توقع "بنك قطر الوطني" في تحليله الأسبوعي أن تنخفض نسبة نمو الاقتصاد الصيني إلى 6.4% بعدما كانت 6.9% في 2017، موضحاً أن التباطؤ في زخم النمو في الاقتصاد الصيني قد بدأ فعلياً.
وبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ذروته في الربع الأول من عام 2017 ثم تراجع تدريجياً في كل فصل على مدار العام، وحدث الارتفاع في النمو بسبب ضخامة صافي الصادرات على خلفية التحسن في الاقتصاد العالمي، ولكن قوبل ذلك الارتفاع في الصادرات جزئياً بضعف في الطلب المحلي، وخاصة الاستثمار في الأصول الثابتة.
وأشار البنك في تحليله الصادر اليوم السبت، إلى أن التراجع في الطلب المحلي كان مدفوعاً بالزيادة في الحد الأدنى المطلوب لنسبة تغطية القرض لقيمة العقار، ما أدى إلى تقليص الطلب على العقارات، كما أن القيود المفروضة بسبب التلوث أثرت على النشاط الصناعي، إلى جانب تراجع نمو الائتمان في ظل نقص السيولة على المستوى المحلي وارتفاع أسعار الفائدة.
ولفت إلى أن مقياسه الخاص لنشاط الاقتصاد الصيني، وهو مؤشر مكون من ثمانية عشر قياساً مختلفاً للاقتصاد الكلي والمالية، يؤكد تحليلاً مشابهاً، إذ ارتفع النشاط الاقتصادي الصيني في النصف الأول من عام 2017، لكن تراجع في النصف الثاني مع انخفاض أسعار العقارات والإنتاج الصناعي. ويشير المقياس الخاص بالبنك إلى تسارع كبير مع بداية العام وتراجع في الأشهر الأخيرة من 2017 بأقوى مما تشير إليه الأرقام الرسمية.
وتوقع البنك أن يستمر الاتجاه النزولي في 2018 وذلك لثلاثة أسباب رئيسة، أولها استمرار تأثير القيود المفروضة على سوق العقارات والانبعاثات من أكبر المصانع الملوثة للبيئة، والتي تم فرضها لأول مرة في أواخر عام 2016، في كبح سوق السكن والقاعدة الصناعية.
وعادة يستمر التراجع في هذه القطاعات لفترة طويلة، وربما يستغرق حدوث تعافي دوري أكثر من عام، إذ استمر آخر تراجع في سوق العقارات الصينية لمدة عامين من 2010 إلى 2012 وظل القطاع الصناعي نفسه في حالة تراجع منذ الأزمة المالية العالمية.
وتمثل ثاني الأسباب في إشارة السلطات الصينية إلى أنها ستستمر في ضبط نمو الائتمان في عام 2018، ما من شأنه أن يبطئ الاستثمار الكلي في الاقتصاد، وقد تم فرض مجموعة من التدابير الجديدة في الأشهر الأخيرة بما في ذلك القيود المفروضة على الإقراض لأغراض الاستثمار في العقارات وأسواق الأسهم، إلى جانب القروض الممنوحة للحكومات المحلية.
كما ظل إصدار السندات من قبل الحكومات المحلية محدوداً، وعلاوة على ذلك، قامت السلطات بإنشاء هيئة تنظيمية عليا لتنفيذ اللوائح ومتابعة مدى الالتزام بها، من خلال دمج الهيئة التنظيمية الخاصة بالأعمال المصرفية مع تلك المعنية بتنظيم أنشطة التأمين وزيادة صلاحيات الهيئة الجديدة.
واعتبر التقرير أن السبب الثالث هو وجود حالة من عدم اليقين بشأن مدى قوة الطلب الخارجي على الصادرات في العام الحالي، إذ تجري الإدارة الأميركية حالياً تحقيقاً في الآثار المترتبة على تجارتها مع الصين جراء انتهاكات حقوق الملكية الفكرية، وألمحت إلى أنها تود أن ترى انخفاضا بواقع 100 مليار دولار في العجز التجاري مع الصين والذي يبلغ 375 مليار دولار.
وحتى في حال عدم فرض أي حواجز تجارية رسمية، من المرجح أن يشعر المصدرون الصينيون بالقلق من ازدياد الطاقة الإنتاجية، وذلك وحده كفيل بتخفيض الاستثمار.
ولفت البنك إلى أنه في حين ستؤدي هذه العوامل إلى تثبيط معدلات النمو، إلا أن النمو القوي في الاستهلاك سيعوض عنها جزيئاً، إذ تعهدت الحكومة الصينية بزيادة الإنفاق على المعاشات والرعاية الصحية والتعليم في إطار رؤيتها بعيدة المدى التي تهدف إلى إعادة التوازن إلى الاقتصاد من خلال جعله يعتمد على الاستهلاك بدلا من الاستثمار والتصدير.
وفي السياق، أبدت المديرة العامة لـ"صندوق النقد الدولي" كريستين لاغارد، الخميس الماضي، تفاؤلاً حيال الاقتصاد الصيني، مؤكدة أن لا داعي للقلق بشأن النمو الذي حددته بكين بـ6.5% للعام 2018.
وأضافت: "كان لدى الصين نمو سريع جداً خلال سنوات عديدة، وقد حققت إنجازات رائعة حقاً من خلال إخراج مئات ملايين الأشخاص من الفقر في عقدين، لقد أدى ذلك الى تطور لم يكن متوقعاً قبل سنوات قليلة.
وأشارت إلى أن الصين تنتقل من اقتصاد كان مغلقاً تماماً، الى اقتصاد مفتوح كلياً".
وتسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى فرض رسوم جمركية على واردات من الصين بقيمة 60 مليار دولار وستستهدف قطاعي التكنولوجيا والاتصالات، وذلك حسبما قال مصدر ناقش المسألة مع البيت الأبيض. كما أنها فرضت رسوماً جمركية على واردات الصلب والألمنيوم في قرار يستهدف بشكل مباشر الاتحاد الأوروبي والصين.
وهددت الصين باتخاذ إجراءات ضد فرض الولايات المتحدة رسوماً على واردات منتجات الألمنيوم المستوردة من الصين، مشيرة إلى أنها تتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية، وتلحق ضرراً شديداً بمصالح الشركات الصينية.
(العربي الجديد، قنا، رويترز)