يترافق عيد الأضحى في ليبيا هذا العام مع غلاء فاحش في أسعار الأضاحي وغيرها من أساسيات العيد، وهو ما أثّر على عادات المواطنين. ويقول ليبيون إن الأضحية تضاعف سعرها أربع مرات هذا العام، بالمقارنة مع العام الماضي، ما دفع كثيرين إلى شراء الأضاحي المستوردة التي تباع بأسعار أقل.
الرسائل النصيّة التي اعتاد الليبيّون تبادلها قبل أيام من العيد، للتهنئة، تحوّلت إلى تعبير عن الاستياء، في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها، والتي أجبرت كثيرين على الامتناع عن شراء الأضاحي. يقول الحاج سلامة بالسنون، وهو رب أسرة مكونة من سبعة أفراد، إنه لا يمكنه التفكير في شراء أضحية، حتى لو كانت الأسعار مقبولة. يضيف: "اكتفيت بشراء بعض الملابس البسيطة حتى يفرح أبنائي".
أما زينب الساهي، وهي أم لخمسة أطفال، فتقول: "اشتريت أضحية مستوردة، علّ أطفالي يفرحون بعض الشيء"، لافتة إلى أنها تخلّت عن شراء مستلزمات العيد الأخرى، ومنها الملابس. ووصلت أسعار الأضاحي لهذا العام إلى 1800 دينار ليبي، علماً أنها لم تكن تتجاوز 400 دينار العام الماضي. ويعزو سلطان، أحد تجار الأغنام في طرابلس، ارتفاع أسعارها إلى عمليات التهريب. يضيف أن "هبوط قيمة الدينار الليبي شجع مهربي الأغنام إلى دول مجاورة على الاستفادة من فرق العملة"، مؤكداً أن المهربين سحبوا كميات كبيرة من الأغنام، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها.
وعلى طول الطريق الساحلي لتاجوراء، ضاحية طرابلس الشرقية، توجد أسواق للأغنام. وأعلن بعضها عن بيع الأضاحي بالصكوك المصدقة من المصارف. يوضح الحاج سلامة أن لجوء الناس إلى اعتماد هذا الحل لن يكون كبيراً "لأن البيع بالصك المصدق يعني مضاعفة الأسعار أكثر من الدفع النقدي".
ويؤكد سلطان أن "الأغنام المستوردة، التي تباع بأسعار خيالية، وصلت إلى البلاد من خلال اعتمادات مصرفية منحها المصرف المركزي للتجار للحد من ارتفاع الأسعار، لكنهم باعوها للتجار الصغار الذين يسعون إلى استغلال الوضع الحالي". ويلفت إلى بروز ظاهرة جديدة في المجتمع الليبي، وهي اشتراك ثلاث أو أربع عائلات لشراء أضحية واحدة، موضحاً أن هذا مؤشر واضح على مدى عجز الأسر عن تأمين أسعار الأضحية.
إضافة إلى الأضاحي، تعدّ الملابس الجديدة من مظاهر الفرح بهذا العيد، ويكثر الإقبال على شراء "البدلة العربية" لما لها من مكانة تراثية، لكن بات الأمر أكثر صعوبة في ظل غلاء الأسعار.
اقــرأ أيضاً
يقول فايز العكش، صاحب محال بيع بدل عربية، إن "الإقبال على شراء البدل العربية تراجع بشكل كبير هذا العام"، عازياً سبب ارتفاع أسعارها إلى هبوط قيمة الدينار الليبي. من جهتها، تؤكد زينت أن "التوجه إلى محال البدل العربية بات مستحيلاً بالنسبة إليها وعائلات كثيرة بسبب ارتفاع الأسعار". تضيف: "أقنعت أطفالي بأن أشتري لهم الملابس مع بدء العام الدراسي الذي ينطلق قريباً". تلفت إلى أن العائلات تسعى إلى تجاوز الأزمات في البلاد. مع ذلك، تصف ما يحدث بـ "الفرحة الصامتة"، في ظل كثرة أعداد أولئك الذين هُجّروا من مناطقهم بسبب الحرب، إلى قرى وضواحي طرابلس. وما زال البعض عاجزاً عن تجاوز المآسي التي ألمت به، منها خسارة أفراد من عائلته من جرّاء القتال، أو أسر آخرين لدى المجموعات المسلحة.
في عين زارة شرق طرابلس، تقيم أربع أسر من أوباري جنوب البلاد، التي شهدت معارك قبلية طاحنة في الآونة الأخيرة. يقول جبور إنّه رغم عدم التقارب بين القبائل أو العائلات، إلا أنّ خروجهم من مناطقهم جعلهم يقيمون جنباً إلى جنب مع بعضهم بعضاً. ويسأل: "كيف لنا أن نفرح ونحن مهجرون نتبادل الأدوار أمام المصارف للحصول على بضعة دينارات لتأمين احتياجات أسرنا؟ لم يعد هناك فرح في العيد، ولدينا هموم أخرى تتعلق بمصير أقاربنا الذين لم نرهم منذ نحو عام". يضيف أن الكثير من العائلات فقدت الرابط والاتصال بسبب التهجير وبعد المسافات بين المناطق التي يقيمون فيها.
وهناك مشكلة أُخرى تتمثل في توقف الجمعيات الخيرية عن تقديم المساعدات هذا العام، وقد توقفت بغالبيتها عن منح الأضاحي للعائلات الفقيرة، كما هو الحال في السنوات الماضية، بسبب نقص السيولة.
