مع تقييد حركة الأفراد الذي فرضته جملة إجراءات اتبعتها معظم بلدان العالم بعد تفشّي فيروس "كوفيد – 19"، بات تأمّل الحيّز الذي يعيشه الإنسان والمساحة التي يتحرّك خلالها في مثل هذه الظروف، والمسافة التي تفصله عن الأخرين، فضاء أساسياً لتأمّل الفنانين في العديد من الأعمال التي تُعرض مؤخراً.
"في العزل" معرض رقمي انطلق في "معهد غوته" بـ الإسكندرية في التاسع من تموز/ يوليو الماضي من خلال تخصيص منصة إلكترونية لنشر الإنتاجات التي أنجزها فنانون وباحثون خلال فترة العزلة الذاتية حول موضوع الحجر الصحي، وتنشر الأعمال كاملة على صفحة المشروع على موقع المعهد.
يشارك في المعرض خمسة عشر فناناً، منهم إسراء الفقي، وبلال محمد علي، وحسن غنيم، وسارة يونس، ومصطفى البارودي، ودعاء درويش، ومينا يسري، وشادي عماد جرجس، ومصطفى أنسي، وكاستل لانكو.
يشارك في المعرض خمسة عشر فناناً تنشر أعمالهم عبر منصة إلكترونية
كما سيتم إجراء سلسلة من النقاشات مع المشاركين، للتعرف على تجاربهم والرد على أسئلة الجمهور حول الأعمال المُقدمة، حيث يناقش مساء اليوم كلّ من هبة كمال حول مشروعها "جرعة مكثفة من الذات"، وسارة حمدي حول مشروعها "الحديقة التخيلية"، وأحمد عبد الحميد حول مشروعه "منبه ومرآه وجثة رجل عجوز"، ويدير الحوار علي العدوي.
تكتب الباحثة والكاتبة هبة كمال، وفق بيان المعهد، عن التحديات التي تواجهها بسبب عدم استطاعتها زيارة طبيبها النفسي نتيجة العزل، حيث تدوّن "في عزلتي أجد نفسي مجبرة على مواجهة مشاعري والتعامل معها وحدي وبدون مساعدة من طبيبي. كيف يدفعنا العزل إلى الجلوس مع أنفسنا؟ لماذا نخاف هذه الخلوة وما قد تجبرنا عليه من مواجهات مع أنفسنا؟ هذا ما أتحدث عنه هنا".
أما الفنانة البصرية سارة حمدي فتنجز عملاً صوتياً (بودكاست) قائماً على إنشاء حديقة صوتية من قصص أشخاص مختلفين، مدعوين للكلام عن نباتاتهم و طرق إهتمامهم/ علاجهم لها، ويتطرق العمل لمواضيع عن العزلة والتواصل الخفي من خلال النبات نفسه كمحفز علاجي وكائن ذاتي منعزل بنفسه.
يستند العمل إلى "بحث عن تفكيك سلطة العزل المرتبط تاريخياً ومكانياً بالجنون من خلال تشريح عمارة مستشفيات الصحة العقلية، والبحث عن مساحات وطرق للإستشفاء النفسي التشاركي/ الذاتي، كأداء فني يعبر عن التضامن ويتشكل للتغلب على العزلة العقلية في مساحات افتراضية بالتفاعل/ التواصل بطرق كثيرة بين التكيف والمقاومة"، بحسب بيان المنظّمين.
يكتب منظّم المعارض أحمد عبد الحميد مقالاً يتنقل خلاله بين الواقع الحالي، والذكريات، والأفلام، للنبش عن أفكار تحاول تعريف الجسد، أحياناً من خلال الذاكرة وما تأتي به، وأحياناً أخرى من خلال النقيض: الجسد الميت أو الجثة، كما "تستحضر تلك الأفكار أيضًا مشاهد سينمائية بعينها أثّرت على مسارات تفكير الكاتب حول أسئلة وجدها تدور في رأسه في الغرف المغلقة علينا في الوقت الحالي"، وفق ما يعرّف به كتابته.