15 مايو 2024
"عين الأسد" بين إسرائيل وإيران
عندما بدأت في العام 1980 بناء قاعدة القادسية (عين الأسد)، والذي اكتمل في 1987، وضعت القيادة العراقية آنذاك، في حساباتها العسكرية الإستراتيجية، أن تكون هذه القاعدة، بمواصفاتٍ متقدمةٍ من جهة المواصفات التحصينية لملاجئ الطائرات والأفراد من الطيارين وللثكنات العسكرية الخاصة بالقوات المكلفة بحماية القاعدة، والقاعدة تتسع بشكل مريح لأكثر من خمسة آلاف شخص، مع بنايات خدمية وملاعب ودور سكنية، وغيرها من المنشآت الضرورية.
سبب اهتمام الحكومة العراقية حينها بإنشاء هذه القاعدة، وتكليف الشركات اليوغسلافية ببنائها، ذو غرضين رئيسيين؛ أولهما أن تكون منطلقا لأي عمليات جوية، قد يضطر العراق لها لمهاجمة إسرائيل، وثانيها أن تكون حاضنةً للطائرات والهليكوبترات الحربية الحديثة، والتي كانت تشارك بعمليات جوية نوعية لضرب أهداف إيرانية إستراتيجية ومهمة.
شنت قوات التحالف الدولي، في أثناء حرب الخليج الثانية في العام 1991، ضربات جوية مكثفة بقنابل ليزرية وانشطارية وغيرها، أدت إلى تعطيلها كليا، وتدمير ما كان فيها من
الطائرات، والتي كان العراق قد هرّب أعدادا منها إلى إيران! ثم وخلال حرب احتلال العراق عام 2003، كانت قاعدة القادسية من الأهداف المحورية للقوات الأميركية، فاحتلتها من دون وجود أي قوات مقاتلة فيها، أو طائرات مقاتلة، باستثناء بضع مروحيات، وأطلقت عليها اسم عين الأسد. وفي العام 2011، وبعد قرار الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، سحب قوات بلاده من العراق، ظن الجميع أن القاعدة ستعود للإدارة العراقية، لكن الولايات المتحدة اشترطت، ضمن التفاهمات التي سبقت توقيع الاتفاقية الأمنية بين البلدين، أن تكون القاعدة تحت السيطرة الأميركية الكاملة، وخارج نطاق السيادة العراقية.
خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قاعدة عين الأسد، لتهنئة جنوده بأعياد الميلاد، كشف بـجهل أمني واضح عن وجود قوات النخبة لقوات البحرية الأميركية الخاصة "نيفي سيلز" في هذه القاعدة، من خلال مصافحته جنودا من هذه القوات، ونشر الفيديو الخاص بهذه المصافحة عبر حسابه في "تويتر"، مخالفا القواعد الرسمية، وبما يضرّ بسرية وجود الجيش الأميركي وعملياته في المناطق الساخنة تحديدا.
المفارقة في موضوع زيارة ترامب قاعدة عين الأسد ليست في موضوع عدم إعارته الاهتمام للأعراف الدبلوماسية التقليدية في الالتقاء برئيس وزراء العراق رسميا، كما فعل الرئيسان السابقان، جورج دبليو بوش وباراك أوباما، في زياراتهما القاعدة القاعدة نفسها، وإنما في تصريحات ترامب الخطيرة في كلمته لقواته في هذه القاعدة، وهي بدلالات تقطع الشك باليقين، مثل عدم الانسحاب من هذه القاعدة، وبقائها قاعدة أمامية للجيش الأميركي، لمواجهة أي خطر لتنظيمات إرهابية في سورية وغيرها. وهذه تصريحات تعيدنا إلى الأسباب التي أنشئت هذه القاعدة من أجلها: مواجهة الخطرين، الإسرائيلي والإيراني، مع تعديل جوهري يقلب المعادلة من "مواجهة الخطر الإسرائيلي" إلى "حماية أمن إسرائيل"؛ ذلك أن الموقع الجغرافي الإستراتيجي للقاعدة يجعل منها الأفضل على مستوى كل أماكن وجود القوات الأميركية وقواعدها في المنطقة لهذين الغرضين.
يستدعي واقع الحال على الأرض، ومن خلال العقوبات المفروضة على إيران، من قيادة هذا البلد أن تنظر بعين الجد والمراقبة إلى الخطر الأميركي - الإسرائيلي المقبل، وربما بدعم من دولٍ في الخليج العربي، كالعربية السعودية والإمارات، ذاك أن وجود أعداد كبيرة من قوات النخبة، مع إضافة أعداد أخرى ربما ستلتحق بهم من القوات المنسحبة من سورية، إضافة إلى وجود أحدث الطائرات الأميركية المقاتلة والمساندة في قاعدة عين الأسد لن تكون للنزهة، أو للمجازفة بتعريضهم لهجماتٍ، ربما تكون من مليشيات عراقية، مثل عصائب أهل الحق وسواها.
