"كبكوب"... حياكة الفرح

03 مارس 2014
سهى أبو شقرا بعدسة غسان عيان
+ الخط -

كلّ يوم تفقد سيدات وظائفهن ويتحوّلن إلى "متقاعدات مبكرات"، وكلّ يوم تنضمّ فتيات إلى أسرة "ربّات المنزل" الكبيرة.

لكنّ بعض النساء يصنعن الفرق. يحوّلن فكرة بسيطة إلى مشروع إنساني، يشغلن من خيوط أوقات فراغهن لوحة فنية. سهى أبو شقرا واحدة منهن، ومشروعها المتميّز "كبكوب" مثال مضيء لكلّ مَن يؤمن بتحقيق نفسه بنفسه، خارج سوق العمل التقليدية، وخارج العمل المؤسساتي الرتيب.

شغف الحياكة

نشأت سهى في قرية في جبل لبنان، وسط عائلة تتقن فتياتُها فنون الحياكة و"الكروشيه"، وتحوّل الأمر من كونه ميراثاً عائلياً إلى شغف. إلا أنّ الدراسة والخروج إلى العمل أبعداها عن شغفها لأكثر من 23 سنة. ثم، وسط ضغوط الحياة اليومية، توقّفت لتأخذ نفساً عميقاً، وتفكّر في نفسها التي كادت تضيع منها في زحمة الاهتمام بالعائلة والعمل. استعادت سهى هوايتها لتستعيد جزءاً من إنسانيتها، تقول: "لم أرغب أن تمرّ يومياتي برتابة من دون أي إنجاز يفرحني. في العام 2009 كانت انطلاقة مشروع " كبكوب" في الدوحة، بعد العمل على اختيار الاسم والذي يعني "كرة الخيطان"، واختيار "اللوغو" الذي صمّمه الصديق الفنان أشرف رفعت".

لكن سهى لم تعد إلى أعمال الطفولة التقليدية، بل طوّرت "الكروشيه" المحصور بمفارش الطاولات والوسائد وكلّ ما يتضمّنه جهاز العروس، إلى مضمار أوسع، اختارت أن يكون "دمى الأطفال"، دمى من خيوط الصوف والقطن وغيرها.

لماذا الدمى؟

تجيب سهى: "لأنّ غالبية الدمى والألعاب التجارية سلبت من الطفل روح المبادرة والعفوية والخيال. صارت الدمى تمشي، تتكلّم، تغنّي وترقص. أردتُ صناعة دمية تدفع الطفل للغناء لها ومراقصتها والتحدث معها، لعبة تجعله يقتبس أدواراً ومواقف لا تنتهي. ألعاب "كبكوب" طرية وآمنة ومن دون أزرار أو عيون صناعية...".

100 دمية

بدأت مشاركة مشروع "كبكوب" في معارض للمشغولات اليدوية والمنتجات الحرفية عبر لعبة صغيرة اسمها "كشكوش"، وعن التجربة تقول أبو شقرا: "كانت بمثابة اختبار للأمهات بالدرجة الأولى ومن ثم الأطفال، فدور الأمّ أساسي في اختيار لعبة طفلها... وكرَّت السبحة بعد ذلك، وصرت أعمل على تنويع الشخصيات، من عرائس بمختلف الأحجام وحيوانات وأشكال وديكورات بفضل الخيط والصنارة. وشاركت في الكثير من المعارض في أبو ظبي ودبي والدوحة. وصار في جعبة "كبكوب "الآن أكثر من 100 تصميم، ساعدني في ذلك تفرّغي في المنزل".

أصبح "كبكوب" علامة تجارية مسجّلة في العام 2011، ولديه ما يقارب 5000 متابع على صفحته على الفايسبوك. المشروع كما تصفه صاحبته عائلي غير ربحي: "أنا أحوك، زوجي يصوّر المشغولات ونستشير ولدينا في اختيار أشكال الألعاب وألوانها. المشروع يهدف إلى تشجيع العمل اليدوي الحرفي المفيد، ويرنو إلى رسم ابتسامة على وجه طفل، مستمدّاً قوّته واستمراره من إعجاب المهتمّين، ومن كلمات التقدير للعمل اليدوي الذي يستغرق الكثير من الوقت والدقة والتركيز حتى يتم إنجازه باحتراف".  

تكرّ خيوط أحلام أبو شقرا وأحلام "كبكوب" بامتلاك مشغل خاص وتحويل العمل الفردي في المشروع حالياً إلى عمل فريق في المستقبل، يمكّنها من تنفيذ الكثير من الأفكار، وأملها أن يزداد التقدير للعمل اليدوي، وادراج وزارات التربية ساعات تدريس تقنيات ومهارات الحياكة والتطريز والنسج وغيرها ضمن المناهج التعليمية، والجهات الأخرى المعنية بدعم الأعمال الحرفية والمحافظة على بقائها...

دلالات
المساهمون