كان النداء هو الذي يجمع أهل القرى والجبال، فينطلقون في حوار شعري مرتجل بينهم يذهبون نحو الغناء الجماعي، رجالاً ونساءً، في حلقة رقصٍ يبثون خلالها همومهم وأشجانهم، ليستوعب هذا الشكل البدئي على امتداد الزمن تعبيرات متنوّعة أساسها التحرّر بالجسد والكلمة واللحن، فسمح بظهور الشيخات "مغنيات العيطة"، ونقد الظلم الاجتماعي والسياسي حيث يذكر المؤرّخون دوره في مقاومة المستعمر.
تقام العديد من المهرجانات المتخصّصة في هذا الفن في مختلف المناطق المغربية، والتي ورثت تسعة أنماطٍ منه و52 إيقاعاً، ومنها "المهرجان الوطني لفنون العيطة الجبلية" الذي تنطلق دورته السابعة حالياً في مدينة تاونات (شمال مدينة فاس) وتختتم يوم غدٍ السبت.
تهدف التظاهرة التي تنظّمها وزارة الثقافة بالتعاون "عمالة إقليم تاونات" و"مجلس جهة فاس – مكناس" والمجلس الإقليمي والجماعة الحضرية في المدينة إلى "الحفاظ على هذا الموروث وصيانته من الضياع، وخلق دينامية اقتصادية في الإقليم"، بحسب بيان المنظّمين.
تشارك في الدورة الحالية "السمفونية الوطنية للعيطة الجبلية"، و"مجموعة أولاد البوعزاوي"، و"أوركسترا سعيد الصنهاجي"، و"مجموعة حنان الزرهوني للفولكلور"، و"فرقة نجوم الشمال"، و"فرقة سلطان"، والفنانة خديجة أطلس، إلى جانب عرض يمزج بين العيطة والرقص الأفريقي بمشاركة فرق من غانا والسنغال والغابون ومالي.
كما تُقام "خيمة الشعر في العيطة الجبلية" التي يشارك فيها عشرة شعراء ينتمون إلى مختلف المناطق الجبلية في المغرب يتناوبون على القراءات الشعرية يومياً، وإلى جوارها "خيمة فضاء الحكاية الجبلية" التي ستقدّم نماذج من فن الحكي الجبلي.