ينظر العراقيون إلى عدم اكتراث ترامب بالحكومة المركزية في بغداد، وتجاهله الأعراف الدبلوماسية تجاهها، وهم غاضبون لذلك، لكن من الأجدر بهم أن يدرسوا الأمر بعناية، ويحتسبوا لقادمات الأحداث التي ربما ستضعهم في قلب المتغيرات والمواجهات، سواء مع هذا الطرف أو ذاك.
شنت قوات التحالف الدولي، في أثناء حرب الخليج الثانية في العام 1991، ضربات جوية مكثفة بقنابل ليزرية وانشطارية وغيرها، أدت إلى تعطيلها كليا، وتدمير ما كان فيها من
الطائرات، والتي كان العراق قد هرّب أعدادا منها إلى إيران! ثم وخلال حرب احتلال العراق عام 2003، كانت قاعدة القادسية من الأهداف المحورية للقوات الأميركية، فاحتلتها من دون وجود أي قوات مقاتلة فيها، أو طائرات مقاتلة، باستثناء بضع مروحيات، وأطلقت عليها اسم عين الأسد. وفي العام 2011، وبعد قرار الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، سحب قوات بلاده من العراق، ظن الجميع أن القاعدة ستعود للإدارة العراقية، لكن الولايات المتحدة اشترطت، ضمن التفاهمات التي سبقت توقيع الاتفاقية الأمنية بين البلدين، أن تكون القاعدة تحت السيطرة الأميركية الكاملة، وخارج نطاق السيادة العراقية.
خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قاعدة عين الأسد، لتهنئة جنوده بأعياد الميلاد، كشف بـجهل أمني واضح عن وجود قوات النخبة لقوات البحرية الأميركية الخاصة "نيفي سيلز" في هذه القاعدة، من خلال مصافحته جنودا من هذه القوات، ونشر الفيديو الخاص بهذه المصافحة عبر حسابه في "تويتر"، مخالفا القواعد الرسمية، وبما يضرّ بسرية وجود الجيش الأميركي وعملياته في المناطق الساخنة تحديدا.
المفارقة في موضوع زيارة ترامب قاعدة عين الأسد ليست في موضوع عدم إعارته الاهتمام للأعراف الدبلوماسية التقليدية في الالتقاء برئيس وزراء العراق رسميا، كما فعل الرئيسان السابقان، جورج دبليو بوش وباراك أوباما، في زياراتهما القاعدة القاعدة نفسها، وإنما في تصريحات ترامب الخطيرة في كلمته لقواته في هذه القاعدة، وهي بدلالات تقطع الشك باليقين، مثل عدم الانسحاب من هذه القاعدة، وبقائها قاعدة أمامية للجيش الأميركي، لمواجهة أي خطر لتنظيمات إرهابية في سورية وغيرها. وهذه تصريحات تعيدنا إلى الأسباب التي أنشئت هذه القاعدة من أجلها: مواجهة الخطرين، الإسرائيلي والإيراني، مع تعديل جوهري يقلب المعادلة من "مواجهة الخطر الإسرائيلي" إلى "حماية أمن إسرائيل"؛ ذلك أن الموقع الجغرافي الإستراتيجي للقاعدة يجعل منها الأفضل على مستوى كل أماكن وجود القوات الأميركية وقواعدها في المنطقة لهذين الغرضين.
يستدعي واقع الحال على الأرض، ومن خلال العقوبات المفروضة على إيران، من قيادة هذا البلد أن تنظر بعين الجد والمراقبة إلى الخطر الأميركي - الإسرائيلي المقبل، وربما بدعم من دولٍ في الخليج العربي، كالعربية السعودية والإمارات، ذاك أن وجود أعداد كبيرة من قوات النخبة، مع إضافة أعداد أخرى ربما ستلتحق بهم من القوات المنسحبة من سورية، إضافة إلى وجود أحدث الطائرات الأميركية المقاتلة والمساندة في قاعدة عين الأسد لن تكون للنزهة، أو للمجازفة بتعريضهم لهجماتٍ، ربما تكون من مليشيات عراقية، مثل عصائب أهل الحق وسواها.
ينظر العراقيون إلى عدم اكتراث ترامب بالحكومة المركزية في بغداد، وتجاهله الأعراف الدبلوماسية تجاهها، وهم غاضبون لذلك، لكن من الأجدر بهم أن يدرسوا الأمر بعناية، ويحتسبوا لقادمات الأحداث التي ربما ستضعهم في قلب المتغيرات والمواجهات، سواء مع هذا الطرف أو ذاك.