تحظى التظاهرات التي تُعنى بالثقافة الأمازيغية، في الآونة الأخيرة، بجهد بحثي نظري عبر تقديم أوراق علمية خلالها من أجل تأصيل التراث اللامادي في المغرب، وخاصة تلك الفنون المنتشرة في جبال الأطلس حيث جرى الحفاظ عليها خلال ما يقرب من عشرة قرون مضت.
مدن عديدة تحتفي بها، ومنها "المهرجان الوطني لفن أحيدوس" الذي تنطلق فعاليات دورته السابعة عشرة عند السابعة من مساء بعد غدٍ الجمعة في بلدة عين اللوح قرب مدينة إفران وتتواصل لثلاثة أيام، بمشاركة 45 فرقة جرى اختيارها عبر مسابقة وطنية أقيمت في مايو/ أيار الماضي في مكناس.
ترتبط نشأة أحيدوس بالشعر الأمازيغي أساساً، الذي تتنوّع أشكاله في تعبيرات متعدّدة، وهو يجمع بين الرقص والغناء والارتجال في النظم، تعبيراً عن روح الجماعة وتضامنها في الحرب والسلم، في مواسم عددية مثل الزراعة والحصاد وتربية الماشية ضمن إيقاعات مدروسة محدّدة جرى التوافق عليها مع مرور الزمن.
يتحلّق الراقصون، نساءً ورجالاً، على شكل نصف دائرة أو حلقة متصلة، باختلاف الطقوس التي تؤدّى خلالها كالأعراس والختان، ويتقاسم المشاركون الأدوار في ما بينهم؛ الشعراء الذين يصطفون أزواجاً يتساجلون شعراً، وقائد المجموعة "امحرب"، الذي يضبط بالإيقاع وينظّم حركة كلّ أعضائها، ويمسك البقية بالدفوف ينقرون عليها ويردّدون الأبيات الشعرية.
لعب أحيدوس عدّة وظائف اجتماعية بين الأمازيغ، إذ يعدّ أحد أبرز فنونهم التي تمثّل المساواة بين الطبقات والفئات المختلفة، إضافة إلى دورها في تشكيل الهوية الجمعية التي استطاعت عبر تماسكها أن تثبّت تراثها وثقافتها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الفنون انتقلت إلى الفضاء العام في القرن الماضي وأصبحت تقّدم في حفلات ويصدر أصحابها ألبوماتهم الخاصة.
في الدورة الحالية، يُكرّم المهرجان عدداً من الفنانين، هم: فاطمة أمارش، وحسن بويقيفي، وحسن الشرقي، وامبارك أوسديد. كما تُعقد ندوتان؛ الأولى بعنوان "تنوّع الرقص الجماعي لفن أحيدوس بين التلاقح والتقاطع"، تتحدّث خلالها الباحثة فاطمة بوخريص والأكاديمي مولاي هاشم الجرموني، والكاتب عبد المالم حمزاوي، والثانية بعنوان "تثمين التراث الثقافي اللامادي؛ نحو ترتيب فن احيدوس تراثاً إنسانيا لا مادياً"، ويشارك فيها الباحثين أحمد أسكوتني، ومصطفى النامي، وإبراهيم مزند.
من الفرق المشاركة، "ايمات أيت امحمد أولحسن"، و"عبد السلام الغازي"، و"أناروز الثقافة والتنمية"، و"أمساسا صفرو"، و"الأطلس المتوسط"، و"إخف واسيف"، و"أسكلو نايت".