في الأعوام الـ10 الأخيرة، كانت شراكة الثلاثي أحمد فهمي وهشام ماجد وشيكو من أهم التجارب في السينما المصرية، بفضل طبيعة نجوميتهم الجماعية وخصوصيتها، ومساحة الابتكار والخيال في كوميديا أفلامهم، وهذا هو الأهم: من الانتقال في الزمن، كما في "سمير وشهير وبهير" (2010) لمعتز التوني، إلى "لعنة" تحوّل إناث إلى ذكور، كما في "بنات العم" (2012) لأحمد سمير فرج، وصولاً إلى "استيقاظ تماثيل" والكوميديا المتّصلة بالثقافة الشعبية، كما في "الحرب العالمية الثالثة" (2014) لأحمد الجندي، وهو الفيلم الذي وصل إلى درجة من النضوج والجودة أدّت به إلى أن يصبح أحد أنجح الأفلام الكوميدية في تاريخ شبّاك التذاكر المصري.
ثم حصل الانفصال المفاجئ والمنطقي في آنٍ واحد بينهم: فلأحمد فهمي طموح شخصي بأن يصبح نجمًا منفردًا، بينما ظلّ هشام ماجد وشيكو على الناحية الأخرى. ذلك الانفصال صاحبه تراجع في مستوى أفلام الثلاثي وألقها: فبالنسبة إلى ماجد وشيكو، كان المستوى والنجاح المتواضعان نصيب فيلمهما السابق "حملة فريزر" (2016) لسامح عبد العزيز، قبل جديدهما "قلب أمه" (2018) لعمرو صلاح، الذي أعاد لهما التوازن قليلاً، فنيًا على الأقلّ. في هذا الفيلم، يعود الثنائي إلى ميزة أفلامهما الأولى: فكرة مبتكرة عن السائد، يتم تناولها في قالب بسيط يميل إلى الأجواء الاجتماعية. النقطة الأخيرة مثلاً افتقدها "حملة فريزر" كلّيًا، إذْ كانت أجواؤه كلّها غريبة وباردة ومفكّكة.
أما في "قلب أمه"، فالأمور أوضح: زعيم عصابة يدعى مجدي تختوخ، يُصاب في إحدى عملياته بسيخ في قلبه، ويتزامن وصوله إلى المستشفى مع وجود أم يونس، السيدة المتسلطة التي تخاف على ابنها الوحيد يونس، وتجعل شخصيته ضعيفة ومتردّدة. وجودها في المستشفى ناتجٌ من إصابتها بأزمة صحية إثر عراك حادّ بينها وبين ابنها. يقرّر الأطباء، بعد تهديدهم من أفراد العصابة، نقل قلب الأم إلى جسد مجدي تختوخ لإنقاذ حياته. تنجح العملية، وتسير الأمور بسلام، باستثناء أمر واحد: تُصبح للمجرم تختوخ مشاعر أمومة جارفة نحو يونس، ما يؤدّي إلى انقلاب حياة كل واحد منهما كلّيًا.
هناك أكثر من ميزة في سيناريو الفيلم الذي كتبه محمد حمدي وأحمد محيي، أهمها تنويع مصادر الضحك، وعدم الاعتماد فقط على المفارقة الأساسية التي يقوم عليها العمل. فالكوميديا لا تأتي من المجرم تختوخ بحنانه الأموميّ المفاجئ نحو يونس، فهي متأتية أيضًا من أمور أخرى منطقية، أبرزها وألطفها غضب أفراد العصابة من تدهور أحوالهم بعد دخول يونس إلى حياتهم، وعدم قدرتهم على قبول تحوّل زعيمهم إلى رجل بقلب أم. هذا التناقض بين الولاء التام وعدم الفهم المطلق شديد الذكاء في منطقه الكوميدي. هناك أيضًا الصراع مع زعيم العصابة الذي أصاب تختوخ، لكن عيبه كامنٌ في أن العنصر الأساسي في هذا الجزء هو الممثل محمد ثروت، الذي يكرّر اللازمات الكوميدية نفسها للعام الـ5 على التوالي تقريبًا. مع هذا، لا يخلو الفيلم من لحظات جيدة، يُضاف إليها الضابط الذي يحاول استغلال الموقف للقبض على تختوخ، وعلاقة يونس بخطيبته وتأثير رجل العصابة عليها، وكتابة يونس أفلام رعب رديئة، وضغط العصابة على نجوم ـ يظهرون ضيوف شرف بشخصياتهم الحقيقية ـ لتنفيذها، وتفاصيل وشخصيات وقصص فرعية عديدة، تمنح الكوميديا ثراءً بالغًا في خطوطه المتناغمة في سيناريو ذكي. من مميزات الفيلم أيضًا أن هشام ماجد لم يعارض أن يكون شيكو البطل الأساسي الذي تتفرّع لديه الخيوط والكوميديا، وأن يكتفي غالبًا بكونه الفعل الممهّد لـ"الإيفيه" الذي ينتهي عند شريكه، من دون أن يزاحمه برغبة في الظهور أكثر، أو بالبحث عن مساحة مساوية بينهما في الأداء.
اقــرأ أيضاً
في المقابل، استغلّ شيكو الفرصة ليظهر في أفضل شكل ممكن، بشخصية متناقضة ومكتوبة بإحكام. كذلك يُحسب لـ"قلب أمه" جودة إيقاعه وخفّته، مستفيدًا غالبًا من كون مخرجه عمرو صلاح، في أول أعماله الإخراجية، قادم من خلفية عمله كمونتير، مُقدِّمًا عملاً مشوّقًا وحكاية جاذبة لمتابعتها حتى النهاية. لذلك، حتى لو خذل شباك التذاكر الفيلم (حقّق لغاية الآن 8 ملايين و700 ألف جنيه مصري، أي أكثر من نصف عائدات "ليلة هنا وسرور" لحسين المنباوي بقليل، وأعلى من ربع إيرادات "حرب كرموز" لبيتر ميمي بقليل أيضًا)، فإن مستواه الفني يجعله خطوة جيدة إلى الأمام بالنسبة إلى الثنائي الذي فقد ضلعه الـ3.
