"عهد الأمان": قراءة جديدة في "بايات" تونس

تونس

خباب عبد المقصود

avata
خباب عبد المقصود
27 فبراير 2017
4FF243E0-550E-4D4C-A393-876BD81FDA4F
+ الخط -

يشير مؤرّخون تونسيون في عددّ من المؤلّفات إلى أن دولة الاستقلال قد سعت إلى طمس تاريخ الأسرة الحُسينية التي حكمت تونس طوال قرنين ونصف، أي حتى الاستقلال بعد أن جرى اعتماد النظام الجمهوري. في هذه الرواية الرسمية، اعتبرت فترة حكم الحسينيين مرحلة سوداء أفضت إلى الاستعمار، غير أن رؤية مضادّة تشير إلى أنهم بذلوا جهودهم من إصلاحات ووضعوا لبنات الحداثة في تونس غير أنها باءت بالفشل لأسباب تتجاوزهم.

في السنوات الأخيرة، ثمّة محاولات عديدة لإعادة الاعتبار إلى تاريخ الحسينيين من إطار جدالات المؤرخين إلى أعمال فنية كالأفلام الوثائقية والروايات، وها هي تتمظهر في معرض بعنوان "عهد الأمان: نهضة أمة" الذي يُختتم مساء اليوم، في "قصر سعيد" في تونس العاصمة.

يقدّم المعرض لوحات (بورتريهات) أعيد ترميمها عن رجالات الدولة الحسينية، إضافة إلى أكسسواراتهم كأزيائهم الرسمية وأسلحتهم الخفيفة وبعض المخطوطات والميداليات، وقد استمر العمل على هذا المشروع ستة أشهر. علماً أن "قصر سعيد" الذي يحتضن المعرض هو نفسه من آثار الحسينيين، وقد تمّت صيانته أيضاً ضمن نفس المشروع الذي ترعاه كل من مؤسسة "رامبورغ" و"معهد التراث" في تونس.

يركّز المعرض بالخصوص على القرن التاسع عشر، والذي يُبرزه كفترة نهضة (يقابل ما يعرف بالنهضة العربية في مصر والشام) من خلال توضيح الإصلاحات التي قام بها الحسينيون من أجل إنقاذ البلاد. عنوان المعرض "عهد الأمان" يشير إلى الوثيقة الأساسية في هذا المسار الإصلاحي، وهو عبارة عن دستور صغير يمنح "الأمان" لكل من هو تحت رعاية "الباي" (الملك الحسيني) أي ضمن سلطته الترابية.

"عهد الأمان" يمثّل مصدر إشكال في قراءات تاريخ تونس، ففي حين اعتبره البعض لبنة الحداثة لأنه أوّل نص قانوني/ عقد بين حاكم عربي وشعبه، يعتبره آخرون تنازلاً عن السيادة الوطنية وخطوة أولى أدّت إلى مزيد من تغلغل القوى الأجنبية في تونس، فـ "الأمان" الذي منحه الباي كان أيضاً للقنصليات الأجنبية (الإيطالية والفرنسية والبريطانية) التي كانت لها أطماعها في تونس، وهي التي ستضرب كل الإصلاحات اللاحقة وصولاً إلى بداية الاحتلال العسكري الفرنسي في 1881.

المساهمون