"عين الحنية" الفلسطينية محرمة على الفلسطينيين

24 ديسمبر 2016
فلسطينيون يمرون فوق طريق مدمر إلى الولجة(موسى الشاعر/فرانس برس)
+ الخط -


يريد الاحتلال الإسرائيلي، بقوة السلاح، أن يجعل الأراضي التي يعتبرها الفلسطينيون جنة لهم حراماً عليهم، إذ يطمع للسيطرة على أراضيهم ذات الطبيعة الخلابة، أو الأماكن ذات الأهمية الدينية والتاريخية. وتتمتع عين الحنية، الواقعة في قرية الولجة غربي مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، بمكانة دينية عند المسيحيين، إذ يعتقد أنها تتبع لأراضي الدير الأرمني، وتاريخية لدى الفلسطينيين، كونها شاهداً على نكبة أهالي القرية في عام 1948، وزيارتها تذكرهم بما قبل الاحتلال. أما الاحتلال الإسرائيلي فإنه يريد أن يسرق العين والأراضي المجاورة لها، ويحرم جميع الفلسطينيين من زيارتها، في الوقت الذي يريد أن يحولها إلى حديقة ذات طابع ديني ومتنزه للمستوطنين. وآخر قرارات الاحتلال ما نشرته صحيفة "هآرتس" عن نية الجيش الإسرائيلي نقل حاجز عسكري كان يقيمه خلف الولجة، على مقربة من قرية المالحة المجاورة، إلى المدخل الرئيسي للقرية، ليحرم بذلك كل فلسطيني كان يغامر للوصول إلى العين، والتي يعتبرها الاحتلال ملكاً له، من زيارتها والتمتع بها.

ويقول رئيس المجلس القروي في الولجة، خضر الأعرج، لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة عين الحنية ممنوعة منذ ستة أشهر، وذلك عندما وضعت سلطة الآثار الإسرائيلية سياجاً شائكاً حول العين في مهمة البحث عن الآثار القديمة في محاولة لتزييفها وتزويرها". ويصل بعض أهالي القرية متحدين إجراءات الاحتلال، إضافة إلى بعض الرهبان الذين يقيمون صلوات، إلى العين التي تعتبر ذات مكانة دينية عند المسيحيين، لكن شرطة الاحتلال عادة ما تحضر إلى المكان وتطرد أصحاب الأرض الأصليين وتهددهم. ويوضح الأعرج أن الحاجز العسكري كان على الطريق الالتفافي الذي تم شقه على أراضي أهالي القرية، لكنه كان خلف العين، واليوم سيتم نقله إلى المدخل الرئيسي للقرية، ما سيحرم الجميع من الوصول إلى العين، المهددة بخطر مشروع الحديقة القومية، إضافة إلى أن الحاجز سيصعب الحياة على أهالي القرية والزوار.

وتعتبر العين من أكثر الينابيع وفرة للمياه، وتقع على خط الهدنة الذي رسمته الأمم المتحدة في عام 1948، أو ما يسميه الاحتلال المنطقة الحرام. وكان أهالي القرية يستخدمون العين لري المزروعات وسقي المواشي، إضافة إلى أنها ما زالت حتى اليوم متنزها ومتنفساً وحيداً لأهالي القرية وبعض الزوار لما تتمتع به من طبيعة خلابة. ويدعو أحمد برغوث، أحد المهتمين بعين الحنية والمتابعين لانتهاكات الاحتلال فيها، شبان القرية إلى زيارة العين، بالرغم من الخطورة الحالية التي تحيط بهم أثناء محاولتهم الوصول إليها، وذلك بهدف إثبات وجودهم هناك. ويقول "الأمر بات صعباً، لأن جنود الاحتلال الإسرائيلي وقوات الشرطة تواظب على التواجد في المكان"، مضيفاً "نستغل كل لحظة للوصول إلى المكان، لكنهم اليوم يعملون على قدم وساق من أجل مشروع حديقتهم القومية".

ثمة تغيير في المكان وفق ما يشاهده كل من يستطيع الوصول إلى المكان، إذ تم قطع الماء عن العين الكبيرة، والمياه لم تعد تصل إلى الشلال الخاص بالعين، ما يثير حالة من القلق عند أهالي الولجة، إذ بدأت تتغير معالم تاريخهم. يصل برغوث إلى منطقة العين بشكل شبه يومي، كونه ينتقل إلى عمله داخل مدينة القدس من هناك، وبمجرد وصوله تهرع إليه قوات الشرطة وتعمد إلى تفتيشه والتدقيق في هويته وتحاول طرده وإبعاده عن المكان. ويشهد برغوث على التغييرات التي يحدثها الاحتلال في العين ومحاولة طمس هويتها العربية، الأمر الذي يجعل الشاب يشعر بجدية الاحتلال حرمانه وبقية شبان القرية والزوار، من عين الحنية إلى الأبد، والتي ستصبح متنزهاً لليهود، يضم سلسة مطاعم وفنادق تقام على آلاف الدونمات غربي مدينة بيت لحم. وعندما ينتهي الاحتلال الإسرائيلي من عين الحنية، والتي تضم بعض البيوت القديمة من قرية الولجة المهجرة في عام 1948، سوف تُمحى المعالم العربية من قرية فلسطينية ما زال أهلها يتمسكون بأرضهم التي لا تبعد عنهم سوى مرمى جدار عازل.

المساهمون