"عيد الأم" حلم امرأة بالسلام

21 مارس 2014
+ الخط -

عيد الأم ليس يوما تاريخيا توارثته الأجيال عبر القرون، ولا اختراعا أمميا تبنته المؤسسات الدولية الكبرى فتشجعت الدول وتفاعلت الجماهير، لكنه كان حلم امرأة "أم" في تحقيق السلام، وإرادة امرأة لم تكلّ لتكريم لائق بالأمهات والوفاء لدورهن وتحملهن المآسي التي نكبت بيوتهن وأسرهن.

بدأت قصة "عيد الأم" في إحدى مناطق ولاية فرجينيا الأميركية، إبان الحرب الأهلية الأميركية التي نشبت بسبب انفصال عدد من الولايات الأميركية وتأسيسها كيانا جديدا باسم "الولايات الكونفدرالية الأميركية" وإعلانها الحرب على الولايات المتحدة في حرب امتدت بين 1861 و1865، وراح ضحيتها أكثر من مليون وثلاثون ألف أميركي، وهو العدد الذي يفوق القتلى الأميركيين في كل حروب أميركا مجتمعة ويقارب 3 بالمئة من عدد سكان أميركا في هذا الوقت، وسجل موت 8 بالمئة من الذكور البيض من عمر 13 عاما إلى 43 عاما.

أثقلت الحرب وهول القتل قلوب الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن وأزواجهن، وحدثت بعض المحاولات لتجتمع الأمهات معا يواسي بعضهن بعضا ليخففن شيئا من آلام فقد أبنائهن، حتى تمنت "أم" أن يجتمع المتحاربون على حب أمهاتهم ويتركوا الحرب.

كانت آن ميري جارفيس الأم التي أنجبت أحد عشر ابنا ولم يبق منهم أحياء سوى أربعة فقط، تقول "في وقت ما، وفي مكان ما، سينادي شخص ما بفكرة الاحتفال بعيد الأم"، وتقول إذا قامت كل أسرة من هذه الأسر المتحاربة مع بعضها بتكريم الأم والاحتفال بها سينتهي النزاع والكره الذي يملأ القلوب.

وحملت هذه الفكرة ابنتها "آنا جارفيس" التي راحت تراسل المسؤولين في ولاية فرجينيا حتى تم الاحتفال بأول عيد للأم في الولاية في 12 مايو/أيار 1907، واستمرت تكتب وتدعو لذلك حتى أقر الرئيس الأميركي ويلسون في 9 مايو 1914 احتفال الولايات المتحدة بعيد الأم.

اليوم تحتفل أكثر من 40 دولة على مستوى العالم بالأم، رغم اختلاف الأيام التي تخصصها كل دولة لهذه المناسبة.

وكانت مصر أول دولة عربية تخصص يوما للاحتفال بالأم، وأول من طرح الفكرة هو الكاتب الصحفي "مصطفى أمين" صاحب ومؤسس جريدة أخبار اليوم المصرية، وطرحها في كتابه "أمريكا الضاحكة" عام 1943، ثم كتب عنها في عموده اليومي "فكرة" قائلا: لماذا لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه "يوم الأم" ونجعله عيدا قوميا في بلادنا وبلاد الشرق، وذلك بعد أن زارته إحدى الأمهات في مكتبه وقصت عليه قصتها وكيف أنها ترمَّلت وأولادها صغار، ولم تتزوج، وكرست حياتها من أجل أولادها، وظلت ترعاهم حتى تخرجوا في الجامعة وتزوجوا واستقلوا بحياتهم، وانصرفوا عنها تماماً.

فكتب مصطفى أمين وأخوه علي أمين يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة يوم لرد الجميل وتذكير بفضلها، وانهالت الخطابات عليهما تشجيعا للفكرة، وعرضها على الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وتم اختيار يوم 21 مارس/آذار ليكون عيدًا للأم، وهو أول أيام فصل الربيع؛ ليكون رمزًا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة، ومن مصر انتقل الأمر إلى عدد من بلدان العالم العربي.

اليوم 21 مارس تستقبل كثير من الأمهات في العالم العربي هذه الذكرى وهن يعانين حرقة القلب على أولادهن الذين راحوا ضحية لسلطات القهر والديكتاتورية، ويأملن أن تداوى أوجاعهن أو تتوقف آلة القتل التي تضيف الكثير من الأمهات كل يوم إلى سجل المفجوعات في أبنائهن.

دلالات
المساهمون