ثم حصل الانفصال المفاجئ والمنطقي في آنٍ واحد بينهم: فلأحمد فهمي طموح شخصي بأن يصبح نجمًا منفردًا، بينما ظلّ هشام ماجد وشيكو على الناحية الأخرى. ذلك الانفصال صاحبه تراجع في مستوى أفلام الثلاثي وألقها: فبالنسبة إلى ماجد وشيكو، كان المستوى والنجاح المتواضعان نصيب فيلمهما السابق "حملة فريزر" (2016) لسامح عبد العزيز، قبل جديدهما "قلب أمه" (2018) لعمرو صلاح، الذي أعاد لهما التوازن قليلاً، فنيًا على الأقلّ. في هذا الفيلم، يعود الثنائي إلى ميزة أفلامهما الأولى: فكرة مبتكرة عن السائد، يتم تناولها في قالب بسيط يميل إلى الأجواء الاجتماعية. النقطة الأخيرة مثلاً افتقدها "حملة فريزر" كلّيًا، إذْ كانت أجواؤه كلّها غريبة وباردة ومفكّكة.
أما في "قلب أمه"، فالأمور أوضح: زعيم عصابة يدعى مجدي تختوخ، يُصاب في إحدى عملياته بسيخ في قلبه، ويتزامن وصوله إلى المستشفى مع وجود أم يونس، السيدة المتسلطة التي تخاف على ابنها الوحيد يونس، وتجعل شخصيته ضعيفة ومتردّدة. وجودها في المستشفى ناتجٌ من إصابتها بأزمة صحية إثر عراك حادّ بينها وبين ابنها. يقرّر الأطباء، بعد تهديدهم من أفراد العصابة، نقل قلب الأم إلى جسد مجدي تختوخ لإنقاذ حياته. تنجح العملية، وتسير الأمور بسلام، باستثناء أمر واحد: تُصبح للمجرم تختوخ مشاعر أمومة جارفة نحو يونس، ما يؤدّي إلى انقلاب حياة كل واحد منهما كلّيًا.
هناك أكثر من ميزة في سيناريو الفيلم الذي كتبه محمد حمدي وأحمد محيي، أهمها تنويع مصادر الضحك، وعدم الاعتماد فقط على المفارقة الأساسية التي يقوم عليها العمل. فالكوميديا لا تأتي من المجرم تختوخ بحنانه الأموميّ المفاجئ نحو يونس، فهي متأتية أيضًا من أمور أخرى منطقية، أبرزها وألطفها غضب أفراد العصابة من تدهور أحوالهم بعد دخول يونس إلى حياتهم، وعدم قدرتهم على قبول تحوّل زعيمهم إلى رجل بقلب أم. هذا التناقض بين الولاء التام وعدم الفهم المطلق شديد الذكاء في منطقه الكوميدي. هناك أيضًا الصراع مع زعيم العصابة الذي أصاب تختوخ، لكن عيبه كامنٌ في أن العنصر الأساسي في هذا الجزء هو الممثل محمد ثروت، الذي يكرّر اللازمات الكوميدية نفسها للعام الـ5 على التوالي تقريبًا. مع هذا، لا يخلو الفيلم من لحظات جيدة، يُضاف إليها الضابط الذي يحاول استغلال الموقف للقبض على تختوخ، وعلاقة يونس بخطيبته وتأثير رجل العصابة عليها، وكتابة يونس أفلام رعب رديئة، وضغط العصابة على نجوم ـ يظهرون ضيوف شرف بشخصياتهم الحقيقية ـ لتنفيذها، وتفاصيل وشخصيات وقصص فرعية عديدة، تمنح الكوميديا ثراءً بالغًا في خطوطه المتناغمة في سيناريو ذكي. من مميزات الفيلم أيضًا أن هشام ماجد لم يعارض أن يكون شيكو البطل الأساسي الذي تتفرّع لديه الخيوط والكوميديا، وأن يكتفي غالبًا بكونه الفعل الممهّد لـ"الإيفيه" الذي ينتهي عند شريكه، من دون أن يزاحمه برغبة في الظهور أكثر، أو بالبحث عن مساحة مساوية بينهما في الأداء.
في المقابل، استغلّ شيكو الفرصة ليظهر في أفضل شكل ممكن، بشخصية متناقضة ومكتوبة بإحكام. كذلك يُحسب لـ"قلب أمه" جودة إيقاعه وخفّته، مستفيدًا غالبًا من كون مخرجه عمرو صلاح، في أول أعماله الإخراجية، قادم من خلفية عمله كمونتير، مُقدِّمًا عملاً مشوّقًا وحكاية جاذبة لمتابعتها حتى النهاية. لذلك، حتى لو خذل شباك التذاكر الفيلم (حقّق لغاية الآن 8 ملايين و700 ألف جنيه مصري، أي أكثر من نصف عائدات "ليلة هنا وسرور" لحسين المنباوي بقليل، وأعلى من ربع إيرادات "حرب كرموز" لبيتر ميمي بقليل أيضًا)، فإن مستواه الفني يجعله خطوة جيدة إلى الأمام بالنسبة إلى الثنائي الذي فقد ضلعه الـ3.