وعن ذلك يقول رئيس جمعية السيدة عائشة، فرج عمر: "صحيح أن هناك بعض المال في حساب الجميعة، إلّا أن سحبها واستعمالها بات مستحيلاً الآن بسبب شح السيولة"، مشيراً إلى أن بعض الجمعيات اضطرت إلى الإغلاق بسبب عجزها عن دفع بدل إيجار مقارها، أو نقلها إلى أماكن بعيدة تمتاز برخص الإيجارات، ما جعل التواصل بينها وبين العائلات الفقيرة صعباً.
يضيف أن "التبرعات العينية تراجعت كثيراً. العام الماضي، وصلنا أكثر من 500 أضحية. أما هذا العام، فلم نحصل إلا على 17 أضحية فقط، علماً أن أكثر من 120 أسرة مسجلة لدى الجمعية للحصول على الأضاحي". بالتالي، لن يفرح كثيرون بالعيد هذا العام.
اقــرأ أيضاً
الرسائل النصيّة التي اعتاد الليبيّون تبادلها قبل أيام من العيد، للتهنئة، تحوّلت إلى تعبير عن الاستياء، في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها، والتي أجبرت كثيرين على الامتناع عن شراء الأضاحي. يقول الحاج سلامة بالسنون، وهو رب أسرة مكونة من سبعة أفراد، إنه لا يمكنه التفكير في شراء أضحية، حتى لو كانت الأسعار مقبولة. يضيف: "اكتفيت بشراء بعض الملابس البسيطة حتى يفرح أبنائي".
أما زينب الساهي، وهي أم لخمسة أطفال، فتقول: "اشتريت أضحية مستوردة، علّ أطفالي يفرحون بعض الشيء"، لافتة إلى أنها تخلّت عن شراء مستلزمات العيد الأخرى، ومنها الملابس. ووصلت أسعار الأضاحي لهذا العام إلى 1800 دينار ليبي، علماً أنها لم تكن تتجاوز 400 دينار العام الماضي. ويعزو سلطان، أحد تجار الأغنام في طرابلس، ارتفاع أسعارها إلى عمليات التهريب. يضيف أن "هبوط قيمة الدينار الليبي شجع مهربي الأغنام إلى دول مجاورة على الاستفادة من فرق العملة"، مؤكداً أن المهربين سحبوا كميات كبيرة من الأغنام، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها.
وعلى طول الطريق الساحلي لتاجوراء، ضاحية طرابلس الشرقية، توجد أسواق للأغنام. وأعلن بعضها عن بيع الأضاحي بالصكوك المصدقة من المصارف. يوضح الحاج سلامة أن لجوء الناس إلى اعتماد هذا الحل لن يكون كبيراً "لأن البيع بالصك المصدق يعني مضاعفة الأسعار أكثر من الدفع النقدي".
ويؤكد سلطان أن "الأغنام المستوردة، التي تباع بأسعار خيالية، وصلت إلى البلاد من خلال اعتمادات مصرفية منحها المصرف المركزي للتجار للحد من ارتفاع الأسعار، لكنهم باعوها للتجار الصغار الذين يسعون إلى استغلال الوضع الحالي". ويلفت إلى بروز ظاهرة جديدة في المجتمع الليبي، وهي اشتراك ثلاث أو أربع عائلات لشراء أضحية واحدة، موضحاً أن هذا مؤشر واضح على مدى عجز الأسر عن تأمين أسعار الأضحية.
إضافة إلى الأضاحي، تعدّ الملابس الجديدة من مظاهر الفرح بهذا العيد، ويكثر الإقبال على شراء "البدلة العربية" لما لها من مكانة تراثية، لكن بات الأمر أكثر صعوبة في ظل غلاء الأسعار.
في عين زارة شرق طرابلس، تقيم أربع أسر من أوباري جنوب البلاد، التي شهدت معارك قبلية طاحنة في الآونة الأخيرة. يقول جبور إنّه رغم عدم التقارب بين القبائل أو العائلات، إلا أنّ خروجهم من مناطقهم جعلهم يقيمون جنباً إلى جنب مع بعضهم بعضاً. ويسأل: "كيف لنا أن نفرح ونحن مهجرون نتبادل الأدوار أمام المصارف للحصول على بضعة دينارات لتأمين احتياجات أسرنا؟ لم يعد هناك فرح في العيد، ولدينا هموم أخرى تتعلق بمصير أقاربنا الذين لم نرهم منذ نحو عام". يضيف أن الكثير من العائلات فقدت الرابط والاتصال بسبب التهجير وبعد المسافات بين المناطق التي يقيمون فيها.
وهناك مشكلة أُخرى تتمثل في توقف الجمعيات الخيرية عن تقديم المساعدات هذا العام، وقد توقفت بغالبيتها عن منح الأضاحي للعائلات الفقيرة، كما هو الحال في السنوات الماضية، بسبب نقص السيولة.
وعن ذلك يقول رئيس جمعية السيدة عائشة، فرج عمر: "صحيح أن هناك بعض المال في حساب الجميعة، إلّا أن سحبها واستعمالها بات مستحيلاً الآن بسبب شح السيولة"، مشيراً إلى أن بعض الجمعيات اضطرت إلى الإغلاق بسبب عجزها عن دفع بدل إيجار مقارها، أو نقلها إلى أماكن بعيدة تمتاز برخص الإيجارات، ما جعل التواصل بينها وبين العائلات الفقيرة صعباً.
يضيف أن "التبرعات العينية تراجعت كثيراً. العام الماضي، وصلنا أكثر من 500 أضحية. أما هذا العام، فلم نحصل إلا على 17 أضحية فقط، علماً أن أكثر من 120 أسرة مسجلة لدى الجمعية للحصول على الأضاحي". بالتالي، لن يفرح كثيرون بالعيد هذا العام.