، فالكثير من الأمراض انتشرت بسبب المستنقعات والمياه الراكدة مثل الحصبة والملاريا والإسهالات. يقول لـ"العربي الجديد": "دمرت العاصفة شبكات الصرف الصحي وتلوثت المياه، كما أنّ البعوض انتشر بكثرة وبدأ مرض الملاريا ينتشر في مناطق مختلفة". يشير إلى أنّ كثيراً من المتضررين من العاصفة باتوا يعيشون في مراكز إيواء ويحتاجون إلى الكثير من المساعدات الإغاثية والصحية لمواجهة الأمراض التي قد تنتشر بينهم. يضيف أبو أحمد أنّ كثيراً من الأسر التي تضررت منازلها توجهت إلى حضرموت لتستقر حتى إعادة تأهيل منازلهم وتجاوز أيّ مخاطر ناتجة عن الأمراض التي تتبع العاصفة.
بدوره، يقول القائم بأعمال مدير مستشفى الغيضة، الدكتور حسن نصيب، إنّ الوضع الصحي في المحافظة بعد "لبان" ينذر بانتشار الأمراض بسبب المستنقعات والمياه الراكدة في كلّ المديريات المتضررة. يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ انتشار الأمراض لا تظهر إلاّ بعد فترة، خصوصاً أنّ المياه الراكدة والمستنقعات بسبب العاصفة، ما زالت على حالها، ولم يجرِ التعامل معها". يلفت إلى أنّ مكتب الصحة والسكان في المحافظة، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، نفذ حملة رش للقضاء على البعوض الناقل للملاريا وحمى الضنك، خصوصاً بعدما استقبل المستشفى حالات مصابة.
يشير إلى أنّ المستشفى يعمل بحسب الإمكانات المتوفرة لتقديم الخدمات الصحية للمواطنين ومن ضمنهم المتضررون من العاصفة. ويوضح أنّ المستشفى يجهز قسماً خاصاً بالعزل للأمراض المعدية التي بدأت بالانتشار في المحافظة، لافتاً إلى ضعف الإمكانات، ما يضع الكادر العامل في حالة تحدٍ كبير: "نعاني من نقص في الأدوية وفي الكادر الصحي، وهناك تواصل مع السلطة المحلية والمنظمات ذات العلاقة من أجل توفير الدعم والمساعدات اللازمة للمستشفى ليستمر تقديم الخدمات الصحية للمواطنين". يتابع أنّ "ارتفاع عدد السكان في المحافظة جراء توافد كثير من النازحين من مختلف المحافظات إلى المهرة، يشكل تحدياً في ظل الإمكانات المحدودة. الضغط علينا كبير وإمكاناتنا متواضعة، كما أنّ السعة السريرية في المستشفى لا تتجاوز مائة سرير في مختلف الأقسام".
يطالب نصيب بتجفيف المياه الراكدة الناجمة عن العاصفة وردم المستنقعات في أسرع وقت ممكن: "هناك ضرورة ملحة لتدخل المنظمات الدولية لمنع تفاقم الوضع الصحي والحد من تفشي الأمراض المعدية، والعمل على إصلاح ما خلفته العاصفة خصوصاً الصرف الصحي لمنع انتشار الكوليرا وغيرها من الأمراض القاتلة".
وكانت الحكومة اليمنية، قد أعلنت عن تخصيص مبلغ ملياري ريال يمني (2.857 مليون دولار أميركي) لمواجهة تداعيات العاصفة "لبان" التي تسببت في انهيار شبه كامل للبنية التحتية في المحافظة وهدم آلاف المنازل، وخروج نحو 90 في المائة من الخدمات العامة عن العمل، وتعطّل مصادر الدخل في قطاعي صيد السمك والزراعة.